حوافز الدعم السعودية تعزز نشاط الشركات الناشئة

الحكومة السعودية تسرع عملية الحصول على تراخيص ريادة الأعمال لجذب المزيد من المستثمرين الأجانب.
الثلاثاء 2024/01/30
رؤية 2030 تحدث تحوّلا في مشهد الشركات الناشئة

الرياض - أعطت حوافز الدعم التي تقدمها الحكومة السعودية للشركات الناشئة أمانا أكبر لأعمالها، بينما كانت تعاني فيها نظيراتها في أماكن أخرى من العالم بسبب الظروف الجيوسياسية المتوترة، ما جعلها في صدارة الحاصلين على التمويلات إقليميّا.

وجمعت الشركات السعودية أكثر من نصف تمويلات القطاع في المنطقة العربية خلال 2023 مسجلة نموا بمقدار 22 في المئة بمقارنة سنوية، لتتجنب بذلك التباطؤ الذي شهدته منافساتها في العالم.

وجاءت هذه الفورة بينما تراجعت قيمة الأموال المستثمرة بالشركات الناشئة في الولايات المتحدة، وهي سوق معيارية، بنحو 30 في المئة خلال الفترة ذاتها، مسجلة 170.6 مليار دولار، وفقا لبيانات شركة بيتشبوك للاستثمار الجريء الصادرة في يناير الجاري.

ونسبت بلومبرغ الشرق إلى المدير التنفيذي لشركة ماغنيت فيليب بحوشي قوله إن “الشركات الناشئة في السعودية حصدت أكثر من 1.38 مليار دولار العام الماضي من خلال 125 صفقة، ما قلب مشهد التمويل شبه المتوقف، وأنعش قيمة الصفقات في القطاع”.

وتدفقت معظم التمويلات خلال الأشهر الأخيرة من 2023، بدعم مباشر من التمويل الذي حصلت عليه كل من تمارا وتابي للمدفوعات الإلكترونية ونعناع وفلاورد للتسوق الإلكتروني.

وبرر بحوشي الصورة المختلفة في السعودية بثلاثة عوامل رئيسية، هي توسيع البنية التحتية الرقمية، والسياسات الاستباقية من قبل الحكومة والكيانات التابعة لها، والوعي المتزايد بين المؤسسين والمستثمرين بالحلول القابلة للتطوير.

فيليب بحوشي: الشركات حصدت أكثر من 1.38 مليار دولار العام الماضي
فيليب بحوشي: الشركات حصدت أكثر من 1.38 مليار دولار العام الماضي

وكانت المبادرات، التي أطلقتها الحكومة والشركات التابعة لها، من بين أبرز العوامل الداعمة لهذا النمو. ولفت بحوشي إلى مبادرات من بينها تأسيس صندوق الصناديق (جدا)، إضافة إلى صندوق الابتكار التقني العميق بميزانية تقدر بنحو 200 مليون دولار.

وفضلا عن ذلك بناء جسر مع الهند لتسهيل الوصول إلى المواهب والموارد لرواد الأعمال، وأيضا إطلاق صندوق مشترك مع كوريا الجنوبية بقيمة 160 مليون دولار مخصص لدعم الشركات الناشئة.

وأعلنت أرامكو في يناير الجاري تخصيصها نحو 4 مليارات دولار إضافية لبرنامج رأس المال الجريء (المغامر)، مما يرفع إجمالي مخصصاتها في هذا المجال إلى 7.5 مليار دولار.

وتعد هذه الأنشطة أمثلة على مشهد الدعم الحكومي للشركات الناشئة، وتدل على أن الصناديق المدعومة من الدولة والسياسات الإستراتيجية تهدف إلى رعاية نظام الأعمال للشركات الناشئة.

ومن المتوقع أن يسهم هذا النظام بدور محوري في دفع النمو في القطاع خلال السنوات المقبلة، رغم الرياح الدولية المعاكسة.

ويقول وليد البلاع، الشريك العام بصندوق سُكنى فنشرز للاستثمار، إن مشهد النمو الذي شهدته البلاد جاء بسبب “التحولات الجوهرية” في مشهد ريادة الأعمال والسياسات والتنظيمات وظهور مديري صناديق متخصصين في الشركات الناشئة.

وأوضح لبلومبرغ الشرق أن التحول في مشهد ريادة الأعمال مرده قصص النجاح التي شهدتها المنطقة خلال السنوات الماضية، على غرار صفقة استحواذ أوبر على كريم أو حتى شراء أمازون لمنصة سوق، وهي قصص “غيّرت تفكير رواد الأعمال”.

وأكد أن هذه الصفقات وضعت الشركات المحلية على رادار شركات التمويل الإقليمية والعالمية، ما ظهر في أمثلة من بينها حصول شركة تابي لخدمة الدفع بالآجل، ومقرها دبي، على تسهيل ائتماني من جي.بي مورغان بقيمة 700 مليون دولار في ديسمبر الماضي.

وأسهمت رؤية 2030، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط، في إحداث تحوّل في مشهد الشركات الناشئة، حيث عملت على إلغاء القيود التنظيمية التي كانت تحدّ من نموها، وزادت من تدفق رؤوس الأموال وحسنت ظروف التمويل وتدفق المواهب.

وسبق أن أفاد نبيل كوشك، الرئيس التنفيذي للشركة السعودية للاستثمار الجريء، بأن أكثر من 13 شركة محلية ناشئة تستعد للإدراج خلال العامين الجاري والمقبل، ما يعطيها فرصة أكبر وانكشافا أعلى على رؤوس الأموال.

وتتطلب زيادة الاستثمارات وحلول التمويل جذب مهارات متخصصة ورواد أعمال. ولذلك أطلقت الحكومة هذا الشهر خمس فئات جديدة من تأشيرة الإقامة المميزة، من بينها الكفاءة الاستثنائية ورائد أعمال ومستثمر أعمال.

ويرى المتابعون أن الفئات الجديدة من التأشيرات يمكن أن تصب في خدمة الشركات الناشئة التي تبحث عن المواهب والمستثمرين.

ويعتقد البلاع أن المبادرات الحكومية أدت إلى تسريع عملية الحصول على تراخيص ريادة الأعمال وجذب المزيد من المستثمرين الأجانب إلى السعودية، لتصل نسبتهم إلى 50 في المئة من مستثمري رأس المال الاستثماري الجريء في 2022.

ورغم أن النمو الذي شهدته الشركات الناشئة شمل العديد من القطاعات إلا أن التكنولوجيا المالية كانت المهيمنة على المشهد، وهو ما تجلّى في صفقتي تمويل لتابي وتمارا مثلتا ما يزيد على 70 في المئة من قيمة التمويلات خلال العام الماضي.

الشركات السعودية جمعت أكثر من نصف تمويلات القطاع في المنطقة العربية خلال 2023 مسجلة نموا بمقدار 22 في المئة بمقارنة سنوية

ورجح بحوشي أن يُظهر المستثمرون اهتماما متزايدا بجولات المراحل المبكرة، ما يوفر فرصة للمشاريع الناشئة في السعودية خلال السنوات المقبلة.

واعتبر أن البلد الخليجي يستعد لأن يشهد طفرة في الشركات الناشئة التي تتوسع في الأسواق المحلية، وينخرط في مساع تنافسية للحصول على حصة في السوق.

وأشار إلى أن المشهد في السوق السعودية جاهز لعمليات الدمج، حيث تتطلع الشركات الناشئة المحلية في مرحلة النمو إلى التوسع في كل أنحاء المنطقة.

وفي الوقت ذاته يتطلع العديد من اللاعبين الإقليميين والعالميين إلى التوسع في السعودية، ما يعزز التنافسية ويسهم في نمو الشركات المحلية أيضاً.

ويطالب البلاع بضرورة فتح مجموعات قيمة جديدة أعمق في الاقتصاد، للوصول إلى المزيد من الشركات ذات القيمة المليارية، خاصة أن المنطقة شهدت تحول 5 شركات إلى هذه الفئة، وهي سويفل وكيتوبي وإي.أم.بي.جي وفوري وكريم.

وفقدت سويفل لاحقا هذا اللقب، ما يسلط الضوء على المخاطر التي تواجه الشركات الناشئة، ورحلتها التي لا تنتهي بمجرد الحصول على التمويل.

وإضافة إلى التكنولوجيا المالية والتسوق الرقمي ثمة قطاعات تحقق نموا في السعودية، على غرار الأغذية والمشروبات والخدمات اللوجستية، وفق البلاع الذي أشار إلى أن السوق لا تزال بحاجة إلى المزيد من هذه الخدمات.

ولكنه لفت إلى بعض المجالات الأخرى، مثل تكنولوجيا العقارات التي تحظى باهتمام أكبر من قبل شركات الاستثمارات، لاسيما مع وجود نية لإعادة هيكلة القطاع وجعله أكثر تنافسية، إضافة إلى التقنيات المتقدمة.

11