حوافز صينية لتنشيط سوق العقارات المتعثرة

المسؤولون يواجهون صعوبة في إنعاش النمو الاقتصادي فيما تشهد البلاد تراجعا في قطاع العقارات وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب.
الأربعاء 2024/02/21
قمة الأخطار اختلال التوازن

بكين - قدمت الحكومة الصينية جرعة تحفيز لقطاع العقارات المتعثر في سياق محاولاتها لإنعاش اقتصادها الذي بدت عليه علامات الكآبة في الفترة الماضية بسبب التقلبات العالمية التي يبدو أنها أثرت كثيرا على السوق المحلية.

وخفّض البنك المركزي الثلاثاء سعر إقراض رئيسي مستخدم في تسعير الرهون العقارية بأكثر من المتوقع، في حين تسعى بكين إلى إنقاذ سوق العقارات من أزمة متفاقمة وتعزيز النمو الضعيف لاقتصاد البلاد.

ويواجه المسؤولون صعوبة في إنعاش النمو الاقتصادي، فيما تشهد البلاد تراجعا في قطاع العقارات وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، وذلك إضافة إلى التباطؤ العالمي الذي أثّر في الطلب على السلع من ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وأعلن المركزي أن سعر الفائدة الرئيسي على القروض لمدة خمس سنوات خُفِّض من 4.2 في المئة إلى 3.95 في المئة، وهو أول خفض منذ يونيو الماضي.

تشانغ تشيوي: خفض الفائدة على الرهون يعالج مشكلة انكماش النمو
تشانغ تشيوي: خفض الفائدة على الرهون يعالج مشكلة انكماش النمو

وهذا أكبر خفض في سعر الفائدة منذ أن بدأ تطبيقه في العام 2019، وفقا لبلومبرغ، وهو أعلى مما توقّعه الاقتصاديون الذين استطلعت وكالة الأنباء المالية آراءهم.

وبقي سعر الفائدة الرئيسي على القروض لمدة عام، والذي يعد بمثابة معيار لقروض الشركات، دون تغيير عند 3.45 في المئة، علما أن آخر خفض له كان في أغسطس 2023.

وفي مسح أجرته رويترز لآراء 27 من مراقبي السوق هذا الأسبوع، توقع 25 منهم خفض الفائدة على القروض لخمس سنوات ما بين خمس و15 نقطة أساس.

ويهدف قرار البنك المركزي إلى تشجيع البنوك التجارية على منح المزيد من القروض وبفائدة أفضل، لكنه يتناقض مع الخطوات التي اتخذتها معظم الاقتصادات الكبرى والمتمثلة في رفع الفائدة في محاولة للحد من التضخم.

وفي قلب المصاعب التي تواجهها البلاد أزمة غير مسبوقة في قطاع العقارات الذي يعدّ المحرك الرئيسي للنمو، والذي بقي لفترة طويلة يمثل أكثر من ربع الناتج المحلي الإجمالي.

وأدت المتاعب المالية في شركات كبرى مثل إيفردغراند وكانتري غاردن إلى زيادة عدم ثقة المشترين على خلفية مشاريع إسكان غير مكتملة وأسعار آخذة في الانخفاض.

وعلى مدى سنوات اعتبر عدد كبير من الصينيين العقارات استثمارات آمنة لكن انخفاض الأسعار أثر عليهم بشدة ولم يكن لتدابير الدعم التي أقرّتها بكين تأثير يذكر.

وقال المحلّل الاقتصادي تشانغ تشيوي لفرانس برس إن القرار قد يكون "خطوة أخرى في الاتجاه الصحيح لمعالجة مشكلة الانكماش التي تواجهها الصين".

ويمكن أن يكون الانكماش الذي يضر بالتوظيف والطلب عائقا أمام ربحية الشركات.

ويعتقد تشيوي، رئيس شركة بِنبوينت لإدارة الأصول وكبير الاقتصاديين فيها، أنه سيكون هناك خفض إضافي في أسعار الفائدة في الصين هذا العام.

وأكد أن قرار خفض الفائدة أكثر من المتوقّع "قد يشير إلى أن صنّاع السياسة يدركون الحاجة الملحة إلى اتخاذ إجراءات بسرعة".

وسجّلت الصين العام الماضي واحدا من أسوأ معدلات النمو السنوي منذ العام 1990، ما قلل الآمال في تحقيق انتعاش اقتصادي سريع بعد رفع القيود الصارمة التي فُرضت بسبب كوفيد في أواخر العام 2022.

وفي يناير الماضي انخفض مؤشر أسعار الاستهلاك بأسرع معدلاته منذ أكثر من 14 عاما، ما زاد الضغط على الحكومة لاتخاذ خطوات أكثر حزما لإنعاش الاقتصاد.

◙ البنك المركزي خفّض سعر إقراض مستخدم في تسعير الرهون العقارية بأكثر من المتوقع في حين تسعى بكين إلى إنقاذ سوق العقارات من أزمة متفاقمة

وقال تينغ لو، كبير الاقتصاديين الصينيين في مؤسسة نومورا للخدمات المصرفية الاستثمارية، في مذكرة “يهدف الخفض بوضوح إلى تعزيز أسواق العقارات المتعثرة".

لكنه أشار إلى أنه "سيتعين على بكين أن تقوم بالمزيد لإنقاذ المشاريع التنموية لتحقيق الاستقرار في سوق العقارات".

وأعلن المسؤولون في الأشهر الأخيرة سلسلة من الإجراءات بالإضافة إلى إصدار سندات سيادية بمليارات الدولارات، بهدف تعزيز الإنفاق على البنى التحتية وتحفيز الاستهلاك.

وفي الشهر الماضي أعلنت بكين أنها ستخفض نسبة متطلبات الاحتياطي، وهو المبلغ الأدنى الضروري لمؤسسات الإيداع.

لكنّ هذا التدبير والقرارات التي أعلنت أخيرا، بما فيها خفض البنك المركزي أسعار الفائدة وإجراءات تعزيز الإقراض، لم يكن لهما أي تأثير يذكر.

ورغم ذلك برزت بعض المؤشرات الإيجابية، فقد أظهرت بيانات رسمية الأحد الماضي أن الاستهلاك انتعش خلال عطلة رأس السنة الصينية، متجاوزا حتى مستويات ما قبل الجائحة.

ومع ذلك، حذر محللون من أن فترة العطلة التي كانت أطول بقليل من المعتاد هذا العام، تعني أنه من المرجح أن تكون المقارنة غير دقيقة.

10