حميدتي يقطع الطريق على خطط قائد الجيش السوداني

الفريق أول محمد حمدان دقلو يؤكد أن قوات الدعم السريع ستحسم الحرب في الأيام المقبلة بعد تعنت الجيش ورفضه للسلام.
الثلاثاء 2024/02/13
حان وقت الحسم

الخرطوم – استوعب قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) الكثير من ألاعيب غريمه قائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان، ونجح في إفشال الكثير من مخططاته.

وكشف خطاب ألقاه حميدتي أن قبوله بالمفاوضات يأتي من منطلق قوة وليس من موقف ضعف، ما يوحي بأنه يريد قطع الطريق على أوهام البرهان الذي يتبنى خطابا تصعيديا لتخدير بعض المواطنين والتمهيد لدفن أيّ محادثة مع الدعم السريع، خاصة المفاوضات في البحرين التي أشاعت أجواء من التفاؤل وتوقّع حصول تهدئة.

وبدا حميدتي أكثر تشددا حيال توجهات البرهان الدعائية، وقال في تسجيل صوتي له مساء الأحد إن قوات الدعم السريع ستحسم الحرب في الأيام المقبلة بعد تعنت الجيش ورفضه للسلام، مؤكدا تحقيق انتصارات في أم درمان وبابنوسة بغرب كردفان، وأن قواته خرجت من الخرطوم “لصدقها في التوصل إلى السلام”.

ووجه قائد الدعم السريع جنوده بمواصلة القتال بضراوة في كل المحاور، مخاطباً قادة الجيش “مادمتم قد اخترتم هذا الطريق فسنستمر معكم فيه، نحن لم نسع للحرب. البرهان وإخوانه من فرضوها. وطالما كان هذا خياركم عليكم الاستعداد. طائراتكم ومسيّراتكم التي أتيتم بها أسقطناها وستنتهي. سأكون مع الجنود في الميدان وهذه المرة المعركة ستختلف والنصر قريب”.

ويتمسك قائد الجيش بلهجة تصعيدية ضد قوات الدعم السريع للهروب من كماشة مفاوضات تحاصره من جهات مختلفة، وبدا تنصل البرهان من عدة مبادرات لوقف الحرب محرجا فلجأ إلى الإيحاء بالتحشيد العسكري وأنه قادر على تحقيق نصر سريع بعد نحو إحدى عشر شهرا من الحرب التي اعتقد أنه قادر على حسمها في غضون أيام.

وأرجعت مصادر سودانية سبب تفاؤل البرهان الجديد بإمكانية تحقيق نصر عسكري إلى تيقنه من عدم قدرته على دفع ثمن تسوية سياسية تقوده إلى تسليم السلطة إلى حكومة مدنية، وتصاعد صوت القيادات الإسلامية في الجيش التي لا تريد المضي في مسار مفاوضات يؤدي إلى تقويض دورها في المؤسسة العسكرية.

وأضافت المصادر ذاتها لـ”العرب” أن “الإصرار على الحرب ليس بعيدا عن نتائج زيارة قام بها وزير الخارجية المكلف علي الصادق مؤخرا إلى طهران، كان أساسها التوصل إلى اتفاق حول آليات جديدة للحصول على أسلحة إيرانية ووسائل نقلها، والمقابل الذي سيدفعه السودان لطهران، فبعد وجود وقائع تثبت وصول طائرات مسيّرة من إيران إلى الجيش السوداني لم يعد قادته بحاجة إلى المزيد من المراوغات في هذا الأمر”.

الخسائر التي تكبدها الجيش أمام الدعم السريع لن تمكن البرهان من الحصول على مكاسب نوعية في المفاوضات

وأكدت أن الخسائر التي تكبدها الجيش في العديد من الميادين أمام قوات الدعم السريع لن تمكنه من الحصول على مكاسب نوعية على طاولة المفاوضات، ومن الضروري السعي لنصر عسكري رمزي، ولن يتحقق ذلك في ظل عدم تمكن البرهان من الحصول على معدات عسكرية من حلفاء وأصدقاء ظن أنهم سيهبون لإنقاذه، وقاده إحباطه منهم إلى دخول محطة إيران التي قد يواجه فيها مطبات.

وخفض حديث كل من البرهان وحميدتي سقف توقعات استئناف المفاوضات، ومنح فرصة لتغليب الحسم العسكري جزئيا لصالح الجيش أو كليا لصالح قوات الدعم السريع التي تفوقت في معارك كثيرة، وكشفت عن ضعف يعتري الجيش السوداني، لن يمكّن قائده من تحقيق وعوده التي يرددها من حين إلى آخر.

وأوضح عضو المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير أحمد خليل أن حديث قائد الجيش عن تحقيق انتصارات يبرهن على أنه “وقع فريسة لخديعة قوات الدعم السريع العسكرية، حيث تقوم بالانسحاب من بعض المناطق ثم تُغير عليها مجددا، وهو ما يحدث الآن في أم درمان التي تشهد قتالا ضاريا، فقيادة الجيش تعاني خللا في رؤيتها العسكرية، والتأكيد على حسم المعركة ميدانيا هو انتحار لأن قوات الجيش لو كانت تملك القدرة على الحسم لتمكنت من إنهاء الحرب لصالحها منذ فترة”.

وذكر في تصريح لـ”العرب” أن “حديث قيادة الجيش عن إنهاء المعارك خلال ست ساعات عقب اندلاع الحرب في منتصف أبريل الماضي جعل القوات تدخل المعارك وهي في حالة هزيمة، فلا يوجد في الأعراف العسكرية تحديد زمن للحروب قبل أن تبدأ، ما يشي بوجود قدر من الغرور والتعالي اللذين انعكسا على الموقف الصعب لعناصر الجيش”.

ولفت أحمد خليل إلى أن استمرار الحرب لفترة طويلة يضع الشعب السوداني أمام المزيد من الأزمات الإنسانية في ظل حالة الجوع التي تنتشر في مناطق واسعة، ومع عدم قدرة المنظمات الإنسانية على توصيل المساعدات إلى المناطق المتضررة.

tt

وأطلق حميدتي منذ نحو أسبوع نداء للمنظمات الدولية، وحثها على التدخل لإنقاذ المدنيين في المواقع الخاضعة لسيطرته، وتشهد أوضاعا إنسانية سيئة، معلنا استعداده لإبرام اتفاقيات ثنائية مع المنظمات الإنسانية الدولية للتمكن من إيصال المساعدات، وشكك في احتمال قبول الجيش بالاتفاق.

وكان البرهان قد أشار في خطاب ألقاه الأحد، عند زيارته المنطقة 19 مشاة بالدبة في الولاية الشمالية، إلى عزم الجيش الاستمرار في الحرب، مغلقا الباب أمام إيصال المساعدات إلى المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع في دارفور.

وأكد أحمد خليل لـ”العرب” أن “خطاب حميدتي عبّر عن رغبة في مجاراة تصعيد الجيش بعد أن سئم من دعوات السلام التي لم تتحقق على أرض الواقع، مع استهداف منابر السلام المختلفة، ما يؤدي إلى زيادة الخسائر في صفوف المدنيين والعسكريين في المناطق التي يحتدم فيها القتال، مع حالة الاستنفار المتبادل بين الطرفين”.

وبدا تعليق البرهان على ما تردد حول إحباط محاولة انقلاب وسط الجيش مؤخرا كأنه محاولة للإيحاء بأنه مازال ممسكا بزمام الأمور في الجيش. وقال “كل من يقول (إن) هنالك انقلابا (فهو) كاذب. الجيش على قلب رجل واحد، وكلنا مع بعضنا (البعض)”، بينما التطورات الميدانية تشير إلى وجود تململ في صفوف الجيش، يمكن أن يظهر للعلن مع اتساع نطاق المعارك وعدم قدرة عناصره على مجاراة انتصارات الدعم السريع.

1