حميدتي يكشف امتلاكه أدلة تورط الجيش في تسليح قبائل دارفور

الخرطوم – اتهم قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) مساء الثلاثاء الجيش السوداني بالعمل على تأجيج الصراع في الولاية دارفور، مشيرا إلى امتلاكه أدلة تثبت تورطه في تسليح القبائل، متعهدا بأن الحرب التي اندلعت منذ 15 أبريل ستكون "جسراً للوصول إلى تأسيس دولة مدنية ديمقراطية".
وقال حميدتي في تسجيل صوتي عبر حسابه الرسمي على تويتر إنه "يمتلك أدلة ومعلومات بشأن تسليح مخابرات الجيش لأبناء القبائل لإشعال حرب قبلية في الإقليم"، والجنينة كانت هي البداية".
وأضاف "أمرنا قواتنا بالالتزام بمواقعها وعدم التدخل في الصراع القبلي في الجنينة، لكن الجيش شارك بالدبابات والأسلحة الثقيلة".
وشدد على أنه "لا مجال لابتلاع السلطة بالانقلابات العسكرية، مثلما كان يخطط قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان وعصابته"، مؤكدا وأن "معالجة أسباب وجذور الحرب التي نخوضها تكون عبر إيجاد حل شامل للأزمة الوطنية التي يواجهها السودان منذ الاستقلال".
وأضاف "نعتذر لأبناء شعبنا عن الأذى البدني النفسي والاقتصادي التي تسببت لهم به هذه الحرب التي لم نخطط لها وخضناها مجبرين للدفاع عن أنفسنا وتخليص بلادنا من مخطط النظام البائد الذي دمر حياة السودانيين، ولتحرير شعبنا من سيطرة السودان القديم الذي أورثنا الظلم والاستبداد".
وتابع "نعتذر عن الأحداث الدامية التي دارت في مدينة الجنينة، ونترحم على أرواح جميع المواطنين الأبرياء الذي قضوا كضحايا لهذا الصراع القبلي، وندين بشدة اغتيال والي غرب دارفور خميس أبكر، الذي قتل بطريقة وحشية".
ولفت إلى أن قوات الدعم السريع "أجرت خلال اليومين الماضيين اتصالات مكثفة في مدينة الجنينة لمعرفة ملابسات هذه الحادثة، وحصلت على المعلومات الحقيقية".
وأوضح "شكلنا لجنة تحقيق داخلية ستذهب فوراً لمدينة الجنينة للتقصي حول حادثة مقتل والي غرب دارفور ومستعدون للتعاون مع أي لجنة تحقيق مستقلة"، في الحادث الذي وقع الأسبوع الماضي.
وأشار إلى أن "هذه الحرب ستكون نهاية لعهد الوصاية والظلم وعدم احترام الآخرين، وأن جميع السودانيين يجب أن يحترموا بعضهم البعض ويحترموا تنوعهم واختلافهم".
ووجه رسالة إلى من سماهم "شرفاء القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى"، قال فيها "يجب أن تعلموا أننا معكم صفا واحدا، ضد سيطرة النظام البائد، ونحن ضد الظلم والفساد الذي تمارسه قيادة القوات المسلحة".
وميدانيا، استيقظ سكان العاصمة السودانية الأربعاء على تجدد القصف المدفعي والمعارك مع انتهاء هدنة بين الجيش وقوات الدعم السريع امتدت ثلاثة أيام، ووردت عدة تقارير عن انتهاكها، فيما شهدت ولاية جنوب كردفان أعمال عنف كثيفة منذ الصباح الباكر.
وقبل وقت قصير من انتهاء الهدنة، وردت تقارير عن اندلاع قتال في المدن الثلاث بمنطقة العاصمة الأوسع على ضفتي نهر النيل، الخرطوم وبحري وأم درمان.
وقال شهود إن طائرات الجيش نفذت ضربات في مدينة بحري، كما ردت قوات الدعم السريع بالنيران المضادة للطائرات. كما قالوا إن أم درمان شهدت إطلاق نيران مدفعية واشتباكات عنيفة، كما وقعت اشتباكات على الأرض في جنوب الخرطوم.
وفي جنوب أم درمان، أفاد آخرون بوقوع اشتباكات بمختلف أنواع الأسلحة على مقربة من سلاح المهندسين.
وجنوب البلاد في ولاية جنوب كردفان بمدينة الدلنج، أكد أحد السكان "منذ الثالثة صباحا نسمع أصوات انفجارات وإطلاق نار كثيف وقذائف تسقط داخل الأحياء السكنية".
وشبّ حريق مساء الثلاثاء في مقر الاستخبارات في العاصمة الخرطوم في اليوم الأخير من هدنة مدتها 72 ساعة انتهت الأربعاء في السادسة صباحًا (04:00 بتوقيت غرينتش).
وقال مصدر في قوات الدعم السريع إن "مسيّرة تابعة للجيش قصفت المبنى حيث تجمّع عناصر في قوات الدعم السريع"، وأشار إلى أن القصف "أدى إلى حريق ودمار جزئي في مقر الاستخبارات".
وفي وقت سابق من مساء الثلاثاء اتهمت قوات الدعم السريع الجيش السوداني بقصف مقر رئاسة جهاز المخابرات العامة في الخرطوم، وبـ"خرق اتفاق وقف إطلاق النار والهدنة".
وقالت قوات الدعم السريع في بيان "في خرق واضح لاتفاق وقف إطلاق النار والهدنة الإنسانية، قصف الانقلابيون (الجيش) بالطيران المسير والمدافع مساء الثلاثاء، مقر رئاسة جهاز المخابرات العامة بالخرطوم الذي يقع ضمن مناطق سيطرة قوات الدعم السريع".
وأضاف البيان "تهدف عمليات القصف الممنهج من قبل الانقلابيين والفلول على المنشآت العامة والخاصة إلى تدمير البنية التحتية التي هي ملك الشعب السوداني وليست لنظامهم البائد".
وأوضح أن "قصف وحرق رئاسة جهاز المخابرات العامة إنما هي محاولة مكشوفة لطمس آثار وثائق أعمالهم القذرة التي كانت تمارس طوال عهدهم البغيض".
وأدنت الدعم السريع في بيانها "هذه الأفعال المفضوحة وقالت "نؤكد لشعبنا إن إرادة وعزيمة أشاوس الدعم السريع أقوى من أي وقت مضى لإنهاء هذه الحلقة الشريرة وإلى الأبد".
ويقع مقر المخابرات في نفس المجمع الذي يضم وزارة الدفاع والقيادة العامة للقوات المسلحة ومقر إقامة رئاسياً.
وكان وقف إطلاق النار هذا هو الأحدث في عدة اتفاقات هدنة عُقدت من خلال محادثات بوساطة السعودية والولايات المتحدة في جدة.
وقالت السعودية والولايات المتحدة إنه إذا لم يحترم طرفا الصراع وقف إطلاق النار، فسوف يبحث الوسيطان تأجيل محادثات جدة، التي شكك المنتقدون في فعاليتها.
وأوقعت المعارك الدائرة بين الجنرالين أكثر من ألفي قتيل، وفقاً لتقديرات يرى خبراء أنّها أقلّ بكثير من الواقع.
وفي الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور في غرب البلاد، والمدينة الأكثر تضرراً من الحرب، تمتلئ الشوارع المهجورة بالجثث فيما تعرضت المتاجر للنهب.
وحذّرت الأمم المتّحدة والاتّحاد الأفريقي ومنظمة إيغاد من أنّ النزاع "اكتسب الآن بُعداً عرقيا"، وتحدّثت عن احتمال وقوع "جرائم ضدّ الإنسانية" في دارفور.
ومنذ أيّام يفرّ سكّان الجنينة سيراً على القدمين في طوابير طويلة، حاملين معهم ما تيسّر، على أمل الوصول إلى تشاد الواقعة على بُعد 20 كيلومتراً إلى الغرب.
ويقول هؤلاء الفارّون من أتون المعارك إنّهم يتعرّضون لإطلاق نار ويتمّ تفتيشهم مرّات عدّة على الطريق.
وبحسب منظمة "أطباء بلا حدود" فإنّ "15 ألف سوداني، من بينهم قرابة 900 جريح، فرّوا إلى مدينة آدريه في تشاد التي استقبلت أكثر من 150 ألف لاجئ حتى الآن، تحت وابل من النيران التي يطلقها الجيش وقوات الدعم السريع ومقاتلون قبليون ومدنيّون مسلّحون".
وفي مختلف أنحاء السودان، بلغ عدد النازحين "مليوني شخص"، وفقاً للمفوضية العليا للاجئين، كما أحصت المنظمة الدولية للهجرة "550 ألف شخص فرّوا إلى الدول المجاورة".
وكان المجتمع الدولي تعهّد خلال اجتماع عقد في جنيف الإثنين تقديم 1.5 مليار دولار من المساعدات، وهو نصف ما تحتاجه المنظمات الانسانية وفقاً لتقديراتها الميدانية.
ويعتمد 25 مليون شخص، اي أكثر من نصف سكّان السودان، على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة في بلد يغرق في الدمار والعنف بسرعة "غير مسبوقة"، وفق تعبير الأمم المتّحدة.
وحذّر مدير برنامج الأغذية العالمي في السودان إدي راو الثلاثاء من أنّ "الاحتياجات الإنسانية بلغت مستويات قياسية في وقت لا تبدو فيه أيّ مؤشّرات على نهاية للنزاع".
وتأخر وصول المساعدات إلى السودان. وفي بداية الحرب، قالت المنظمات الإنسانية إنّها لم تحصل سوى على 15 بالمئة من الأموال اللازمة لعملياتها.