حوادث حقن الطلاب بمواد مجهولة المصدر تثير ذعر الآباء والأبناء في الجزائر

يعيش أولياء الأمور عبر مختلف المحافظات الجزائرية حالة من الذعر والخوف بسبب انتشار ظاهرة الوخز بالإبر لدى طلاب المدارس الابتدائية والثانوية، أين باتت هذه الأخيرة تصنع الحدث وذلك بعد تداول معلومات عن تعرض بعض الطلاب لهذه الحادثة، واستهدافهم لأغراض مجهولة من طرف أناس مجهولين. وبات رواد مواقع التواصل الاجتماعي يتداولون العديد من الأخبار بخصوص تعرض بعض الطلاب للحقن من طرف مجهولين في بعض المحافظات المجاورة على غرار قسنطينة، وسكيكدة وهو ما أربك أولياء الأمور وعزز مخاوفهم.
الجزائر - يتداول أولياء أمور عدد من الطلاب معلومات عن وجود نسوة يرتدين الجلابيب يقمن بوخز أطفال المدارس بحقن يجهل الغرض منها، ما دفعهم إلى تكثيف مرافقة أبنائهم إلى المدارس ونصحهم بتوخي الحيطة والحذر، خوفا عليهم من أي خطر داهم.
وقد نشر رئيس بلدية بودربالة التابعة لمحافظة البويرة (شرقي العاصمة) بيانا على صفحته الرسمية على فيسبوك حث فيه “السكان على الحيطة والحذر، ومرافقة أبنائهم إلى المدارس، تفاديا لأي مكروه”، لكنه لم يذكر أي معلومة رسمية في هذا الصدد، الأمر الذي ساهم في توسيع دائرة المخاوف والشكوك حول سلامة الأطفال.
ورغم اهتمام السلطات الأمنية والقضائية بالمسألة إلا أن التطمينات المقدمة لم تقنع الآباء أمام زحف الشائعات، لتنضاف بذلك إلى متاعب أخرى تنهك كاهلهم.
وأكد مسؤول في جهاز الدرك الجزائري بأن مصالحه “لا تهول ولا تهون” من ظاهرة الوخز بالإبر التي اجتاحت المجتمع في الآونة الأخيرة، وأن اليقظة قائمة من أجل طمأنة الجميع، داعيا إلى عدم الانسياق وراء ما تبثه شبكات التواصل الاجتماعي، والتدقيق في مثل هذه المعلومات المتداولة التي أشاعت الذعر والقلق، وأثرت على حياة العائلات الجزائرية.
محافظة تيارت بغرب البلاد سجلت خمس حالات وخز بالإبر وسط طلاب الابتدائي من قبل امرأة مجهولة هي محل بحث
ولفت مدير الأمن العمومي والاستعلام العقيد ميلي لونيس إلى أن “وحدات الدرك الوطني عبر مختلف ربوع الوطن تلقت بلاغات وشكاوى بخصوص ظاهرة الوخز بالإبر، وأن مصالحه تتعامل مع المسألة حالة بحالة”، في إشارة إلى عدم الانجرار وراء ما تردده الشائعات.
وذكر أن هناك حالات ظهرت وهمية مثل طفل يلعب مع صديقه وفي مخيلة أبيه أنه قد تعرض للوخز بالإبر، وأن الحالات المؤكدة تم التعامل معها بكل جدية وتم فتح تحقيقات بالتنسيق مع الجهات القضائية.
وقال “من جانبنا قمنا باتخاذ الإجراءات الضرورية ودعمنا تواجد دورياتنا على مستوى محيط المدارس الابتدائية خاصة في فترات دخول التلاميذ وخروجهم، ولقد قمنا بالتنسيق مع مختلف المصالح من بينها مصالح الأمن بالإضافة إلى مصالح التربية التي طلبنا منها فسح المجال أمام التلاميذ المتأخرين للدخول إلى المدارس وعدم إرجاعهم”.
وحث المتحدث في ندوة صحافية الأولياء على التحلي بروح المسؤولية والاتصال بمصالح الدرك والأمن، وتصوير وتوثيق تلك الحالات، لتكون مفتاحا لعمل المصالح المختصة.
كما أعلن وكلاء الجمهورية في عدد من المحاكم في تيارت والبليدة عن تلقي شكاوى حول تعرض أطفال مدارس لوخز بالإبر من طرف أشخاص مجهولين، يكونون في الغالب نسوة يرتدين الجلباب، وأن المصالح المختصة فتحت تحقيقات في المسألة.
وذكر تقرير محلي بأن محافظة تيارت بغرب البلاد سجلت خمس حالات وخز بالإبر وسط تلاميذ الطور الابتدائي من قبل امرأة مجهولة هي محل بحث من طرف الجهات المعنية.
وأضاف أن “محكمة المدينة سجلت خمس شكاوى حول وخز بالإبر لأطفال متمدرسين بالطور الابتدائي تتراوح أعمارهم بين 7 و10 سنوات، وأن الوخز تم بواسطة مشرط في ظاهر اليد اليسرى للضحايا، من قبل امرأة مجهولة كانت ترتدي جلبابا أسود، وبناء عليه تم إسداء تعليمات إلى مصالح الضابطة القضائية للقبض على الفاعلين، ومعرفة دوافع الفعل الذي يستهدف فئة محمية قانونا”.
وتحدثت صحيفة ”النهار” المحلية عن تعرض طالب مدرسة بضاحية علي منجلي بمحافظة قسنطينة (شرقي العاصمة) إلى وخزة إبرة بداخلها سائل أصفر من طرف مجهول، ولم تقدم تفاصيل أخرى.
كما تم الحديث عن تعرض طفل في سن 15 عاما إلى الوخز بإبرة بقسنطينة بعد خروجه من المدرسة الإعدادية من طرف شخص مجهول ولاذ بعدها بالفرار نحو وجهة مجهولة. وقد تم نقل الطفل من طرف والديه إلى المستشفى الجامعي ابن باديس أين تم وضعه تحت الرقابة الطبية بالعناية المركزة من أجل معرفة ما إذا كانت الإبرة سامة أم لا في حين ظهرت أعراض انتفاخ في مكان الوخز دون وجود آلام لدى الطفل.
وحسب ما هو متداول فهو في حالة مستقرة، في مقابل ذلك تتجه تخمينات أخرى إلى تخوف البعض من احتمال قيام الفاعل بحقن التلميذ بالمخدرات التي باتت تنتشر مؤخرا في بعض المدارس وأصبحت آفة تهدد الطلاب.
هذا وقد أثارت هذه الحادثة الغامضة حيرة الأولياء وتخوفهم، حيث لم يحدد بعد الدافع أو ما إذا كانت هذه الأخيرة تحتوي على مواد سامة أو موجهة لأغراض السحر والشعوذة.
لكن المصالح الاستشفائية في البلاد لم تعلن منذ بداية الظاهرة عن تلقيها حالات من هذا القبيل، وهو الأمر الذي يرجح فرضية افتعال الظاهرة والشائعات لأغراض مجهولة لحد الآن، ولم يتم استقبال أو معاينة أي حالة، غير أن الانزعاج بدا واضحا على العائلات خاصة تلك التي تبعد مساكنها عن مقر المدرسة.
رغم اهتمام السلطات الأمنية والقضائية إلا أن التطمينات المقدمة لم تقنع الآباء أمام زحف الشائعات لتنضاف بذلك إلى متاعب أخرى تنهك كاهلهم
وحتى حالة الوفاة التي أعلن عنها في محافظة داخلية لطفلة في مشفى حكومي بعد تعرضها لوخزة بإبرة، تم تكذيبها من طرف العائلة التي أرجعت وفاة ابنتها إلى مرض عضوي لا علاقة له بما تردد على شبكات التواصل الاجتماعي.
ولوحظ حضور لافت للأولياء في محيط المدارس أثناء دخول أو خروج أبنائهم من الأقسام الدراسية، لحمايتهم من أي وخز محتمل، وهو ما أربك أعمال وأجندات الآباء والأمهات في التوفيق بين الالتزامات اليومية والدوام، وبين مرافقة الأبناء إلى المدارس والاطمئنان عليهم.
وذكر شهود عيان أن نسوة يرتدين الجلابيب وجدن أنفسهن في حالة حرج كبير، أمام أشخاص وأطفال المدارس، وأثار حضورهن أو مرورهن وقت الذروة (الدخول أو الخروج) حالة من الذعر والصراخ استدعى في بعض الحالات تدخل مصالح الأمن وتوقيف هؤلاء، ليتبين بعد ذلك أنهن مواطنات عاديات ولا علاقة لهن بما يشاع حول الوخز بالإبر.
وذكر مدون على فيسبوك، يظهر من التسجيل أنه ينتمي إلى التيار السلفي، بأن “الحملة تحمل أبعادا أيديولوجية، وتستهدف النساء اللاتي يرتدين الجلابيب، بغرض تشويه صورة وسمعة هؤلاء لدى الشارع الجزائري”، ولم يستبعد أن “يقف وراء الحملة تيار معاد للملتزمين والملتزمات من التيار السلفي”.
ولا زال التضارب يلف الظاهرة الغريبة، بين لجوء عصابات مختصة إلى مثل هذه الأعمال من أجل أغراض السحر والشعوذة، وبين حملة خفية لتشويه صورة تيار ديني معين، وبين نشر متعمد للذعر وإنهاك الأسر من أجل أهداف غامضة، وتشتيت جهود مصالح الأمن.