حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي في تونس تطالب بحل البرلمان

تونس – طفت الدعوات إلى حلّ البرلمان التونسي مجددا على السطح في أعقاب أحداث عنف يشهدها بشكل شبه يومي وزيادة الاحتقان بين الكتل النيابية.
ودعت أوساط سياسية وقانونية الرئيس التونسي قيس سعيد إلى حل البرلمان وتطبيق الفصل الثمانين من الدستور، الذي يتيح له فرض تدابير استثنائية لتسيير البلاد.
وقال القيادي في التيار الشعبي محسن النابتي إنه لا خيار اليوم إلا حل البرلمان لإنقاذ البلاد، بعد أن أصبح "البرلمان بؤرة المؤامرة على الشعب والدولة".
وقال النابتي في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية بموقع فيسبوك، إن "كل الدلائل تؤكد أن البرلمان تمت فبركته بأكبر عملية تزوير لإرادة شعب عبر كل الوسائل والوسائط".
وأشار إلى أن من فبرك هذا المشهد الذي وصفة بـ"الغريب والعجيب هو من يتحكم في هذه الدمى، وهدفه واضح وصريح؛ إسقاط الدولة وفرض الاستسلام على الشعب التونسي في كل المناحي".
وأكد النابتي في تدوينته أنه "لا خيار، إما حل البرلمان كمقدمة للإنقاذ أو استمراره حتى تتحقق كل أهداف العدوان"، الذي اعتبر أنه "ينفذ على الشعب بشكل ناعم وتدريجي".
وينصّ الفصل الـ80 من الدستور التونسي على أنّ "لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن أو أمن البلاد أو استقلالها، يتعذّر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويُعلِن عن التدابير في بيان إلى الشعب".
ويستند المطالبون بحل البرلمان إلى ما تعيشه البلاد من فوضى مع بلوغ المشهد البرلماني أسوأ مراحله بانتقال العنف بين النواب من عنف لفظي إلى شجار وعراك، ودخول بعض النواب في شجار مع العملة والصحافيين العاملين هناك، وتعمد بعضهم تصوير كل ما يدور تحت قبة البرلمان، ما ينقل صورة سيئة داخليا وخارجيا.
والخميس أقدم رئيس لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية في البرلمان والنائب عن كتلة حركة النهضة ناجي الجمل، على الاعتداء بالعنف على النائبة بالدستوري الحرّ زينب السفاري.
والأربعاء احتجت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي وعدد من نواب كتلتها داخل البرلمان على حادثة فض اعتصام الحزب أمام مقر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فرع تونس، والذي يلقى دعما من إخوان تونس والأحزاب الإسلامية.
وبعد ذلك، أقر مكتب البرلمان منع كل نائب من حضور الجلسة العامة أو أعمال اللجان وأشغال المكتب في صورة تجاوزه للنظام الداخلي، إثر التنبيه عليه مرتين، وذلك استنادا إلى الفصلين الـ56 والـ48 من النظام الداخلي.
وتبثّ موسي بشكل مباشر أشغال مكتب البرلمان عبر هاتفها الخاص، ما أفضى إلى خلافات داخل مكتب المجلس وتوتر مستمر، لاسيما مع نواب حركة النهضة وحليفها ائتلاف الكرامة.
وهذه الدعوات ليست الأولى من نوعها، بل بدأ الحديث عنها منذ أشهر، في حين لم يعلق الرئيس سعيّد بشكل مباشر عليها، مكتفيا بالتلميح من حين إلى آخر بأنه قد يلجأ إلى هذا الحل إذا ما استمرت مشاكل النواب.
ووجهت النائبة السابقة بالبرلمان عن حركة نداء تونس فاطمة المسدي نداء للرئيس قيس سعيّد عبر صفحتها بموقع فيسبوك، وقالت "إذا تحب تونس حل البرلمان وادع إلى استفتاء ونحن سنساندك".
ويوافق النائب عن حركة الشعب خالد الكريشي على مقترح حلّ البرلمان، ويقول إنّ الأزمة السياسية أوصلت تونس إلى وضع لا تحمد عقباه.
واعتبر الكريشي في تصريحات محلية أن المسؤول الأول عن الأزمة السياسية هو رئيس الحكومة هشام المشيشي وعليه الاستقالة، ومن ثمّة دخول البلاد في حوار وطني شامل والانكباب على الإصلاحات الاقتصادية العاجلة، لأن الوضع الاقتصادي انهار.
لكنّ النائب عن حركة الشعب عبّر عن مخاوفه من أن ينتج حل البرلمان المنظومة ذاتها، داعيا إلى تطبيق القانون في البرلمان والمطار، وفق قوله، وذلك في إشارة إلى ما أتاه النائب عن ائتلاف الكرامة سيف الدين مخلوف من محاولته لتسفير امرأة بالقوة صادر في شأنها قرار تحجير سفر أو ما يعرف في القانون التونسي بـ"أس -17"، وهو إجراء إداري تتخذه وزارة الداخلية في من تتعلق بهم تهم المساس بالأمن القومي.
ويمنح الدستور التونسي المحكمة الدستورية صلاحيات تشمل مراقبة دستورية القوانين ومشاريع القوانين والمعاهدات الدولية والنظام الداخلي للبرلمان. كما أوكلت لهذه الهيئة القضائية المستقلة مهمة ضمان علوية الدستور وحماية النظام الجمهوري الديمقراطي والحقوق والحريات في نطاق اختصاصاتها.
لكن البرلمان عجز عن إرساء المحكمة الدستورية إلى حد الآن، وحالت التجاذبات السياسية دون ذلك، حيث تنشغل الرئاسات الثلاث في تونس بالصراع على النفوذ.
وتدعم حركة النهضة بقيادة رئيس البرلمان وزعيمها راشد الغنوشي رئيس الوزراء هشام المشيشي في مواجهته مع رئيس البلاد قيس سعيّد في ما يتعلق بتعديل وزاري يرفضه رئيس الدولة، بسبب وجود خروقات للدستور وشبهات فساد حول بعض الوزراء المقترحين.
ويحمّل تونسيون النهضة التي تملك الأغلبية في البرلمان الأزمة السياسية، فيما تراجعت شعبية الحركة الإسلامية خلال السنوات الماضية، وشنوا حملات عديدة على مواقع التواصل الاجتماعي لحلّ البرلمان وسحب الثقة من الغنوشي، الذي يسعى للاستئثار بالسلطة.