حوافز الاستثمار الرياضي تجذب راعي الليغا الإسبانية إلى مصر

بيئة مواتية للاستثمار الرياضي تعتمد على القاعدة الشعبية والزخم الحكومي.
الأحد 2022/03/20
الاستثمار الرياضي.. عندما تتحول الهواية إلى الاقتصاد

أعلن راعي الدوري الإسباني دخوله بشكل رسمي إلى مصر للعمل في هذا البلد خلال الفترة المقبلة بعد سنوات من رعاية الليغا، ومن ثمة يدخل مجال التسويق في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. واختارت شركة “سي إيه سبورتس” الإسبانية مصر لتكون مقرا لها في إطار توسيع عملياتها التسويقية. وأعلنت الشركة افتتاح مكتبها في العاصمة المصرية القاهرة لتوسيع عملياتها واقتحام سوق التسويق الرياضي في مصر والشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

القاهرة - منحت رؤية الحكومة المصرية لتوظيف الاستثمار الرياضي فرصة لمن يريدون الدخول في هذا المجال، وتقديم المزيد من التسهيلات للقطاع الخاص المحلي والأجنبي من أجل طرق أبواب الاستثمار في الرياضة، وهو ما ترتب عليه ظهور 40 ناديا خاصا خلال سنوات قليلة بعد أن كانت الهيمنة للأندية ومراكز الشباب الحكومية.

وأسهمت التحولات العديدة بهذا المجال في جذب راعي الدوري الإسباني، شركة “سي إيه سبورتس”؛ وذلك للعمل بشكل رسمي في السوق المصرية الفترة المقبلة والشروع في دخول مجال التسويق بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من البوابة المصرية، واختارت الشركة القاهرة مقرا لها في إطار التوسع في عملياتها التسويقية.

وأعلنت الشركة الراعية لـ”الليغا” الأربعاء أن تواجدها في القاهرة جزء من استراتيجية أكبر تسعى من خلالها إلى تقديم خدمات لزبائنها وتوسيع مجالات الاستثمار الرياضي بالتعاون مع قطاعات البنوك والتأمين والسيارات والأطعمة والمشروبات والأزياء والألعاب والعملات الموازية، خاصة أن الشركة حققت تطورات في كافة هذه القطاعات معتمدة على أحدث الوسائل التكنولوجية والتسويقية.

وجاءت خطوة الشركة الإسبانية بعد إقرار الحكومة المصرية مجموعة من الحوافز للأنشطة الاستثمارية الرياضية مؤخرا، حيث ألزمت كافة الجهات المختصة بتلقي طلبات المستثمرين لإصدار الموافقات أو التصاريح أو التراخيص اللازمة لإنشاء وتشغيل المشروعات الاستثمارية الجديدة والبت فيها خلال 20 يوم عمل من تاريخ تقديم الطلب، وألزمت الجهة المختصة بضرورة إعلام المستثمر مقدم الطلب بنتيجة البت قبولاً أو رفضاً خلال 5 أيام عمل من تاريخ انقضاء المدة المشار إليها.

تذليل العقبات

استثمار يدر أرباحا كبيرة على باعثي المشاريع
استثمار يدر أموالا لباعثي المشروعات الرياضية 

يحمل القرار تأكيدات على تبسيط إجراءات انطلاق المشروعات الرياضية ووضع إطار زمني محدد لأداء الخدمات للمستثمرين، على أن تشارك في ذلك الهيئة العامة للاستثمار -وهي جهة حكومية تختص بمنح التراخيص- وكافة الوزارات المعنية.

وتشمل قرارات الحكومة جميع الخدمات المقدمة في المجال الرياضي في صورة الإدارة أو التسويق أو التشغيل أو إدارة الألعاب الرياضية أو إنشاء الأندية الخاصة أو الأكاديميات أو الأندية الصحية أو مراكز اللياقة البدنية، ويجب أن تتخذ الشركات التي تنشأ لمزاولة هذه الأنشطة بأنواعها شكل الشركات المساهمة.

ويبرهن اختيار الشركة الإسبانية السوق المصرية على أن هناك بيئة مواتية للاستثمار في المجال الرياضي، وتعد الخطوة دليلا على أن هناك سوقا مفتوحة أمام ضخ الأموال المحلية والأجنبية.

وزارة الشباب والرياضة المصرية ستعقد الملتقى الدولي الأول للاستثمار والصناعة الرياضية في مارس الجاري 

ويتسم حجم المتعاملين مع الأنشطة الرياضية في مصر بالاتساع، ارتكازا على قاعدة جماهيرية كبيرة للعديد من الأنشطة الرياضية، إلى جانب التوسعات العمرانية المختلفة في مناطق مختلفة من البلاد والحاجة إلى وجود كيانات رياضية تخدم تلك المناطق.

ويفسر خبراء اهتمام الشركة الدولية بالسوق المصرية بما لدى “الليغا” من خبرات سابقة في مصر منذ تدشين رابطة الدوري الإسباني قبل خمس سنوات وتوسعها على مستوى الأنشطة الرياضية التي هدفت إلى تسويق “الليغا” والاتجاه نحو تدشين مشروعات استثمارية متباينة، من بينها تطوير كرة القدم النسائية.

وأطلقت “الليغا” في العام الماضي أكاديمية لكرة القدم في القاهرة لتدريب واكتشاف اللاعبين الشباب وعرضهم على فرق إسبانية، وتقدم بالتعاون مع جامعة (ESLSCA) الخاصة في مصر دورات تسويق رياضي تهدف إلى إضفاء الطابع الاحترافي على صناعة الرياضة من منظور عالمي.

وقال الناقد الرياضي علاء عزت إن السوق المصرية بحاجة إلى المزيد من الأفكار التي تحقق أفضل النتائج الإيجابية للاستثمار في مجال الرياضة، وإن دور شركة “سي إيه سبورتس” يعتمد على ابتكار أدوات تسويقية مختلفة عن تلك التي تنتهجها الشركات والأندية الخاصة العاملة حاليا، ونجاح خطواتها يتوقف على البيئة التي تدفع نحو جذب استثمارات أجنبية جديدة، ولا يتوقف الأمر عند مسألة تأسيس أكاديميات كرة القدم.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “وجود الراعي الرسمي لـ’الليغا’ في السوق المصرية كان من المفترض أن يحدث قبل ثلاث سنوات، والعوائد الكبيرة التي حققتها رابطة الدوري الإسباني جعلت شركات كبرى في إسبانيا تفكر في الاستثمار في مصر التي تحتل مرتبة متقدمة أفريقيا وعربيا من حيث حجم القوة البشرية والاستهلاك. غير أن وجود تعقيدات في تفاصيل تدشين المشروعات جعل دول الخليج تحقق نجاحات عدة مكنتها من أن تكون رائدة على مستوى الجذب في السوق الرياضية”.

اكتشاف الشبان

فرصة لاكتشاف مواهب يمكن أن تفيد الأندية الإسبانية
فرصة لاكتشاف مواهب يمكن أن تفيد الأندية الإسبانية 

تقدم “سي إيه سبورتس” التي تأسست عام 2017 خدماتها في مجالات جذب الاستثمارات والخبرات الإدارية من أكثر من عشر دول في العالم -مثل اليابان وتركيا والصين والبرازيل والإكوادور- ولديها شراكات مع مؤسسات رياضية عالمية مثل برشلونة وأتلتيكو مدريد ويوفنتوس وإنتر ميلان وريال بيتيس و”البالون دور”(جائزة الكرة الذهبية).

وأشار علاء عزت إلى أن الشركة الإسبانية تستفيد من الزخم الرسمي الداعم للأنشطة الاستثمارية الرياضية في مصر والحضور الفاعل من قبل وزير الرياضة أشرف صبحي لفعاليات تطلقها شركات خاصة للإعلان عن مشروعات، بهدف طمأنة المستثمرين بمدى استقرار السوق ودعم انتعاش الأندية وما حققته من مكاسب مؤخرا.

ومن المقرر أن تعقد وزارة الشباب والرياضة المصرية الملتقى الدولي الأول للاستثمار والصناعة الرياضية خلال الفترة من الخامس والعشرين إلى السابع والعشرين من مارس الجاري بمشاركة عدد من الشركات والمؤسسات المتخصصة في الاقتصاد والاستثمار الرياضي من دول العالم، لعرض تجاربها الناجحة في مجال الاستثمار الرياضي وعرض مصر فرصها أمام المستثمرين العرب والأجانب.

الانفتاح الاستثماري الرياضي في مصر قد يكون مقدمة للتنقيب والكشف عن المزيد من المواهب في ألعاب مختلفة

ويهدف الملتقى إلى فتح أسواق جديدة في مجال الاستثمار والصناعة الرياضية ونقل تجارب الدول المتقدمة والأندية الكبرى في تطبيق الذكاء الاصطناعي على قطاع الرياضة والرقمنة، وسيجمع أكبر عدد من المؤسسات والشركات والعاملين في مجال الصناعة الرياضية حول العالم لتجهيز أول جيل متخصص بأسلوب محترف في مجال تسويق المنتجات والمنشآت الرياضية في مصر والعالم العربي.

ويسود ارتياح في أوساط رياضية وقناعة بأن الفترة المقبلة سوف تشهد المزيد من التحولات على مستوى الأطر العامة لإدارة الأندية، وأن الاعتماد على تحقيق أرباح ومكاسب من وراء التوسع في تدشين الألعاب المختلفة داخل النادي الواحد لن يحقق القدرة على الاستمرارية، والتوسع في تدشين الأندية الاجتماعية وإقامة كيانات متخصصة في ألعاب بعينها أمر متوقع منه أن يخدم تطور الرياضة المصرية بوجه عام.

وقد يكون الانفتاح الاستثماري الرياضي مقدمة للتنقيب والكشف عن المزيد من المواهب في ألعاب مختلفة، ويمكن أن تتيح التجارب الجديدة إمكانية تدشين أندية داخل الأقاليم تعمل برؤية مغايرة لتلك التي تسير بها مراكز الشباب الحكومية المنتشرة في ربوع البلاد، والتي تتذمر دائما من نقص الإمكانيات للوصول إلى الكفاءات.

يعول نقاد مصريون على أن تكون الاستثمارات الأجنبية والمحلية مدخلا لتوظيف عائدات عقود الرعاية المختلفة التي تحقق مكاسب عديدة في مجال كرة القدم للاهتمام بالأنشطة الرياضية الأخرى، ويكون ذلك مصحوبا بحوافز جيدة والإسراع إلى إنجاز تعديلات في قانون الرياضة لإزالة المعوقات التي يصطدم بها المستثمرون.

تعديلات قانونية

دعم حكومي لامشروط للاستثمار الرياضي في مصر
دعم حكومي لامشروط للاستثمار الرياضي في مصر 

وبدأ البرلمان المصري يقبل مناقشة تعديلات القانون الذي جرى إقراره قبل خمس سنوات والذي واجه انتقادات على مستوى تدخل الجهات الحكومية في شؤون المستثمرين، حيث يتيح التفتيش عن القوائم المالية في الأعمال والاستثمار غير الرياضي، وأصبح عنصرا يحجم الأندية الرياضية في إنشاء الشركات عبر نصوص تؤكد عدم وجود مجلس إدارة في تلك الشركات.

وأوضح مالك ومؤسس نادي نجوم المستقبل محمد الطويلة أن مناخ الاستثمار الرياضي في مصر بحاجة إلى قدر كبير من المرونة الحكومية في التعامل مع تنوع أنشطة المستثمرين، وتوفير حرية الحركة والرأي والفكر والتعبير لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، لأن الجهود المبذولة على المستوى الاقتصادي قد لا تحقق المرجو منها إذا لم تتوفر الحصانة اللازمة للمستثمر للحصول على كافة حقوقه.

محمد الطويلة: مناخ الاستثمار الرياضي في مصر بحاجة إلى قدر كبير من المرونة

وذكر في تصريح لـ”العرب” أن “وجود الشركة الإسبانية يشكل إضافة مهمة للسوق المصرية، في انتظار التعرف على خطط التسويق التي تتبناها وحجم أنشطتها. وتكمن الميزة في دعم سمعة السوق وتحقيق طفرات بوجود شركة عالمية لها أنشطة متنوعة”.

وشدد على أن مصر تمتلك خبراء في التسويق الرياضي من الشباب القادرين على ابتكار أشكال مختلفة للارتقاء بالقيمة المالية والسوقية للأنشطة، والتعاون بين الشركة الإسبانية والكفاءات في الداخل يمكن أن يقود إلى نجاحات اقتصادية سريعة.

ويمثل الاستثمار الرياضي 2.7 في المئة من إجمالي الاستثمارات في القطاعات المختلفة بمصر، و8 في المئة من الاستثمار في قطاع السياحة الذي ترتبط عوائده بقطاع الرياضة، ويشكل 25 في المئة من حجم الاستثمار الرياضي في العالم العربي، وقد يصل حجم الاستثمار النشط في السوق إلى نحو 2 مليار دولار.

وقال الإسباني سينتو أغرام المؤسس والمدير التنفيذي لـCA، في تصريحات صحافية تعليقا على اقتحام السوق المصرية، “الشرق الأوسط كان دائما هدفا جذابا لشركتنا”.

وتابع “ندرك أهمية مخاطبة كل سوق بالطريقة المناسبة وفي التوقيت المناسب، ونعرف كيف نتعامل مع الفرص المتاحة للعمل بالشكل الذي يناسب الثقافة في المنطقة مع تطوير وتوسيع فرص الاستثمار بما يناسب حجمها، ولذلك نعتز بتعاوننا مع السيد أمير جرانة -مدير عمليات الشرق الأوسط – بما لديه من خبرة واسعة وعلاقات محترفة مع شركائه في المنطقة لتأسيس فرع الشركة في القاهرة واقتحام سوق التسويق الرياضي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”.

ويرى أغرام أنه بفضل هذا التوسع العالمي تستطيع الشركة تقديم خدماتها لزبائنها عن قرب وبعدة لغات مختلفة، وعلى رأس ذلك جذب استثمارات وخبرات إدارية من أكثر من بلد - مثل اليابان وتركيا والصين والبرازيل- لضمان تحقيق أفضل الخدمات والنتائج.

وتعمل الشركة مع أكبر الأندية العالمية مثل برشلونة وأتلتيكو مدريد ويوفنتوس وإنتر. كما تعمل مع العديد من السفراء الرياضيين مثل تشافي هيرنانديز ورونالدينيو وكارليس بويول وراؤول غونزاليس وكلارنس سيدورف.

18