حميدتي يحاول استعادة نفوذه المنحسر في السودان برهانه على قطر

الخرطوم - يواصل النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) لليوم الثالث على التوالي زيارته إلى الدوحة، حيث التقى خلالها بالعديد من المسؤولين إلى جانب أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، فيما بدا أن الهدف من الزيارة توطيد الروابط مع قطر، وإرسال رسائل للداخل والخارج بأنه يملك من الأوراق ما يكفي لدعم تطلعاته إلى السلطة.
وكان النائب الأول لرئيس مجلس السيادة بدأ السبت زيارة إلى الدوحة هي الأولى لمسؤول سوداني رفيع منذ سقوط نظام عمر البشير، رافقه فيها وزير الخارجية المكلف عمر قمرالدين، ومدير جهاز المخابرات العامة الفريق أول جمال عبدالمجيد.
وتقول دوائر سياسية إن زيارة حميدتي التي تحمل في مضامينها المعلنة مناقشة التطورات على الساحة الداخلية وأيضا التوترات مع إثيوبيا حيث تملك قطر صلة وثيقة بأديس أبابا، تخفي بين طياتها الكثير، في علاقة برغبة الرجل في فرض نفسه رقما صعبا في المعادلة السودانية، بعد انحسار دوره.
وتوضح الدوائر أن نائب رئيس مجلس السيادة يحاول العزف على وتر رغبة قطر في إعادة تموضعها في السودان الذي تراجع بشكل كبير بعد انهيار النظام السابق، من خلال محاولة كسب ودها، وتوجيه رسائل لكل من السعودية ومصر والإمارات، بأنه يملك في جعبته الكثير من الأوراق ومنها الرهان على دعم الدوحة.
ولا تزال قطر تحتفظ بنفوذ في السودان يؤمنه لها الإسلاميون، وبعض الحركات المسلحة والقبائل في مناطق الهامش، لاسيما دارفور.
ويستشعر حميدتي الذي يقود جهاز قوات الدعم السريع تراجع نفوذه في المسرح السوداني، أمام صعود نجم رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان، الذي نجح في الإمساك بزمام الأمور في العديد من الملفات، ومنها ملف السلام، وعقد شبكة تحالفات داخلية وخارجية، تؤهله لأن يكون الناظم لخيوط اللعبة في هذا البلد، لاسيما في ظل تخبط القوى المدنية وتفكك تحالفها، وتراجع شعبيتها.
ولا يخفي حميدتي طموحه في السلطة، وكان في طليعة من قرر القفز من مركب الرئيس المعزول عمر حسن البشير، والانحياز للشارع المنتفض ضده، في ظل إدراكه بأن العمر الافتراضي لذلك النظام انتهى وأن عليه استثمار تلك اللحظة لتصدر المشهد.
وعقب سقوط البشير كانت هناك احترازات من بعض القوى الثورية على مشاركة حميدتي في السلطة، باعتباره كان جزءا من المنظومة السابقة، وتلاحقه اتهامات بارتكابه انتهاكات في دارفور وغيرها، إلا أن قوى أخرى رفضت تحييد الرجل، بل على العكس دافعت عن ضرورة حضوره، خشية من انجرار البلاد إلى دوامة من العنف، لاسيما وأن الأخير يملك جهازا عسكريا قويا وهو قوات الدعم السريع.
وسعى حميدتي إلى القيام بحملة تسويق لصورته كقائد وزعيم، وكان الطرف الذي ظهر في الصورة ووقع اتفاقات سلام مع الحركات المسلحة، لكن هذا الحضور سرعان ما بدأ يفقد تأثيره بعد اختطاف رئيس مجلس السيادة الأضواء منه، من خلال مغامرته بالدفع باتفاق سلام مع إسرائيل، وما نتج عنه من شطب السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، حيث أعادت هذه الخطوة البلاد إلى المنظومة الدولية، بعد عقود من المقاطعة.
وقد نجح البرهان في كسب ثقة دول محورية في المنطقة ومنها مصر والسعودية والإمارات، وهذا الوضع شكل مثار قلق حميدتي، وتعزز هذا القلق مع تنامي الضغوط عليه، لاسيما بعد التوترات الأخيرة التي اندلعت في دارفور، وقبلها إقدام عناصر تابعة لقوات الدعم السريع على قتل ناشط في لجان المقاومة والذي أثار غضب الشارع.
ويقول مراقبون إن حميدتي يحاول بالواضح العودة وتثبيت حضوره، وما اختياره البوابة القطرية إلا محاولة منه لإيصال رسالة بأنه لا يزال يملك زمام المبادرة.