حملة ترهيب تستهدف نشطاء المعارضة في الجزائر مع اقتراب الانتخابات الرئاسية

تعكس حادثة سجن ناشط سياسي لمجرد رفعه لافتة تدعو إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية وتنتقد النظام الحالي، مدى تدهور وضع الحريات في الجزائر، كما أنها تشير إلى وجود أزمة ثقة داخل النظام نفسه.
الجزائر - زادت السلطة الجزائرية ضغوطها على النشطاء المعارضين، في غمرة الاستعداد للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في سبتمبر المقبل، والتي تبدو محسومة سلفا لفائدة الرئيس الحالي عبدالمجيد تبون.
ويرى حقوقيون أن تزايد التضييقات على النشطاء هدفه خلق مناخ ترهيبي لكل نفس معارض، مشيرين إلى أن الحكم الصادر بحق الناشط هشام عقبة، على خلفية لافتة رفعها، والشروط التي تم فرضها على المعارض السياسي كريم طابو يعكسان حالة من القلق لدى النظام من تأثير الأصوات الحرة في البلاد على الإقبال على المشاركة في الاستحقاق.
ويشير الحقوقيون إلى أنه على الرغم من كون النظام الجزائري نجح في وأد الحراك الشعبي، لكنه مازال يعاني من أزمة ثقة، وهو ما يقوده إلى تبني نهج متشدد في التعاطي مع المعارضة.
وأصدر قاضي محكمة خنشلة في الجزائر مؤخرا حكما نافذا بالحبس 18 شهرا وبغرامة مالية قدرها 20 ألف دينار جزائري، في حق الناشط عقبة على خلفية اتهامه بـ”الإساءة لرئيس الجمهورية وعرقلة السير الحسن للانتخابات والتحريض على التجمهر غير المسلح، وإهانة هيئة نظامية متمثلة في رجال القوة العمومية”.
القضاء الجزائري يلزم الناشط المعارض كريم طابو بقائمة جديدة من الممنوعات في إطار الرقابة القضائية المفروضة عليه
ووفق بيان لمنظمة “شعاع” لحقوق الإنسان، ومقرها لندن، تم اعتقال الناشط هشام عقبة صباح الخميس 8 أغسطس الجاري، أمام مقر ولاية خنشلة، على خلفية رفعه لافتة عبر فيها عن رأيه في الانتخابات الرئاسية القادمة، وقد كتب عليها “لا للانتخابات المزورة” و”ارحل يا تبون أنت من بقايا العصابة”.
وتم على إثر ذلك إبقاؤه تحت النظر إلى غاية مثوله أمام وكيل الجمهورية لدى محكمة خنشلة الأحد 11 أغسطس الجاري والذي أصدر أمرا بإيداعه الحبس.
من جهة ثانية ألزم القضاء الجزائري الناشط المعارض كريم طابو بقائمة جديدة من الممنوعات في إطار الرقابة القضائية المفروضة عليه بسبب تصريحات كان أدلى بها قبل أكثر من عام، واعتبرت مهينة لرئيس الجمهورية.
وذكرت هيئة دفاع طابو في بيان توضيحي أن المعارض السياسي أخلي سبيله الاثنين، بعد عرضه بشكل مفاجئ على النيابة، لكن تم إلزامه بجملة من الشروط، من بينها منعه من النشر أو الكتابة في أي وسيلة كانت بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي، ومنعه من مغادرة إقليم اختصاص محكمة القليعة، ومنعه من المشاركة في أي حصة تلفزيونية أو ندوة صحفية، ومنعه من ممارسة أي عمل سياسي.
كريم طابو يعد من أبرز الشخصيات المعارضة المشاركة في الحراك الشعبي
وقالت الهيئة إن طابو رفض التوقيع على قائمة الممنوعات، معتبرة أن ما وقع مع موكلها هو “تعدٍ صارخ ومساس خطير بحقوق وحريات المواطن، بما فيه حق الدفاع الذي لم يحترم”.
وفرضت الرقابة القضائية على طابو في مايو 2023، وبموجب ذلك كان الناشط المعارض ملزما بعدم المشاركة في التجمعات السياسية وحضور الندوات الصحفية، كما منع من مغادرة التراب الجزائري، وحجز على جواز سفره، إلى جانب إجباره على التوقيع كل يوم إثنين لدى مصالح الأمن الداخلي.
ووفق هيئة الدفاع يلاحق طابو على خلفية تصريحات كان أدلى بها في برنامج تلفزيوني على قناة المغاربية في السابع من مايو 2023، حيث يواجه أربعة اتهامات هي جنحة إهانة رجال القوة العمومية، والإساءة لرئيس الجمهورية، وإهانة هيئة نظامية، وترويج أخبار مغرضة من شأنها المساس بالأمن العمومي والنظام العام.
ويعد كريم طابو من أبرز الشخصيات المعارضة المشاركة في الحراك الشعبي، ومن المعلوم أن لطابو موقفا رافضا للانتخابات الرئاسية التي ستجرى يوم السابع من سبتمبر المقبل.
وسبق أن واجه منذ 2019 قضيتين، بسبب تصريحات اعتبرتها النيابة الجزائرية خطرا على الأمن العام، حصل في إحداها على انتفاء وجه الدعوى أمام مجلس قضاء تيبازة سنة 2021، بينما أدين في الأخرى بسنة سجنا نافذا أمام مجلس قضاء الجزائر سنة 2020، قبل أن يتم الإفراج عنه بموجب قرار إفراج مؤقت في سياق تدابير تهدئة اتخذها الرئيس عبدالمجيد تبون.
ومؤخرا حكم على طابو بالسجن النافذ في قضية ثالثة تتعلق بإهانة رئيس مجلس حقوق الإنسان السابق بوزيد لزهاري سنة 2021، وذلك في وقائع اشتباك لفظي جرت بينهما على هامش تشييع جنازة الحقوقي الراحل علي يحيى عبدالنور، حيث توبع رفقة نشطاء آخرين بتهم التحريض على التجمهر غير المسلح، والمساس بالحرمة الواجبة للموتى في المقابر، والمساس بالوحدة الوطنية.