حمْلة في الكويت لتطهير قطاع التعليم من حمَلة الشهادات المزورة

المشاكل التي يعرفها قطاع التعليم في الكويت لا تتناسب مع ما تخصصه له الدولة من ميزانيات ضخمة لا يتم التصرّف فيها بالشكل الملائم.
الثلاثاء 2024/03/05
الإمكانيات متوفرة لكنّها مهدورة

الكويت- أعلن في الكويت عن تدشين حَمْلة واسعة النطاق لتطهير قطاع التربية من حَمَلة الشهادات المزوّرة.

ويأتي ذلك في نطاق جهود أشمل بدأت سلطات البلاد تبذلها لإصلاح اختلالات هذا القطاع الحسّاس الذي يشكّل عبئًا كبيرا على الدولة من دون أن يقدّم نتائج مكافئة لما يتمّ إنفاقه عليه من أموال طائلة.

وتحوّل تتالي الكشف عن قضايا تزوير للشهادات العلمية، وخصوصا الصادرة عن مؤسسات خارج البلاد، خلال السنوات الماضية إلى شكوك كبيرة في المستوى العلمي والكفاءة المهنية للآلاف من حمَلَة تلك الشهادات وخصوصا الذين يتمكّنون بفضلها من الحصول على وظائف بعضها يكتسي أهمية استثنائية وحساسية خاصّة.

وينطبق ذلك على قطاع التعليم خصوصا في ظل ما يعرفه من ضعف في التكوين والمخرجات خلق أزمة كفاءات وطنية في البلد الذي يضع توطين الوظائف وتقليص الاعتماد على العقول والأيدي العاملة الوافدة كبند رئيسي ضمن سياساته العامّة.

◙ لسنوات طويلة تمّ الاعتماد بشكل أساسي على مدرّسين أجانب أغلبهم من مصر وسوريا والأردن

وقالت وسائل إعلام محلّية إنّ وزارة التربية دشّنت “عملية غربلة واسعة لشهادات موظفيها ما بعد الثانوية” مشيرة أنّ العملية تشمل الشهادات المتحصّل عليها منذ سنة 2000 وحتى العام الحالي.

وفي إشارة إلى ما يمكن أن تفضي إليه العملية من كشوف جديدة عن عمليات التزوير، قالت صحيفة السياسة المحلّية إنّ “الأمر يقض مضاجع البعض في الميدان التربوي من المواطنين والمقيمين على حد سواء”.

وأوضحت نقلا عن مصادر في وزارة التربية أنّ الأخيرة شرعت في حصر أسماء جميع العاملين في المؤسسات التابعة لها والمقدر عددهم بنحو مئة وأربعين ألف موظف وموظفة في مختلف التخصصات، وأنّها طلبت من جميع موظفيها تزويدها بنسخة ضوئية من مؤهلهم العلمي وبيان الدرجات المتحصل عليها لنيله موثّقة من الجهات المختصة في الدولة التي صدر منها المؤهّل تمهيدا لمعادلته في الكويت.

وأشارت إلى أن الوزارة بدأت فعليا بتدقيق البيانات المطلوبة بدءا من الاسم والرقم المدني وجهة العمل والتخصص والجامعة المانحة للشهادة والدولة الموجودة بها الجامعة وسنة التخرج.

وشرحت أن هذه الإجراءات جاءت بناء على طلب وجهه ديوان الخدمة المدنية لجميع الوزارات والجهات الحكومية بتزويده بالبيانات الكاملة لفحص الشهادات الدراسية العليا فوق الثانوية العامة وذلك بعدما طلبت اللجنة المشكّلة من قبل مجلس الوزراء فحص شهادات كل موظفي الدولة.

ويصنّف تزوير الشهادات العلمية وفق القانون الكويتي كجناية يعاقب مرتكبها بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات مع غرامة مالية باهظة والحرمان من شغل أي وظيفة في القطاع العمومي لمدّة لا تقل عن عشر سنوات.

وعلى الرغم من صرامة القانون الكويتي في التعامل مع قضايا تزوير الشهادات، فإن ذلك لم يمنع من انتشار الظاهرة في البلد.

وكان الإقبال المتزايد للكويتيين على المؤسسات الجامعية خارج البلد قد أثار الشكوك بشأن القيمة الحقيقية للشهادات التي يتم الحصول عليها من تلك المؤسسات، ليتبين بالفعل أنّ أعدادا منها ممنوحة لأشخاص لا يتمتّعون بالمستوى العلمي الحقيقي الذي يعادل قيمتها.

صورة

وتمكّنت لجنة تحقيق برلمانية سنة 2022 من الكشف عن وجود أكثر من مئة وأربعين شهادة علمية مزوّرة لدى مواطنين كويتيين وصادرة باسم جامعات مصرية.

وتبيّن في تفاصيل القضية أنّ وافدا يعمل في الكويت كان وراء عمليات التزوير، وقد تم ضبطه من قبل الجهات الأمنية واعترف بأن الشهادات صادرة من جامعات حقيقية في مصر لكنها مزورة.

ولا يمثّل تسرّب أصحاب الشهادات المزوّرة إلى قطاع التعليم في الكويت العثرة الوحيدة لهذا القطاع حيث يشير المختصّون إلى وجود اضطرابات تنظيمية في تسيير العملية التعليمية على غرار ما شهدته بداية السنة الدراسية الحالية من ارتباك في توزيع المدرّسين الأمر الذي أوجد نقصا في الكادر التدريسي في عدد من المدارس.

كما لا يقلّل هؤلاء من خطر محاولات تسييس التعليم في الكويت وأدلجته من قبل التيارات الإسلامية، وهي الظاهرة التي طفت على السطح مع بداية السنة الجامعية عندما نجحت تلك التيارات في فرض منع الاختلاط بين الجنسين داخل قاعات الدرس رغم اعتراض قطاعات واسعة من الطلبة والمدرّسين.

ولا تتناسب المشاكل التي يعرفها قطاع التعليم في الكويت مع ما تخصصه له الدولة من ميزانيات ضخمة لا يتم التصرّف فيها بالشكل الملائم.

◙ عملية تدقيق تشمل شهادات موظفي وزارة التربية التي تفوق مستوى الثانوية والتي تحصل عليها أصحابها منذ سنة 2000

وكشف تقرير رسمي نشر في وقت سابق أنّ تكلفة الطالب الكويتي تعتبر الأعلى في العالم حيث تبلغ ما مقداره 15.5 آلاف دينار، مشيرا إلى تجاوز الميزانية السنوية لوزارة التربية مبلغ 7.6 مليار دولار يذهب تسعون في المئة منها لصرف الرواتب.

وتنعكس المشاكل التي يعرفها قطاع التعليم في الكويت بشكل مباشر على مستوى المخرجات، حيث أشار ذات التقرير إلى تراجع جودة التعليم الابتدائي والرياضيات وتعليم العلوم ما جعل الترتيب العالمي للكويت يتجاوز المئة في تلك المجالات.

كما أظهر بحث متخصص حول العملية التعليمية في الكويت أن نسبة الرسوب في مادة اللغة الإنجليزية في اختبار القدرات بالجامعة بلغت ما نسبته ثلاثة وستين في المئة من الممتحنين وذلك بسبب عدم قدرة الطالب على توظيف اللغة على الرغم من أنه يتعلم الإنجليزية كلغة ثانية منذ السنة الأولى من التعليم الابتدائي، كما أظهر رسوب أكثر من ثمانين في المئة من طلبة الثانوية العامة الحكومية المبتعثين إلى الخارج في أول سنة ابتعاث في مواد اللغة الإنجليزية والرياضيات.

وتمّ لسنوات طويلة الاعتماد بشكل أساسي على مدرّسين أجانب أغلبهم من مصر وسوريا والأردن. لكن الدولة الكويتية شرعت مؤخّرا في الاستغناء عن أعداد منهم في إطار عملية توطين الوظائف أو ما يعرف محلّيا بـ”التكويت”، والمرتبط بدوره بتخفيف الأعباء المالية عن الدولة وتعديل التركيبة السكانية التي يغلب عليها الوافدون.

3