"حياتي مبهدلة" لمحمد سعد.. ولفيلمه أيضا

على أحد المواقع المصرية المتخصصة في استعراض الأفلام السينمائية الحديثة لاستطلاع رأي الجمهور فيها، لخص أحد المشاركين رأيه في أحدث أفلام النجم المصري محمد سعد “حياتي مبهدلة” بجملة قصيرة شديدة البلاغة، حينما قال أن الفيلم هو الجزء الثاني من فيلم سعد السابق “تتح”، مضيفا أنه التكرار الذي يؤدي إلى الفشل.
الثلاثاء 2015/08/11
فيلم لم يأت بجديد في مشوار "اللمبي"

اعتقد النجم الكوميدي محمد سعد أن الإصرار على (كاريكتير) “اللمبي” صاحب لغة وملامح معينة هو الحد الكافي لإسعاد الجماهير التي تنتظره بين الحين والحين، وهو رهان خسره سعد في فيلم “حياتي مبهدلة” الذي يمكن القول إنه ينتقص من شعبيته لدى الكثيرين، في وقت تشهد الساحة الفنية فيه تنافسا كبيرا، وعرضا أكبر من الوجوه الكوميدية الجديدة، خلال الفترة الماضية في مقدمتهم شباب فرقة “تياترو مصر” الذين فرضوا أنفسهم في عدد كبير من المسلسلات التي عرضت في رمضان الماضي.

“حياتي مبهدلة” الذي يعرض حاليا بالقاعات المصرية لم يأت بجديد في مشوار “اللمبي”، حيث يقدم فيه محمد سعد استكمالا لشخصية “تتح” وقد ظهر في آخر أفلامه، يتلعثم في النطق ويسير بطريقة تقترب من المعاقين، ورغم هذا إلاّ أنه يعمل كحارس في أحد المولات التجارية.

الفيلم يخلو من المشاهد الكوميدية أو الحبكة الدرامية، ويمكن أن تغفر لأحداثه المملة رغم محاولة صناع العمل استخدام الغرافيك في الأحداث لإضفاء نوع من الإثارة على أحداثه التقليدية.

من الواضح أن الاستعجال في تصوير الفيلم الذي تم في أسبوعين حتى يلحق العرض في عطلة شمّ النسيم كما قيل وقتها، ومع ذلك لم يعرض في ذلك الوقت، أثر على جودة صناعته فظهر السيناريو مهترئا بشكل ملفت للمشاهد العادي، وخلا تقريبا من الحبكة المطلوبة لأي فيلم ناجح.

الاستعجال في تصوير الفيلم الذي تم في أسبوعين حتى يلحق العرض في عطلة شمّ النسيم كما قيل وقتها أثر على جودة صناعته

يتجلى هذا العيب في مشهد رخيص فنيا يحاول به النجم كسب تعاطف جمهوره من خلال ركوب الموجة السياسية دون أي مناسبة درامية، فبعد قيام “تتح” بإنقاذ المول الذي يحرسه من السرقة بخطة يتم فيها تحطيم كل سيارات الباركينغ، يقوم مراسل إحدى القنوات الفضائية التي يفترض أنها قناة الجزيرة القطرية بملاحقته للتسجيل معه حول بطولته وشجاعته، ويحاول إملاء بعض العبارات لـ”تتح” لذكرها خلال التسجيل معه مثل “أن الجيش والشرطة هما المحرضان على الأمر”.

وعندما يعلم البطل بهوية القناة يقوم بضرب المذيع وفريق العمل كاملا، ويظل يردد عبارات مثل “هو احنا بس اللي بلدنا فيها مصايب وانتوا معندكمش (ليس لديكم) حاجة”، في تحايل واضح لإقحام السياسة على فيلم كوميدي كنوع من مسايرة الواقع كغيره من الأعمال.

بين نموذجي “اللمبي” و”تتح” اللذين قدمهما النجم الكوميدي، تنشأ الكثير من الفوارق التي ربما انصب بعضها لصالح سعد، والآخر ضرب نجوميته في مقتل، فنموذج الرجل الشعبي البلطجي الذي بدأه من خلال شخصية “اللمبي” في مطلع الألفية الجديدة، كان الأكثر جذبا وانتشارا لعدة أسباب، في مقدمتها أن نموذج البطل الكوميدي الذي يخاطب فئة في المجتمع ويعبر عنها من خلال سلسلة من الأعمال، عبر نموذج يقترب من البسطاء بتصرفاتهم وأفعالهم اليومية، فأصبح اللمبي رمزا كوميديا لدى قطاع عريض من الكبار والصغار يحفظ “إيفيهاته” ومشاهد أفلامه عن ظهر قلب.

أما نموذج العبيط الذي قدمه محمد سعد في أفلامه الأخيرة مثل “كركر” و”تتح” فقد وقف في مرحلة لا تضيف إسهامات لرصيده، وربما بذل النجم قصارى جهده في تجسيد هذا النموذج، فليس من السهل أن يبقى محافظا على أدائه في جميع المشاهد، خاصة مشيته العرجاء، أو كونه أحول العينين، كما في الشخصية التي يقدمها، وإن كان موفقا بشكل كبير في هذا الأمر، بل يمكن أن تكون الشفيع الوحيد له وسط حفنة سيئات ارتكبها في “حياتي مبهدلة”.

محمد سعد يبقى بطلا لديه مقومات خاصة، استخدم القليل منها وربما وجد نجاحه في بعضها

يتمسك سعد في “حياتي مبهدلة” باستخدام ثيمة الأغنية الشعبية التي يقدمها في أغلب أفلامه، مثل ما قدمه من “دويتوهات” سابقة مع الفنانة مي عزالدين في فيلمه “اللمبي 8 جيجا”، والمطربة الشعبية بوسي في فيلم “تتح” وغيرها من أعماله السابقة بداية من “اللمبي”، لكنه يظهر هذه المرة مع الراقصة صافيناز، في مشهد مختلق تقوم بالرقص فيه مع النجم لاستكمال التوليفة المعتادة دون مناسبة له.

قضية “الأرواح والمس والجن والعفاريت”، جعلت مخرج العمل شادي علي يسرح بخياله مجددا في نسجه لمشهد غرافيك في إشارة غير مباشرة لشخصيات فيلم “هاري بوتر”، وهو الخيال الذي تميز به المخرج سابقا من خلال مسلسل “الرجل العناب” الذي اتخذ فيه نموذج “سبايدر مان” الشهير منبعا للأحداث، وربما يكون هذا المشهد الأفضل حظا وتوفيقا، لكونه ربط الخيال بالواقع في لقطات سريعة وخاطفة للعين وكأنه مشهد حلم. تتسع أزمة الفيلم في جعل البطل صاحب الشاشة “من الألف إلى الياء” دون خلق مساحات أوسع للشخوص الأخرى، وهي مشكلة أخرى تلقي بظلالها على كتاب السيناريو خصوصا في منطقة الكوميديا التي تتطلب تضافر شركاء كثر، حتى تصبح طازجة لا تتوقف عند حدّ شخص بعينه، وكما تؤكد المقولة الشهيرة “من السهل إبكاء الأشخاص، لكن ليس من السهل إضحاكهم”.

يبقى محمد سعد بطلا لديه مقومات خاصة، استخدم القليل منها وربما وجد نجاحه في بعضها، لكن المؤكد أن التراجع الذي يعيشه من عمل إلى آخر يؤهله مستقبلا لينضمّ إلى سلسلة النجوم الذين قضوا على موهبتهم بتقديم شخصيات مكررة.

16