"حواديت مصرية" لوحات نوستالجية تستعيد عالما أليفا يواجه الزوال

القاهرة - يفتتح الفنان التشكيلي المصري هاني رزق معرضه الجديد بعنوان “حواديت مصرية” وذلك مساء الثلاثاء الثامن من مارس الجاري بقاعة الباب سليم ساحة متحف الفن المصري الحديث بدار الأوبرا، ويستمر المعرض المقام برعاية وزارة الثقافة وقطاع الفنون التشكيلية في مصر حتى التاسع عشر من مارس.
ويقول الفنان خالد سرور رئيس قطاع الفنون التشكيلية “تستدعي تجربة الفنان هاني رزق السمات الواضحة للنوستالجيا في شخصيته الفنية. إذ يقدم مشاهد من موروث العادات والتقاليد للبيئة المصرية الأصيلة خاصة في الريف والأحياء الشعبية”.
ويضيف سرور “يحرص الفنان بوعي على الاختزال في اللون والعناصر ليكون الإنسان هو نقطة الضوء الخاطفة للعين فيدفعنا إلى تأمله وتأمل الحالة التي هو عليها لأن الشغف عنده هو هذه الأجواء من البساطة والأصالة في المجتمع المصري”.

لوحات المعرض تحرص بوعي فني على الاختزال في اللون والعناصر الأخرى ليكون الإنسان هو نقطة الضوء الأساسية
ويقدم الفنان في معرضه الجديد سلسلة من الحكايات البصرية التخييلية تنغمس في التربة الشعبية والبيئة المحلية بقدرات تعبيرية وتصويرية ودرامية فائقة الحساسية.
وعن أعماله ذكر الكاتب الصحافي سيد محمود أنه “على الرغم من رحابة عالمه الفني وتعدد تكنيكاته إلا أن لوحاته في المجمل تعكس مجموعة من العلامات التي تظهر انشغاله بإنتاج أعمال وثيقة الصلة بمفهومه عن الهوية المصرية في طبقاتها الحضارية المختلفة، لذلك يلجأ الفنان إلى استدعاء رموز وأساطير ومشاهد من الحياة اليومية ويعيد صياغتها بصرياً، ليس فقط بغرض التوثيق وإنما بغرض تأكيد فكرة الانتماء إلى هذا العالم الأليف ومواجهة زواله”.
وعن تجربة الفنان يقول الناقد عزالدين نجيب “نستطيع أن نسمى هاني رزق فنان الأسرة والأمومة، بما تمثله الأم من حنان وعطاء بغير مقابل. وهو فنان متجذر الانتماء إلى روح فترة الستينات رغم انتمائه أكاديميًّا إلى جيل الثمانينات، فهو فنان ملتزم بالواقع والمجتمع، وبالتراث الفني والثقافي للشعب واستلهامه وإعادة صياغته، لهذا فهو حميم الارتباط بالجماعة وبرسالة الفنان ومسؤوليته تجاهها كي يبث فيها قيم الأصالة ويمنحها الطاقة الإيجابية النابعة من الفطرة القائمة على المحبة والسلام”.
ويضيف “هذه الرسالة استدعت بساطة أسلوبه التعبيري، وتكثيف الفطرة الإنسانية لديه ليخاطب بهما ذائقة التلقي الجمالي لدى مختلف المستويات الثقافية وطبقات المجتمع وفئاته المتنوعة، فيتذوقه المواطن البسيط كما يتذوقه المثقف والمتعلم وغير المتعلم”.
ويشير الناقد سيد قنديل إلى أن رزق يأخذ متلقيه في رحلة داخل الهوية البصرية المصرية بما تحمله من زخم وثراء، حيث يختزل في مجموعته اللونية وخطوطه وتكويناته التي تنبع من البراءة والعفوية مرحلة الطفولة بشفافيتها ووضوحها وانعزالها عن صراعات المادة والتكنولوجيا، مبرزًا قوة الخط وليونته في تكوينات محكمة وتعبير سهل وخيال متجدد.
ويعود بنا المعرض الجديد للفنان إلى معرض سابق قدمه خلال العام الماضي وهما متشابهان في الثيمات والاشتغال على الخصوصية المصرية. فعلى غرار أعماله الجديدة قدم رزق العام الماضي معرضا بعنوان “رؤية مصرية” فى غاليرى بيكاسو الزمالك، وتناول رؤية تشكيلية معاصرة الموضوعات الاجتماعية المصرية وارتباطها بالبيئة والتراث المصري من خلال الخط في حصار وتجسيد للأفكار على سطح اللوحة من خلال تراكيب رمزية خاصة ذات دلالات تعبر عن خصوصية الشخصية المصرية.
هاني رزق يقدم في معرضه الجديد سلسلة من الحكايات البصرية التخييلية تنغمس في التربة الشعبية والبيئة المحلية بقدرات تعبيرية وتصويرية ودرامية فائقة الحساسية
وفي معرضه السابق حاول رزق التركيز على أبجديات الشكل والمضمون في محاولة لدمج التراث القديم بالواقع المعاش في نفس البيئة مع استلهام بعض المفردات الفنية، وهو ما يبدو أنه مشروع فني ينتهجه الفنان حتى في معرضه الجديد.
ويتخفف الفنان في لوحاته من الزوائد والتزويق والانشغال بدقة الضوء والظلال ليعود بنا ببساطة إلى الماضي، ماض غير متكلف تراه الطفولة بأعينها البريئة والحكمة بكل رصانتها ورمزياتها.
ويذكر أن الفنان هاني محمد رزق تخرج من كلية التربية الفنية سنة 1990، حصل على درجة دكتوراه الفلسفة في التربية الفنية تخصص رسم وتصوير عام 2003، كما حصل على درجة أستاذ مساعد في التربية الفنية تخصص رسم وتصوير سنة 2008.
و”حواديت مصرية” هو المعرض الشخصي العاشر في مسيرة رزق الفنية بجانب العديد من المشاركات بمعارض جماعية ولجان التحكيم، ونال عدداً من الجوائز وشهادات التكريم من بينها حصوله على الجائزة الثالثة في التصوير بالمجلس الأعلى للشباب والرياضة سنة 1999، وشهادة تقدير من مجلس الذهب العالمي في التصميم عام 2001، وله العديد من المقتنيات بمصر والخارج مثل متحف الفن المصري الحديث والسفارة المصرية بأوزبكستان.