حملة شرسة ضد ناشطة سورية أثارت قضية الحجاب وخطف الفتيات

تواجه الناشطة السورية هبة عزالدين حملة اتهامات بالتخوين والإساءة الى المعتقدات الدينية بسبب تسجيلات مزعومة لها على مواقع التواصل الاجتماعي نفتها بشدة، فيما عزا الكثيرون الحملة ضدها إلى حديثها عن ظاهرة اختطاف الفتيات في الساحل السوري.
إدلب (سوريا) - تحول اسم الناشطة السورية هبة عزالدين المعروفة باسم هبة الحجي، إلى ترند على مواقع التواصل الاجتماعي إثر حملة شرسة ضدها على خلفية انتشار تسجيل صوتي نسب إليها واعتبر مسيئا للحجاب، بعد ضجة واسعة أثارتها بسبب الحديث عن المختطفات في منطقة الساحل.
وضجت مواقع التواصل بالتسجيلات التي وُصفت بأنها مسيئة للحجاب والخمار، ما دفع محافظ إدلب محمد عبدالرحمن إلى إصدار توجيه إلى المدعي العام في المحافظة باتخاذ الإجراءات القانونية بحق عزالدين، لاتهامها بإهانة المنقبات ومنعهن من دخول مركزٍ مدني تديره في إدلب.
وقال ناشرو التسجيل إنه يعود إلى عزالدين، وهي تعبّر فيه عن “اشمئزازها من الخمار”، مشيرة إلى أنها لا تسمح بدخول امرأة إلى مركز “عدل وتمكين” الذي تديره، إن كانت ترتدي الحجاب، وجاء في المقطع المسرب أنها “مستعدة لتسكير (غلق) المركز، وأن توقف التدريبات في حال عدم التزام المخمرات بخلع الخمار داخل المركز،” وهو ما اعتبره كثيرون إساءة مباشرة للنساء اللواتي يرتدين الخمار.
وأشعل الموضوع الجدل على مواقع التواصل، بين من اعتبر ما قالته إهانة للهوية الدينية، ومن يراها ضحية تصفية حسابات وحملة منظّمة. بينما دعا صحافيون وناشطون إلى مقاربة أكثر هدوءا في موازاة مطالبات بتشديد العقاب من ناشطين آخرين، وجاء في تعليق:
Joseph Istanbouli
أنا مع رفع الدعوى وفي نفس الوقت أطالب نفس الجهة برفع نفس الدعوة على كل واحد أساء للرموز العلوية والمسيحية لأن الاعتداء على حرية أي دين لازم يتجرم (يجب أن يتم تجريمه).
لكن الناشطة نفت بشدة، وكتبت منشورًا تؤكد فيه أن التسجيلات “مفبركة”، وأن موظفات المركز ومتدرباته من المحجبات، ولم يتعرض لهن أحد، وجاء فيه باللهجة المحلية:
Hiba Ezzideen
بظل الهجمة مبارح علي وعلى أهلي والتهديدات اللي وصلتنا ماكنت قادرة أسمع أو شوف كتير من القصص، لكن اليوم سمعت التسجيلات اللي عم تنتشر عني والقصة اللي ناشرها الصحافي قتيبة ياسين.
أنا بأكد مية بالمية أن التسجيلات مفبركة، واللي بيعرف مراكزنا، بيعرف أنه عنا موظفات ومتدربات مخمرات، ماحدا قرب منن، وببداية أي تدريب، منسأل كل الصبايا إذا حابات يتصوروا أو لأ، أو إذا بدن يحطوا كمامة، أو يطلعوا بوجهن. مراكزنا مفتوحة للجميع للي بدها تزورها.
القصة التانية، الشي اللي نشره قتيبة دون أي دليل هاد اتهام خطير، وأنا بطالبه يظهر كل الوثائق اللي عم يحكي عنها. كتير محزن أني أضطر دافع عن حالي بهي القصة، وكل سنين الثورة وشغلي ماشفعولي أنو الناس يكذبوا الخبر.
شكراً لكل من سأل عني، أنا بخير، وبانتظار تظهر العدالة.
وجاءت الحملة ضد الناشطة بعد أن كشفت عن شكوكها بشأن حادثة اختطاف فتاة من الساحل السوري وتزويجها بالإكراه في إدلب، في ظل ملابسات غامضة وحالة نفسية صعبة تمر بها الضحية. وطالبت بفتح تحقيق فوري بناءً على ما لاحظته خلال زيارتها الأخيرة إلى إدلب. كما دعت الجهات المعنية إلى التدخل العاجل لوقف مثل هذه الانتهاكات.
ورغم سنوات عملها في الحراك المدني، تقول هبة إن سنوات وقوفها مع الثورة السورية لم تشفع لها، في إشارة إلى ما وصفته بحملات التشهير.
وجاء حديث عزالدين بالتوازي مع استمرار اختطاف الفتيات والنساء وسط صمت حكومي، رغم الضجة الكبيرة حول ذلك على مواقع التواصل حيث يندر منذ انطلاق أحداث الساحل قبل شهر ونصف الشهر أن يمر يوم من دون الإعلان عن اسم جديد لسيدة أو فتاة تم اختطافها، لتنقطع أخبار معظمهن، إلا في حالات نادرة شهدت إعادة بعض المختطفات بعد أن تعرضن للضرب والإهانة، وفقًا لشهادات مقربين من الفتيات.
وآخر حالة سجلت كانت الأسبوع الماضي عندما جرت محاولة اختطاف فتاة طالبة في المرحلة الإعدادية، في مدينة اللاذقية، عن طريق مجهولَين كانا يستقلان سيارة نوع فان – أسود، حيث أقدم الخاطفان على سحب الفتاة فور خروجها من المعهد ولاذا بالفرار إلى جهة مجهولة. وبعد تدخل الأهالي وعناصر من الأمن العام وملاحقتهم للسيارة المشتبه بها، وعقب نحو 10 دقائق من المطاردة، رمى الخاطفون الفتاة في الأحراش وفروا إلى جهة مجهولة، فيما لا تزال الفتاة تحت هول الصدمة والرعب.
غير أن إثارة الناشطة للقضية أثارت حساسية البعض من المتابعين واعتبروها اتهاما لمدينة إدلب وللأمن العام بالتواطؤ في خطف الفتيات، فيما تضامن معها آخرون أكدوا أنها أثارت قضية مهمة وتعرضت لحملة تخوين بسببها، وجاء في تعليق:
خالوkhalo ·
قضية هبة عزالدين، كل الاحترام والتضامن مع حضرتك أختي الكريمة.
أصبحت عميلة لمخابرات #الأسد! فقط لأنها تنتقد حكومة الحرية مع العلم أنها بنت إدلب، والثوار #الحقيقيون يشهدون لها بأنها من الثوار الحقيقيين.
وقالت الكاتبة ريما فليحان على حسابها في فيسبوك:
Rima Flihan
– هل هناك نساء مختطفات في الساحل؟
نعم، وهناك العشرات من الأسماء الموثقة والتوثيقات لملابسات اختطافهن بما فيها تسجيلات ومقابلات واتصالات.
هل يتعلق الكشف عن قضايا الاختطاف بما نشرته هبة عزالدين؟ لا، هناك تحقيقات صحفية منشورة من قبل مؤسسات إعلامية مرموقة عن قضايا الاختطاف، منشور هبة كان شهادة شخصية شجاعة منها على مشاهدتها وفيه تساؤلات ومطالبة بتحقيقات، منشور هبة ليس هو الذي أثار القضية، القضية متداولة أساسا على وسائل التواصل والإعلام العربي قبل منشور هبة، ربما المنشور حرك القضية على السوشيال ميديا.
هل نعلم من هم الخاطفون بشكل حاسم؟ لا، لا نعلم لذلك نطالب السلطات بالتحقيق والعمل على إطلاق سراحهن ومحاسبة الجناة.
هل من مصلحة السوريين أن يطالبوا بالتحقيق والاستقرار الأمني والتوثيق لما حصل أم من مصلحتهم اتباع سياسة النعامة دفن الرأس في الرمال؟
تحوير القضية الأساسية وربطها بمنشور شخص واحد هما محاولة لتمييع المشهد وصرف التركيز عن القضية الأساسية.
وكتب ناشط:
Abdoullah Ali
نعم للأسف نشطاء ومثقفون شنوا حملة على هبة عزالدين بعد إدلائها بشهادتها بخصوص مخطوفات الساحل.
هي شجاعة لأنها شهدت بما رأت وعرفت فكونوا شجعانا وتقبلوا الحقيقة أو ادحضوها بدليل معاكس، وها هي تتحداكم فأين أنتم؟
وعلقت الشاعرة رشا عمران على حسابها في فيسبوك مستخدمة اللهجة المحلية في أغلب التعليق:
رشا عمران
المفروض كل المحاميات النسويات يكونوا بضهر هبة عزالدين حاليا.. كتير معيب اللي صار. الست ما قالت سبايا ولا قالت اللي خطفها مقاتل إدلبي. ذكرت حادثة وطالبت الحكومة بالتحقيق فيها. الهجوم المرعب واللاأخلاقي عليها مخيف. هجوم ذكوري استعلائي ومستقو بالسلطة حتى لو اللي هاجمهوها نساء. أنا بحياتي ما شفت شعب بيتجند كله لدعم سلطة هي عم تعترف بارتكابات عناصرها ضد ست كتبت منشور عالفيسبوك. عار.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان كشف أن مصير خمسين سيدة من الطائفة العلوية لا يزال مجهولًا، بعد اختفائهن في ظروف غامضة منذ بداية العام الجاري، في سلسلة حوادث متفرقة شهدتها عدة محافظات سورية، من بينها حمص وطرطوس واللاذقية وحماة.
وأضاف أن حالات الاختفاء التي تتخذ طابعًا ممنهجًا أثارت مخاوف واسعة، خصوصًا في ظل تصاعد أعمال العنف والجريمة، وتنامي ظاهرة الإفلات من العقاب.