حملة منسقة ضد صحافية إذاعة "صوت أميركا" بسبب سؤال حول الذئاب الرمادية تثير جدلا سياسيا في تركيا

أنقرة - أعربت المنظمات الإعلامية التركية عن قلقها بشأن مضايقة صحافية من إذاعة “صوت أميركا” حاولت استجواب زعيم حزب الحركة القومية التركي اليميني المتطرف دولت بهجلي.
وجهت الصحافية يلدز يازجي أوغلو سؤالا إلى بهجلي بعد اجتماع الحزب في مبنى البرلمان في أنقرة الثلاثاء حول حادثة قتل سنان ألتيس الرئيس السابق لمنظمة مافيا “الذئاب الرمادية” وهي الجناح الشبابي لحزب الحركة القومية المتطرف. ويظهر مقطع فيديو للحادث بهجلي وهو يسير وسط زحمة المراسلين. وبينما تطرح يازجي أوغلو سؤالا، يُسمع بهجلي يقول “اهتمي بشؤونك الخاصة”.
وبعد ذلك دفع رئيس أركان بهجلي الميكروفونات بعيدا، كما دفع نائب للحزب يازجي أوغلو بعيدا عن الطريق.
وقُتل أتيس برصاصة في العاصمة أنقرة، بينما كان يغادر شقته مع صديق في الثلاثين من ديسمبر من العام الماضي.
واتهم القوميون حزب الحركة القومية بالفشل في الرد على مقتله. وشغل أتيس منصب رئيس الذئاب الرمادية قبل أن يقيله زعيم حزب الحركة القومية وكان هدفا لأعضاء المجموعة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وبعد أن قتل مسلحون أتيس في أنقرة، انتقد بعض المؤيدين الوطنيين حزب الحركة القومية لعدم تعليقه على حادثة القتل. وفي خطاب برلماني هذا الشهر، قال بهجلي إن بعض الناس كانوا يحاولون استخدام القتل لإلقاء ظلال على الحزب “باتهامات لا أساس لها تهدف إلى خلق صدوع” في التحالف الذي شكله مع حزب العدالة والتنمية.
واتهمت الذئاب الرمادية، التي عملت داخل تركيا لعقود من الزمان، بارتكاب أعمال عنف ذات دوافع سياسية بشكل رئيسي ضد زعماء اليسار والأكراد والأقلية الطائفية العلوية في تركيا.
كما تعرضت المنظمة لتدقيق متزايد في أوروبا منذ أن حظرها المسؤولون الفرنسيون في عام 2020 لارتكابها أعمال عنف والتحريض على خطاب الكراهية.
ويذكر أن حزب الحركة القومية لديه تحالف سياسي مع حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا وسبق أن رفضا مقترحا برلمانيا تقدم به حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد طالب فيه بالتحقيق في العلاقات المفترضة لمنظمات إجرامية مع الحكومة التركية، وفق ما ذكر موقع بولد ميديا الإخباري.
وفي أعقاب الحادث، انتقد أعضاء من حزب الحركة القومية وأنصاره يازجي أوغلو على وسائل التواصل الاجتماعي.
واتهم النائب عن حزب الحركة القومية إسماعيل أوزدمير الصحافية على تويتر “بالتصرف كمحرضة بحجة طرح سؤال”.
وانتشر هاشتاغ على تويتر يشير إلى يازجي أوغلو على أنها “محرضة” و”عميلة”، ووجهت منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي إهانات وتعليقات معادية للمراسلة، قائلة إن الشعب التركي سوف يسكت إذاعة “صوت أميركا”.
ودافع المشرعون المعارضون ودعاة الإعلام عن يازجي، قائلين إن مهمة وسائل الإعلام هي طرح الأسئلة.
وشارك أوزغور أوزيل نائب رئيس المجموعة البرلمانية لحزب المعارضة الرئيسي في تركيا، حزب الشعب الجمهوري، مقطع فيديو للحادث على وسائل التواصل الاجتماعي وقال “الصحافيون ليسوا من يطرحون الأسئلة التي تريدونها. نحن ندين التوبيخ اللفظي والتدخل الجسدي ضد الصحافيين الذين يطرحون الأسئلة نيابة عن الجمهور”.
وانتقد علي باباجان رئيس حزب الديمقراطية والتقدم (ديفا)، وهو جزء من تحالف المعارضة المشكلة ضد حزب العدالة والتنمية الحاكم، الطريقة التي تحدث بها زعيم حزب الحركة القومية إلى الصحافية.
وقالت جمعية المراسلين البرلمانيين في تركيا إن التدخل الجسدي ضد الصحافيين من قبل المسؤولين أو أعضاء الحزب أمر غير مقبول.
وقالت يازجي أوغلو إنها تأسف لكونها موضوع تقرير إخباري. وأضافت لإذاعة “صوت أميركا”، “الجزء الأكثر حزنا هو أن عضوا في البرلمان هي التي دفعتني جسديا وليس الحراسة الأمنية لأحد السياسيين. لم يتم سؤال بهجلي بشكل مباشر عن جريمة القتل والمزاعم التي أحاطت بها من قبل.
أردت أن أسأله عما إذا كان يرغب في الرد. كان من المزعج أن أرى أنني متهمة بكوني مستفزة بالإضافة إلى ما حدث”.
ورفضت المجموعات الإعلامية التركية التعليقات على أن يازجي أوغلو كانت مستفزة.
وقال فاروق إرين رئيس اتحاد النقابات العمالية التقدمية في تركيا، إن “مثل هذه الاتهامات ضد يازجي أوغلو غير مقبولة. إنها عضو في النقابة”.
وأضاف “طرحت يازجي أوغلو السؤال بطريقة لائقة للغاية، لقد كان الجمهور التركي مهتما بمعرفتة الإجابة. لكن قيل لها أن تهتم بشؤونها الخاصة. في الواقع، هذا هو عملها”.
وقال إيرول أوندير أوغلو الممثل التركي لمنظمة مراسلون بلا حدود “في الديمقراطيات، تعد الأسئلة الملحة من الصحافي حالة عادية حيث يجب على الأشخاص الذين يطلقون على أنفسهم سياسيين التكيف”.
الذئاب الرمادية متهمة بارتكاب أعمال عنف ذات دوافع سياسية بشكل رئيسي ضد زعماء اليسار والأكراد والأقلية الطائفية العلوية في تركيا
وأضاف “إذا تم تصنيف إحدى الزميلات على أنها محرضة وطُلب منها أن تهتم بشؤونها الخاصة لمجرد أنها طرحت سؤالا كجزء من وظيفتها، فهذا مؤشر على أن أولئك الذين يتوقون إلى مجتمع مغلق قد أصيبوا بالقلق”.
وقال سيبل غونيس الأمين العام لجمعية الصحافيين الأتراك إن “الصحافيين يعملون في بيئة مخيفة، حيث يعيشون تحت التهديد”.
وقال أوزغور أوجريت، من لجنة حماية الصحافيين إن يازجي أوغلو “لم تكن تشكل تهديدا”. وقال في بيان “يجب على السياسيين الأتراك وطاقم الأمن التابعين لهم أن يكونوا أكثر احتراما لحق وسائل الإعلام في نقل الأخبار، والتي تشمل بوضوح طرح أسئلة صعبة على السلطات”. وقالت مديرة العلاقات العامة في صوت أميركا، بريدجيت سيرشا إن “المؤسسة الإعلامية قلقة من هجوم غير مبررعلى مراسلتها”.
وأضافت في بيان “كانت تقوم بعملها كصحافية، تغطي الأحداث المهمة لجمهورنا التركي. تناشد إذاعة صوت أميركا جميع المسؤولين المعنيين بمعاملة عادلة للصحافيين عند أداء وظائفهم”.
وقالت مراسلون بلا حدود إن تركيا “صعدت من هجماتها على الصحافيين” مع اقتراب انتخابات عام 2023 المقرر إجراؤها في مايو. وتحتل البلاد المرتبة 149 من بين 180 دولة، حسب مؤشر حرية الصحافة في مراسلون بلا حدود.
ويذكر أن السلطات التركية منعت في عام 2022 الوصول إلى موقع صوت أميركا في نسخته التركية، إلى جانب خدمة دويتشه فيلله الألمانية، بعد أن رفضت هيئات البث العامة الدولية التقدم للحصول على تراخيص من المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون، المعروف باسم (RTUK).
وأثار مراقبون مخاوف من أن اللائحة تمنح المجلس سلطة التحكم في المحتوى عبر الإنترنت.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة تدين “التهديدات والمضايقات والعنف الذي يستهدف الصحافيين والعاملين في مجال الإعلام”. وأضاف “الولايات المتحدة لا تزال قلقة من القيود واسعة النطاق على حرية التعبير في تركيا”.