"حمى البحر المتوسط" يفتتح أيام فلسطين السينمائية في نوفمبر

أثبتت السينما جدارتها في التعريف بالقضايا الإنسانية على اختلافها وتعددها، وإضافة إلى قدرتها على إضاءة أكثر الزوايا عتمة أثبتت كذلك قدرة عجيبة على نشر ثقافة التنوير واستقطاب شرائح مختلفة، حيث مثلت لغة الصورة، وهي أهم عناصر الفن السينمائي، لغة جامعة تتجاوز اختلافات الألسنة والمجتمعات وغيرهما، وهذا ما يراهن عليه مهرجان “أيام فلسطين السينمائية” الدولي.
رام الله - أعلنت مؤسسة “فيلم لاب فلسطين” مؤخرا أن فيلم “حمى البحر المتوسط” للمخرجة الفلسطينية مها الحاج سيفتتح الدورة التاسعة من مهرجان “أيام فلسطين السينمائية” الدولي، التي تنطلق في الأول من نوفمبر المقبل.
ويؤمن القائمون على المهرجان بأن السينما أداة لرفع الوعي وصقله، سواء كان فرديا أو جماعيا، وهو ما ترسخه مؤسسة “فيلم لاب فلسطين” الجهة المنظمة للتظاهرة، إذ تسعى لأن يكون المهرجان جزءا من خطة إستراتيجيّة للمؤسسة في سبيل تنمية الثقافة السينمائيّة في فلسطين واستقطاب أكبر عدد من المشاهدين في مناطق مختلفة وخصوصا الأرياف، أما جائزة “طائر الشمس الفلسطينيّ” فتستهدف الأفلام التي تمتلك قيمة مضافة للمشاهد.
فيلم الافتتاح

المهرجان يهدف إلى تنمية الثقافة السينمائية من خلال فعاليات متنوعة وعروض الأفلام المحلية والدولية في المدن الفلسطينية
صُوّر فيلم الافتتاح “حمى البحر المتوسط” في حيفا وقبرص بين شهري أكتوبر ونوفمبر من العام 2021، وهو من بطولة عامر حليحل، وأشرف فرح، وصبحي حصري، وعنات حديد، وثريا يونس، ويوسف أبووردة، وسمير إلياس، وشادن قنبورة، وسينيثيا سليم، ونهاية بشارة وآخرين.
والفيلم مرشّح لتمثيل دولة فلسطين في مسابقة جوائز “الأوسكار 2023” عن فئة الفيلم الأجنبي، بعد نيله جائزة أفضل سيناريو في تظاهرة “نظرة ما” في “مهرجان كان السينمائي” في دورته الأخيرة، والجائزة الكبرى في مهرجان هونغ كونغ للأفلام.
يستمد الفيلم اسمه من مرض ينشأ من اضطراب وراثي مجهول السبب يُصيب عادةً سكان مناطق حوض البحر الأبيض المتوسط، وخاصة العرب والأرمن واليهود الشرقيين؛ وتدور أحداثه حول “وليد” (40 عاماً) الذي يعيش في حيفا مع زوجته وأطفاله، ويحلم بتطوير مهنته في عالم الكتابة، لكنّه في الوقت نفسه يعاني من اكتئابٍ مزمن. يتعرف وليد إلى جاره الذي يطوّر علاقة وثيقة معه، فتنشأ صداقة حقيقية بين الرجلين، وينحدران معاً في طريقٍ قاتم وخطير.
ويرصد العمل حالات الفرد الفلسطيني وخيباته ضمن واقع الاحتلال لأراضي الـ48 في حيفا تحديداً، ذلك الواقع لا يبدو ظاهرياً لكنه ينعكس بشكل مباشر وغير مباشر على كينونة المكان وشخوصه. وتنجح مها الحاج في الإمساك بجميع خيوط الشخصيات الرئيسة بكل توافقاتها وتناقضاتها وأزماتها ممثلةً بأبطال الفيلم المبدعين.
وقالت مؤسسة “فيلم لاب فلسطين” في بيان لها، إن عروض المهرجان تمتد في الفترة من 1 إلى 7 نوفمبر، في خمس مدن فلسطينيّة هي القدس العاصمة، رام الله، غزة، بيت لحم وحيفا، مشيرةً إلى أن الجمهور الفلسطيني سيكون على موعد مع مجموعة من الأفلام الروائية والوثائقية المحلية والعربية والعالمية، الطويلة والقصيرة الحائزة على جوائز عالمية، والتي تعرض لأول مرة في فلسطين، بالإضافة إلى برنامج أفلام خاصة بالأطفال والعائلة، انطلاقا من دور “فيلم لاب” في نشر وتعزيز ثقافة السينما وأهميتها لدى الأجيال القادمة.
فعاليات المهرجان
أضافت أنها انتدبت فريقا فنيا لاختيار الأفلام المشاركة في المهرجان، بما يضمن تنوعها وقيمتها الفنية، يتألف من الروائي والناقد السينمائي سليم البيك، والصحافية ومنتجة الأفلام ليانا صالح، والكاتب والمخرج مهند صلاحات.
وأشارت “فيلم لاب” في بيانها إلى أنها استقبلت 82 طلبا من منتجي الأفلام للمشاركة في مسابقة “طائر الشمس الفلسطيني” بفئاتها الثلاث، في نسختها السادسة للأفلام القصيرة والأفلام الوثائقية الطويلة، ومشاريع الإنتاج، حيث تتنافس 9 أفلام من أصل 55 على جائزة أفضل فيلم قصير بقيمة 3000 دولار، أما عن الأفلام الوثائقية الطويلة فقد وصل عدد الطلبات المقدمة إلى 11 فيلما من فلسطين وعن فلسطين، اختيرت منها 5 أفلام لتتنافس على الجائزة وقيمتها 5000 دولار.
وتشرف على المسابقة لجان تحكيم فنية متخصصة تضم فنانين ومخرجين محليين ودوليين، لاختيار الأفلام المتقدمة للمسابقة.
ويتنافس أيضا 11 مشروعا قيد الإنتاج على جائزة “طائر الشمس الفلسطيني” للأفلام الروائية القصيرة لمنتجي أفلام فلسطينيين أو أفلام يتعلق موضوعها بفلسطين بقيمة 10000 دولار، بالإضافة إلى دعم عيني بقيمة 6000 دولار يشمل أجهزة التصوير والصوت وخدمات ما بعد الإنتاج.
وبموازاة البرنامج الرئيسي، سيقدم المهرجان في نسخته التاسعة تظاهرة خاصة تحت عنوان “حديث لذاكرة بصرية” بذكرى مرور أربعين عاما على خروج منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت، بما يحمله عام 1982 من دلالات لدى الفلسطينيين، وتأثيره على إنتاج الصورة الفلسطينية وتحول الشخصية السينمائية الفلسطينية من بعده، حيث ستتضمن هذه التظاهرة ندوات وعروض أفلام، وإعادة إطلاق لكتاب “فلسطين في السينما” لوليد شميط وغي هينبل.
ومهرجان “أيام فلسطين السينمائية” الدولي تنظمه مؤسسة “فيلم لاب فلسطين” منذ العام 2014 حيث أصبح تقليدا سنويا منذ ذلك الحين.
ويهدف المهرجان إلى تنمية الثقافة السينمائية من خلال عروض الأفلام المحلية والدولية في المدن الفلسطينية، إلى جانب حلقات نقاش، وورش عمل احترافية، وبرامج متخصصة للجيل القادم.