حمى الاحتجاج في الشرق الأوسط ترفع وتيرة التظاهر في أميركا اللاتينية

رفعت حمى الاحتجاجات المطلبية السياسية التي لا يمكن فصلها عن تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في الشرق الأوسط من درجة المظاهرات في أميركا اللاتينية، حيث فقد المواطنون ثقتهم في شعارات سياسية لم تقدم البديل المنتظر على المستوى الاجتماعي.
لاباز ( بوليفيا) – تواصلت في بوليفيا الخميس، الاحتجاجات في الشوارع على خلفية تصدر الرئيس الاشتراكي إيفو موراليس لنتائج الانتخابات الرئاسية الأولية فيما تتواصل عمليات الفرز.
وتتزامن الاحتجاجات مع إعلان منافس موراليس الليبرالي كارلوس ميسا عن تشكيل تجمع أحزاب سياسية من اليمين والوسط أطلق عليه اسم “تنسيق الدفاع عن الديمقراطية” للضغط بهدف تنظيم دورة ثانية. ويأتي ذلك في ما يبدو موراليس على وشك إعلان فوزه اعتبارا من الدورة الأولى بحسب النتائج الرسمية التي تتسرب نتائجها تدريجيا.
وجدت الأربعاء، مواجهات عنيفة بين أنصار موراليس وميسا، وردد المعارضون لفوز موراليس شعارات كثيرة أبرزها ‘“فليرحل موراليس”.
ولم يتقبل قسم كبير من البوليفيين قرار الرئيس موراليس الترشح لولاية رابعة فيما كان الناخبون عبروا عن معارضتهم ذلك خلال استفتاء في 2016.
ويتواصل فرز الأصوات بشكل بطيء، ولتجنب دورة ثانية، يتعين على المرشح الذي يتقدم النتائج أن يحصل على الغالبية المطلقة أو على الأقل 40 بالمئة من الأصوات وفارق عشر نقاط عن المرشح الذي يحل ثانيا.
وشهدت بوليفيا إضرابا عاما، الأربعاء والخميس وصفه موراليس بمثابة “انقلاب” مدبر من قبل اليمين معربا عن “ثقته التامة” بأنه سيعاد انتخابه من الدورة الأولى بفضل “تصويت المناطق الريفية”.
وقال لويس فرناندو كاماشو رئيس منظمة تجار ومقاولين ومواطنين للحشود “هذه الحركة ستستمر إلى أن نؤكد إجراء الدورة الثانية”.
ورغم محاولة الأنظمة اليسارية في دول أميركا الجنوبية واللاتينية مؤازرة موراليس على غرار الفنزويلي نيكولاس مادورو الذي عبر عن دعمه لموراليس إلا أن الشارع البوليفي لم يهدأ وغص بالمحتجين الرافضين لنتائج الانتخابات.
واعتبرت بعثة مراقبة الانتخابات من منظمة الدول الأميركية في بوليفيا أن “أفضل حل” هو إعلان عدم تمكن أي من المرشحين من الحصول على الأصوات الكافية وإجراء دورة ثانية. وشاطرت الكنيسة الكاثوليكية رأي البعثة معتبرة أن دورة ثانية “هي الحل السلمي”. وتعيد هذه الاحتجاجات الرافضة لنظام يساري في أميركا الجنوبية إلى الأذهان حالة التهاوي التي تعيشها الأنظمة اليسارية هذه المناطق خلال السنوات الأخيرة.
ولعل أبرز مظاهر هذا التقهقر سقوط مرشح حزب العمال اليساري في البرازيل فرناندو حداد في الانتخابات الرئاسية العام الماضي أمام مرشح أقصى اليمين، ضابط الجيش السابق، غايير بولسارنو.
وتعود أسباب سقوط اليسار البرازيلي المدوي، الذي حكم البلاد لمدة 13 عاما، إلى الرفض الشعبي لحزب العمال الذي لاحقته فضائح فساد ورشوة التي خلال الأعوام السابقة.
ويرى مراقبون أن الشعارات التي يرفعها اليسار في سائر بلدان العالم ولاسيما في أميركا اللاتينية التي تعد معقلا لليسار، والتي أبرزها مقاومة الفقر والفساد وغيرها لم تعد تستقطب أعدادا هامة من الجماهير وهو ما أدى إلى صعود نجم المحافظين واليمينيين وغيرهم من التيارات السياسية.
وليس ببعيد عن بوليفيا انتشرت الاحتجاجات في التشيلي الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية للتعبير عن غضب التشيليين من تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية. ودعت النقابات والحركات الاجتماعية الرئيسية إلى إضراب عام الأربعاء والخميس على الرغم من التدابير الاجتماعية التي أعلنها الرئيس سيباستيان بينييرا، ما هدد بتأجيج الأزمة العنيفة التي أسفرت عن سقوط 15 قتيلا في البلاد منذ ستة أيام.
ولم يتمكن الرئيس اليميني من احتواء الاحتجاجات التي اندلعت من سانتياغو لتتحول إلى أعمال عنف دامية.
وزادت من تأجيج الأوضاع محاولة الرئيس فرض حالة الطوارئ وكذلك استدعاء للقوات المسلحة لتطويق الاحتجاجات ونشر نحو عشرين ألفا بين شرطيين وعسكريين في البلاد وهو ما لاقى تنديد منظمات للعمال والطلاب التي دعت بدورها إلى الإضراب.
ويأتي هذا التصعيد على الرغم من إعلان الرئيس التشيلي حزمة من التدابير الاجتماعية لإنهاء الاحتجاجات العنيفة.
ومن أبرز ما تضمّنته حزمة التدابير المقترحة زيادة الحدّ الأدنى للراتب التقاعدي بنسبة عشرين بالمئة وتجميد تعرفة الكهرباء وإعداد مشروع قانون يتيح للحكومة تحمّل تكلفة العلاجات الطبية الباهظة الأثمان. وقال بينييرا “في مواجهة الاحتياجات المشروعة للمواطنين، تلقّينا بتواضع ووضوح الرسالة التي بعث بها إلينا التشيليون”.