حيرة تسكن المهاجرين غير القانونيين في تونس.. بين العودة إلى ديارهم أو البحث عن وجهة جديدة

تونس - تقف ناتاشا أمام مقرّ المنظمة الدولية للهجرة بالعاصمة تونس وتقول والدموع تنهمر من عينيها “في سيراليون ليست لديّ أسرة، ولا مكان أذهب إليه، أرجوكم ساعدونا”.
ناتاشا هي واحدة من عشرات من المهاجرين غير القانونيين من دول جنوب الصحراء الذين كانوا يتنقّلون منذ شهور بين مكاتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومكاتب المنظمة الدولية للهجرة في منطقة البحيرة في تونس العاصمة.
وزادت أوضاع هؤلاء المهاجرين تعقيدا وتدهورا بعد خطاب للرئيس التونسي قيس سعيّد الأسبوع الفائت شدّد فيه على وجوب اتّخاذ “إجراءات عاجلة” لوقف تدفّق المهاجرين غير القانونيين من أفريقيا جنوب الصحراء إلى بلاده، مؤكّداً أنّ هذه الظاهرة تؤدّي إلى “عنف وجرائم”.
150
مهاجرا غينيا تم نقلهم في أول عملية إجلاء السبت، وفقا لدبلوماسي مالي.
وتضيف ناتاشا وهي تظهر أجزاء من غطاء وملابس وسط القمامة “طُردت من مسكني منذ أسبوعين، وتعرّض أصدقائي للضرب. هنا نعاني كثيرًا، وننام على الأرض، ونحن نساء ولا يمكننا أن نغتسل”.
كثيرون على غرار ناتاشا من سيراليون وآخرون من غينيا كوناكري والكاميرون وتشاد والسودان وصلوا بشكل غير قانوني إلى تونس في الأشهر الأخيرة ووجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها محرومين من العمل الذي كان بالكاد يكفيهم لتحصيل قوتهم. وأغلب هؤلاء المهاجرين يتحدّرون من بلدان لا سفارات لها في تونس.
وفرّ المالي مؤمن صو (29 عاما) من محافظة صفاقس (شرق)، حيث كان يعمل نادلًا لمدة عامين. ويقول لفرانس برس “دخل تونسيون منزلنا وأخذوا كلّ شيء منّا. لدي فقط الملابس التي أرتديها. لا أملك سوى هاتفي”.
ويريد صو العودة إلى بلده. ويضيف “غادرت لأنني أردت إنقاذ حياتي. لا يمكنني البقاء مع كل ما أراه هنا”.
وبالموازاة مع ذلك، لجأ ما يقرب من مئة مهاجر من ساحل العاج ومالي إلى مقري سفارتيهما في تونس وتم الاعتناء بهم بشكل عاجل تمهيداً لترحيلهم خلال أيام.
ونظمت غينيا أول عملية إجلاء الأربعاء ومن المقرر أن تبرمج باماكو رحلة تقل 150 مهاجرا السبت، وفقا لدبلوماسي مالي.
ونفت السلطات التونسية الخميس ترحيل أي مواطن أجنبي بصفة قسرية من البلاد، مؤكدة “تسجيل طلبات عودة طوعية لمقيمين بصفة غير شرعية”.
وقالت وزارة الخارجية التونسية “تبعا لما يتم تداوله من أخبار تتعلق بالترحيل القسري من تونس لعدد من المهاجرين من البلدان الشقيقة لجنوب الصحراء، يهم وزارة الشؤون الخارجية أن تؤكد على أن السلطات لم تقم بترحيل أي مواطن أجنبي بصفة قسرية من بين هذه الجاليات”.
السلطات التونسية تنفي ترحيل أي مواطن أجنبي بصفة قسرية من البلاد، مؤكدة "تسجيل طلبات عودة طوعية"
وأشارت الوزارة إلى أنه “في المقابل تم تسجيل طلبات للعودة الطوعية لمقيمين بصفة غير شرعية إلى بلدانهم يتم التعامل معها بصفة إيجابية وفي إطار احترام الإجراءات القانونية”.
وعلق مهاجرون أمام مقر المنظمة الدولية للهجرة حبالا نشروا عليها ملابسهم، بينما شرع البعض الآخر في إعداد الطعام أمام خيام صغيرة. وبين الفينة والأخرى يخرج موظفون من المنظمة لإحصاء المهاجرين وتسجيل أسمائهم.
وتقول مسؤولة في المنظمة عبر الهاتف “نحن مرهقون، لا يمكننا العثور على سكن لهم جميعًا، ويريد البعض الاستفادة من برامج العودة الطوعية”.
وديالو إيساغا (24 عامًا) واحد من بين هؤلاء. ويؤكد “لقد وصلت قبل شهر ووجدت نفسي في قلب الأزمة، إنّها صعبة للغاية، لقد طُردت، لا يمكنك العمل ولا يمكنني المغادرة بلا شيء”.
وتستبعد ناتاشا وصديقاتها العودة إلى سيراليون، وتؤكد “لقد اقترضت المال من أجل المجيء إلى هنا، أريد أن أذهب إلى مكان آخر، إلى أوروبا أو أي مكان آخر، على أن لا أبقى هنا. أتمنى أن يساعدنا العالم”.
وعند حلول الليل، يجلب متطوعون تونسيون وأجانب الطعام والماء والأغطية الصوفية وبعض الخيام التي تجمعها الجمعيات، بينما يقدم أطباء متطوعون الرعاية لبعض المهاجرين.