حميدتي يلوح بخيارات أخرى ضد الجيش بسبب مراوغات البرهان

قائد قوات الدعم السريع يؤكد التزامه بمفاوضات جنيف مشددا على أنه لن يسمح للجنرالات المرعوبين بالتحكم في مصير الشعب.
الاثنين 2024/08/19
حميدتي يطالب بوقف حاسم إزاء استهتار الجيش بمعاناة الشعب

الخرطوم – أكد قائد قوات الدعم السريع الفريق الأول محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، الأحد، على "الالتزام بالتفاوض" لتحقيق الاستقرار في السودان، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن هناك خيارات عديدة يمكن تنفيذها لمنع تحكم الجيش في مصير الشعب السوداني.

ويأتي تلويح حميدتي بالتصعيد ضد الجيش بسبب توالي مراوغات قائده الفريق الأول عبدالفتاح البرهان الذي أرسل وفده الحكومي إلى القاهرة بدل جنيف حيث دعت الإدارة الأميركية إلى عقد مفاوضات بين وفد من الجيش وآخر من قوات الدعم السريع حول وقف إطلاق النار وإطلاق عملية سياسية شاملة، بحضور أطراف إقليمية ودولية متعددة.

وأكد حميدتي في بيان على منصة إكس "بات جلياً بشكل لا لبس فيه أن البرهان وزمرته يفتقرون إلى أي التزام حقيقي بالتفاوض أو بالعمل من أجل مستقبل السودان أو تخفيف معاناة شعبه، الذي يواجه تحديات كبيرة بسبب الحرب التي أشعلتها الحركة الإسلامية وقياداتها في القوات المسلحة".

وأضاف أنه "في الوقت الذي يتواجد فيه وفدنا المفاوض في جنيف وبرغبة صادقة لإيجاد حل للأزمة السودانية، تركز عصابة بورتسودان وبشكل أساسي في الحفاظ على امتيازاتها ومصالحها الخاصة، التي لا تنفصل عن مصالح النظام القديم، الذي أورثنا الحروب والنزوح واللجوء".

وتابع "إننا ملتزمون بالتفاوض كمبدأ أساسي واستراتيجي لتحقيق الاستقرار في بلادنا، ولذلك استجبنا لكل المبادرات الاقليمية والدولية، التي تهدف إلى وقف الحرب، لكننا في المقابل لن نسمح لمجرد مجموعة من الجنرالات المرعوبين، الذين هربوا من العاصمة ليتحكموا في مصير شعبنا، وسيكون أمامنا خيارات كثيرة، قادرين على تنفيذها متى ما أصبح ذلك ضرورياً".

ودعا حميدتي السودانيين وأعضاء المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف حاسم إزاء الاستهتار الذي يبديه قادة المؤسسة العسكرية المختطفة بمعاناة ملايين السودانيين وبقضية السلام والاستقرار في السودان.

وجاء البيان بعد ساعات من إعلان مجلس السيادة الانتقالي في السودان أن الحكومة سترسل وفدا إلى القاهرة لإجراء مباحثات بشأن تنفيذ اتفاق جدة دون تحديد موعد لذلك.

ويرى مراقبون أن قرار الجيش بالذهاب إلى القاهرة بعد رفضه المشاركة في مفاوضات جنيف يشير إلى نوع من الخضوع لضغوط دولية قوية، وإن كان بطريقة تحفظ ماء الوجه، حيث اختار القاهرة كمنبر بديل للتشاور مع الولايات المتحدة.

وتأتي هذه الضغوط من الولايات المتحدة ودول أخرى، وتشمل تهديدات بعقوبات دولية وحظر الطيران، مما يزيد من عزلة النظام الحاكم إذا لم يلتزم بالمشاركة في المفاوضات.

ويدرك الجيش السوداني أن عدم المشاركة في المفاوضات سيؤدي إلى مزيد من العزلة الدولية وربما فرض عقوبات صارمة، وهو ما قد يضعف موقفه أكثر، لذلك يمكن اعتبار توجهه إلى القاهرة محاولة لتجنب هذه العزلة، مع الحفاظ على بعض السيطرة على شروط المفاوضات.

ومن القضايا المحورية التي تؤرق الجيش هو الدعم الشعبي الذي تحظى به قوات الدعم السريع، في المقابل يتهم الجيش بأنه ترك مصير السودانيين تحت رحمة الحركات الإسلامية وفلول النظام السابق الرافضة لأي مبادرات سلام خوفا على مصالحه.

ويسعى الجيش من خلال المشاركة في مفاوضات عبر منبر مختلف (منبر القاهرة) إلى محاولة تقليل تأثير هذا الدعم الشعبي لقوات الدعم السريع من جهة والتفاوض من جهة ثانية على شروط أكثر ملائمة له.

ويعكس رفض الجيش الجلوس مع قوات الدعم السريع في جنيف دون تنفيذ مخرجات اتفاق جدة رغبته في فرض شروطه قبل الدخول في مفاوضات شاملة.

وتعتبر القاهرة حليفا استراتيجيا للجيش السوداني، وقد تكون المحادثات في القاهرة بمثابة تحرك تكتيكي لتعزيز الدعم المصري لمواقف الجيش.

ومن المنتظر أن تركز المفاوضات المرتقبة في القاهرة على تنفيذ مخرجات اتفاق جدة، بما في ذلك وقف إطلاق النار، وتسهيل المساعدات الإنسانية، وتحديد الدور السياسي لقوات الدعم السريع.

ونص إعلان جدة على التزام طرفي الحرب بـ"الامتناع عن أي هجوم عسكري قد يسبب أضرارا للمدنيين. والتأكيد على حماية المدنيين، واحترام القانون الإنساني والدولي لحقوق الإنسان وخروج عناصر الدعم السريع من المدن التي دخلتها".

ولا يستبعد أن تستغل الحكومة السودانية هذه المفاوضات لمحاولة بناء توافق دولي حول موقفها، وفي الوقت نفسه تعمل على تقليل الضغوط عليها من الداخل والخارج.