حوافز حكومية جديدة لجذب المستثمرين إلى جنوب مصر

خفض إيجار المصانع وتأجيل مصاريف الصيانة 9 أشهر.
الخميس 2021/12/16
أمامك آلة. هل لديك المهارة لإدارتها بكفاءة؟

أمعنت مصر في تقديم المزيد من الحوافز للمستثمرين لتشجيعهم على شراء المجمعات الصناعية الجاهزة بجنوب البلاد، وفي محاولة منها للتغلب على عزوفهم عنها منحتهم فترة سماح من القيمة الإيجارية ومصاريف الصيانة لمدة تسعة أشهر من تاريخ تسليم الوحدة وخفض إيجار المتر ليصل إلى نحو 1.3 دولار كحد أقصى.

القاهرة - استكملت مصر خططها الرامية إلى تنمية الاستثمار بمحافظات جنوب البلاد (الصعيد) عبر قرارات تشجع على التوسع في إطلاق مشاريع صغيرة ومتوسطة ومتناهية الصغر وتبتعد عن بيروقراطية الحصول على تراخيص التشغيل من السلطات المحلية.

ووافق مجلس الوزراء على تقديم حوافز لمستثمري المجمعات الصناعية بتلك المحافظات في إطار مبادرة الهيئة العامة للتنمية الصناعية “مصنعك جاهز بالتراخيص”، وأنشأتها الهيئة الهندسية التابعة للقوات المسلحة لتمكين صغار المستثمرين من دخول المجال الصناعي.

وتشمل الحوافز 9 مجمعات بمحافظات المنيا وسوهاج وأسيوط وقنا والأقصر وأسوان، وتعمل بها مصانع في قطاعات المفروشات والصناعات الهندسية والغذائية والمستلزمات الطبية.

ودفع عزوف المستثمرين عن شراء تلك المجمعات بسبب ارتفاع سعرها وتكاليف تشغيلها السلطات إلى خفض رسوم الإيجار والخدمات بصورة غير مسبوقة، ورغم ذلك شكك مستثمرون في قدرة تلك الحوافز على جذب رجال الأعمال لشرائها، لأن لدى الحكومة حوافز أوسع وعدم منحها يحول المصانع إلى مبان خاوية.

محمود الشندويلي: ينبغي بيع المجمعات الصناعية بالتقسيط على مدى ثلاثين عاما

وشرعت القاهرة في تدشين المجمعات الصناعية بالصعيد منذ 2019، بغية تسريع وتيرة النمو الاقتصادي ومجابهة الفقر وتشغيل الشباب لما تمتلكه المنطقة من توافر العمالة الرخيصة والمواد الخام إلى جانب فرص التصدير عبر البحر الأحمر.

وحسب تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تصدر الصعيد قائمة المحافظات الأكثر فقرا بالبلاد، وسجلت محافظة أسيوط نسبة فقر بين سكانها بلغت 66.7 في المئة، وسوهاج 59.6 في المئة، والأقصر 55.3 في المئة، والمنيا 54 في المئة، وقنا 41 في المئة.

وتسعى الحكومة منذ سنوات لتسخير قوانين تعزز من توجه المستثمرين إلى الجنوب لخلق الوظائف والحد من الهجرة الداخلية الناشئة عن تردي الأحوال المعيشية للمواطنين في محافظات الصعيد.

ويمنح قانون الاستثمار حوافز خاصة للاستثمار في الصعيد، منها إعفاءات ضريبية تصل إلى 5 سنوات، ورد نصف قيمة الأرض المخصصة للمشاريع الصناعية حال بدء الإنتاج خلال عامين من تاريخ تسليم الأرض ومنح دعم لتشغيل العمالة عبر تحمل جزء من تكلفة تدريبهم.

كما تم تدشين شبكة طرق ضخمة من خلال المشروع القومي للطرق بأطوال تصل إلى 3400 كيلومتر باستثمارات تتجاوز 2.3 مليار دولار، لتسهيل نقل البضائع والخامات اللازمة للمصانع.

وتراهن الحكومة على الحوافز الحالية لجذب المستثمرين إلى تلك المنطقة، لاسيما مع قرب طرح المجمع الصناعي بداية 2022 في أسيوط للمستثمرين ويضم نحو 360 مصنعا، من خلال الشراء بالتقسيط أو الإيجار.

وقال علي حمزة رئيس جمعية مستثمري أسيوط لـ”العرب” إن “قرارات الحكومة تمثل تشجيعا للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، فضلا عن تشغيل المجمعات الصناعية التي كلفت السلطات استثمارات هائلة ولم تظهر آثارها عمليا حتى الآن”.

ولم تنجح الحكومة في تسويق المجمعات الصناعية الجاهزة بتراخيص التشغيل رغم أنها تحمي المستثمرين من البيروقراطية والفساد، لانتفاء الغرض من الاستثمار فيها وصعوبة تحقيق الأرباح من ورائها بسبب التكاليف الباهظة.

سطوحي مصطفى: أسعار الإيجارات الحالية مُغالى فيها وهي طاردة للاستثمارات

وأوضح حمزة أن سعر إيجار المتر بالمجمعات الصناعية الجديدة يتراوح بين 35 جنيها (2.2 دولار) و50 جنيها (3.2 دولار) قبل قرار الحكومة بالتخفيض، وتعد الخطوة الحالية تحولا جذريا لتعزيز المشاريع الجديدة في جنوب مصر.

وتكمن الأهمية الاقتصادية لطرح المجمعات في أنها تعزز تنمية الصعيد وتشجيع المشاريع الصغيرة وتشغيل الشباب ومن ثم تخفيف طابور البطالة الطويل والذي يتراوح بين 13.5 في المئة و35.4 في المئة في المحافظات الجنوبية.

وأكد علاءالدين مرسي رئيس جمعية مستثمري المنيا لـ”العرب” أن السلطات قامت ببناء مجمعات وفق تكنولوجيا حديثة، ولذلك فإن تكاليف إنشائها العالية لا تتناسب مع المشاريع الصغيرة والفئات الأخرى المستهدفة.

ولا تزال الحكومة في مرحلة الإخفاق بشأن تدشين تلك المجمعات لأنها لم تستطع تأجيرها للشباب بالأسعار التي حددتها، وقد تتوسع في الشريحة المستهدفة سواء بقصد كبار المستثمرين أو الأجانب، إذ تتوفر لديهم السيولة اللازمة.

وأوضح مرسي أن الحكومة قررت منح الراغبين في الشراء مهلة تسعة أشهر ثم يتم دفع تلك المتأخرات بأثر رجعي وبالتالي ينتفي الغرض من وجود محفزات.

وتتطلب الحوافز الحقيقية لتعزيز الاستثمار الصناعي في الصعيد إعفاء أصحاب المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر من الرسوم لمدة عام على الأقل كي يتمكنوا من شراء المعدات والآلات وتوفير العمالة وبدء الإنتاج والتسويق.

ومن شأن إمهال المستثمرين لتحمل تكاليف الإيجار والخدمات من العام التالي أن يسهم في نمو المشاريع الصغيرة وتشجيع الإقبال، وهو ما يظهر أثره جليا على الاقتصاد.

وأشار سطوحي مصطفى رئيس جمعية مستثمري أسوان لـ”العرب” إلى أن أسعار الإيجار بالمجمعات الصناعية مغالى فيها وطاردة للاستثمار بالمقارنة مع أسعار المجمعات القائمة التي يتراوح السعر فيها بين 3.5 جنيه (22 سنتا) إلى 6.5 جنيه (41 سنتا).

محمود الشندويلي: ينبغي بيع المجمعات الصناعية بالتقسيط على مدى ثلاثين عاما

وقال محمود الشندويلي رئيس جمعية مستثمري سوهاج لـ”العرب”، “خاطبنا الهيئة العامة للتنمية الصناعية، برفض الأسعار الحالية سواء للإيجار أو الشراء، واقترحنا بيع المجمعات للمستثمرين بالتقسيط على مدة تصل إلى 30 عاما مثل المجمعات الصناعية القديمة بالصعيد”.

وكشف أنه تم تأجيل الافتتاح الرسمي للمجمعات الصناعية الجاهزة بتراخيص التشغيل في الصعيد من جانب رئاسة الجمهورية لعدم الإقبال على شراء تلك المجمعات.

واقترح خفض سعر الإيجار للمتر إلى 10 جنيهات (63 سنتا) كحد أقصى، لأنه من غير المقبول أن يصل سعر المصنع الصغير الذي تبلغ مساحته 450 مترا إلى 4.5 مليون جنيه (287.5 ألف دولار) للتملك بخلاف الآلات والمعدات والخامات والتي تبلغ مجتمعة نحو 8 ملايين جنيه (511 ألف دولار).

وتجاهلت السلطات منح أي محفزات للمستثمرين على رسوم توصيل الخدمات والمرافق للمصانع، مثل الكهرباء أو المياه أو الغاز، وأسعارها مغالى فيها أيضا، وهي أحد أسباب عزوف الكثير من المستثمرين عن شراء المصانع الجديدة.

وطرحت الحكومة نحو 180 مصنعا جاهزا بالتراخيص في سوهاج للبيع في نوفمبر 2020، ولم يتم بيع سوى 15 فقط منها، ما يؤكد الإقبال الهزيل على الاستثمار الصناعي، كما يواجه أصحاب المصانع الذين قاموا بالشراء عراقيل تمنعهم عن بدء الإنتاج بسبب ارتفاع التكاليف.

وتتعامل الحكومة والهيئات المسؤولة عن الاستثمار والصناعة مع المجمعات والأراضي الصناعية بنظام المتاجرة، لذلك أسعارها مرتفعة وغير محفزة على الشراء، حيث تريد أن تحقق أرباحا من بيعها.

10