حملة ترويج جزائرية لإقناع رجال الأعمال بالاستثمار في المناجم

الجزائر - تحاول الجزائر من خلال حملة ترويجية ستبدأها الثلاثاء لإقناع رجال الأعمال والشركات بالاستثمار في قطاع المناجم، الذي بات مجالا ضمن خطط الدولة لتنويع الاقتصاد والاستثمار في الثروات المنسية بعيدا عن ريع النفط.
وهذه الخطوة هي الأحدث بالنسبة إلى السلطات، التي تكافح من أجل تنويع الاقتصاد عبر فتح أبواب الاستثمار في صناعة التعدين، بعد أن تضررت ماليتها العامة بسبب انحسار عوائد النفط والغاز ومخلفات الإغلاق الاقتصادي.
وقالت وزارة الطاقة والمناجم في بيان نشرته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، إن “تنظيم هذا اليوم الإعلامي يأتي في إطار خطة الإنعاش الاقتصادي الوطني لاسيما في قطاع المناجم فضلا عن الترويج لفرص الاستثمار في هذا المجال”.
وأشارت إلى أن هذا الحدث جزء من ديناميكية التغيير الذي أطلقته وزارة الطاقة بهدف تشجيع المستثمرين الجزائريين والأجانب على تعزيز وجودهم في القطاع، “بالنظر إلى الاحتياطات المعدنية الكبيرة التي تزخر بها الجزائر مثل الحديد والفوسفات والزنك والذهب والرخام والباريت وغيرها”.
وأكدت الوزارة أنها تعمل “على تشجيع وتعزيز الاستثمارات في القطاع المنجمي من خلال الآليات التي تمّ وضعها”.
وتتمثل أهم الآليات في إعادة النظر في الإطار القانوني والتنظيمي المتعلق بالأنشطة المنجمية، الذي ترى الجزائر أنه من الضروري تطويره وفقا للمعايير البيئية العالمية التنافسية، إلى جانب توفير المعلومات الأساسية والبيانات المتعلقة برسم الخرائط الجيولوجية وجرد المعادن للمستثمرين.
وفي أغسطس الماضي، أعلنت الحكومة أنها ستحدث تغييرات على المنظومة القانونية المنظمة لنشاط المناجم، لتحسين قدراته التشغيلية والاستفادة من إيراداته.
وزارة الطاقة والمناجم الجزائرية: نعمل على تشجيع وتعزيز الاستثمارات في القطاع المنجمي من خلال الآليات التي تمّ وضعها
وتسود قناعة لدى أوساط الأعمال والخبراء بأن رهان الجزائر على استثمارات المناجم، بعد تعثر رهاناتها السابقة لتحريك اقتصادها المتضرر بسبب الإدمان على إيرادات النفط والغاز، لا تزال تسير ببطء.
ورغم الإعلانات المتتالية في الأشهر الأخيرة عن فتح الطريق أمام تطويريه، لكن محللين يرون أن الحكومة تواجه طريقا شاقا وصعبا لإصلاح القطاع، الذي ظل بعيدا عن اهتماماتها.
وكان وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب قد قال في وقت سابق من هذا الشهر إن “الحكومة تستعد لطرح خمسة مشاريع تتعلق باستخراج وإنتاج وتصنيع معدن الذهب”.
ونسبت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية إلى عرقاب قوله إن “من بين مزايا المشاريع الجديدة التي ستنجز بالتعاون مع شركات أجنبية ستشرك معها مؤسسات جزائرية، توفير فرص عمل لفائدة سكان المناطق التي ستنشأ فيها”.
وأضاف أن “الدولة تولي أهمية كبيرة لهذا النشاط الذي فتحته أمام الشباب الراغبين في الانخراط في الاستغلال الصناعي للذهب”.
وتحتوي الجزائر على العديد من الثروات المعدنية، أهمّها الفوسفات، الذي يتركز في منطقة الكويف وجبل العنق، وأيضا الزنك والرصاص، اللذان يتركزان في منطقة عين البربر قرب منطقة عنابة، فضلا عن مادة الزئبق الموجودة في منطقة عزابة، والرخام في منطقة سكيكدة، والحديد في منطقة غار جبيلات جنوب غرب البلاد.
وتعرضت الثروة المعدنية خلال السنوات الماضية لاستنزاف بسبب الاستغلال العشوائي لشبكات مختصة تركز أساسا على استخراج مادة الذهب وتهريبها إلى عدة أسواق ودول أجنبية.
وليست للجزائر تقاليد في إنتاج المعادن، ومن الواضح أنها تحاول اللحاق بنجاحات المغرب وموريتانيا، والاستفادة من تعثر جارتها تونس التي كانت في وقت من الأوقات الثانية على المستوى العالمي في مجال إنتاج الفوسفات قبل أن يتراجع القطاع إلى مستوى غير مسبوق.
وتشير بيانات الوكالة الجزائرية لتطوير الاستثمار إلى أن قطاع المناجم سجل خلال الفترة الممتدة ما بين 2002 و2018 استثمارات بلغت نحو 20.9 مليار دولار، وهو رقم بسيط للغاية بالنظر إلى مساحة البلاد، وما تحتويه في باطنها من معادن متنوعة.
والصيف الماضي، أعلنت وكالة المصلحة الجيولوجية التابعة لوزارة المناجم أنها تنوي تنفيذ مسح شامل يتضمن 76 مشروعا خلال العام الحالي في إطار خطة يتم بموجبها وضع خارطة مفصلة للموارد المنجمية للبلاد.
وقالت الوكالة حينها إن “الخطة تشمل رسم 43 خارطة جيولوجية في المناطق الشمالية والجنوبية، و19 مشروعا يتضمن قاعدة بيانات جغرافية للمعادن، و17 مشروعا آخر للاستثمار في الموارد المنجمية”.