حملة أمنية في تونس للتصدي لمظاهر التجارة الفوضوية والاستغلال المفرط للرصيف

نشاط الباعة المتجولين يفسد المظهر العام للعاصمة ويسيء إلى جمال المدن.
الاثنين 2023/09/11
قيس سعيد يستمع إلى مشاغل المواطنين في مدينة أريانة

تونس - تكثف السلطات التونسية من حملاتها الأمنية في الفترة الأخيرة بهدف التصدي لمظاهر التجارة الفوضوية والاستغلال المفرط للرصيف التي تفسد المظهر العام للعاصمة والمدن الكبرى، وسط تساؤلات المراقبين حول آليات تقنين نشاط هؤلاء وتنظيمه.

ويثير نشاط الباعة المتجولين في شوارع العاصمة تونس جدلا واسعا، بسبب تداعياته الاجتماعية والاقتصادية. ويرى مراقبون أن انتشار التجار العشوائيين في الأسواق الشعبية وأنهج المدن يمثل تهديدا حقيقيا للاقتصاد المحلي باعتبار أن السلع التي يعرضونها تتأتى أساسا من التهريب، كما توجه الانتقادات لهذه الظواهر لكونها تساهم في نشر الفوضى والأوساخ، وهو ما يشوّه مظهر المدن التونسية عموما.

وتواجه السلطات صعوبات كثيرة في التصدي لظاهرة البيع العشوائي التي تفاقمت نتيجة الانفلات الأمني منذ ثورة 2011، حيث يعرض الباعة سلعا متنوعة في شوارع العاصمة أغلبها صينية مقلدة، وصارت بعض الساحات أسواقا فوضوية تعطل حركة المرور وتسيء إلى جمال المدينة.

وقال سامي لوصيف، كاهية مدير الأسواق والشؤون الاقتصادية ببلدية تونس، “إن عمليات التصدي لمظاهر التجارة الفوضوية والاستغلال المفرط للرصيف ستتواصل حتى يعود إلى العاصمة رونقها وجمالها اللذان عرفت بهما سابقا”.

الرئيس التونسي قيس سعيد يشدد على ضرورة اضطلاع جميع الجهات المسؤولة بدورها في المحافظة على البيئة

وأضاف في تصريح لوكالة الأنباء التونسية “منذ نهاية الشهر المنقضي انطلقت عمليات أمنية هادفة إلى إزالة جميع نقاط وحواجز النشاط الفوضوي، وكانت البداية بنهج بلحسن جراد بالعاصمة (على مستوى سوق سيدي البحري) لتتواصل في مرحلة ثانية، ليلة الجمعة وصباح السبت، بساحة برشلونة وساحة منجي بالي وشارع المحطة والمفترق الممتد من برشلونة إلى نهج جمال عبدالناصر حيث تم رفع 36 نقطة بيع بصفة عشوائية”.

وتابع لوصيف “لقد تم منع البيع العشوائي بمختلف هذه الأماكن ووضع العلامات الدالة على منع النشاط، خصوصا وأن هناك قرارا بلديا ترتيبيا مؤرخا في الثالث من يناير 2019، يمنع البيع العشوائي بكامل شوارع بلدية تونس، كما تم القيام صباح السبت بحملة نظافة شاملة بمختلف هذه المناطق، فضلا عن تركيز أعداد من سلات المهملات ملاصقة لأعمدة الكهرباء وتركيز أمني لضمان عدم العودة إلى ذلك النشاط”.

وتتصاعد تشكيات التجّار في البلاد بعد تنامي نشاط التجارة الموازية التي تسببت في التقليل من الكميات المعروضة في الأسواق المنظمة قانونيا، وزادت من مستوى التدهور الاقتصادي، بعد استقواء المهربين على الدولة.

وينشر الباعة المتجوّلون سلعهم على مقربة من شارع الحبيب بورقيبة، أكبر الشوارع الرئيسية في العاصمة، خصوصا في شارع شارل ديغول ونهج إسبانيا والأنهج الفرعية وعلى الطريق أيضا، في تحد لشرطة البلدية وللقانون.

ومساء الجمعة قام الرئيس التونسي قيس سعيد بجولة في مناطق مختلفة بالعاصمة وعاين التقصير الحاصل على مستوى العناية بالبيئة والتهيئة الترابية في أحد الشوارع الرئيسة لها، وشدد على ضرورة اضطلاع كل البلديات وجميع الجهات المسؤولة في كامل تراب الجمهورية بدورها في المحافظة على البيئة.

وتتكرر عمليات الكر والفر بين رجال الشرطة والباعة يوميا، وتحدث فوضى في الشوارع، فيرتبك المارة وينزعج الزبائن خاصة الذين ينوون شراء بعض السلع.

من جهتها، أفادت وزارة الداخلية في بلاغ أصدرته السبت، بأنه تمت خلال ليل الجمعة إزالة جميع نقاط وحواجز البيع الفوضوي بكل من ساحة برشلونة وساحة المنجي بالي ونهج المحطة وجزء من نهج إسبانيا بتونس العاصمة، وذلك خلال حملة أمنية شاركت فيها مختلف وحدات الإدارة العامة للأمن الوطني والمصالح الجهوية والبلدية بولاية تونس.

وأبرزت الوزارة أن الحملة تندرج في إطار السعي المتواصل للحفاظ على الأمن العام والسهر على راحة المواطنين والتصدي لمظاهر الأسواق الفوضوية والاستغلال المفرط للرصيف. كما تم، وفق نص البلاغ، تنظيف الأنهج والأرصفة وتركيز نقاط أمنية بالمنافذ المؤدية إلى الساحات المذكورة لإحكام منع التجارة الفوضوية مجددا.

تشكيات التجّار في البلاد تتصاعد بعد تنامي نشاط التجارة الموازية التي تسببت في التقليل من الكميات المعروضة في الأسواق المنظمة قانونيا

وأضافت الوزارة أن الحملات “لاقت استحسان السكان والمارة وأصحاب المحلات التجارية بالأمكنة المذكورة”، مشيرة إلى أن الحملات الأمنية بالأنهج المجاورة، ستتواصل مع تمكين الباعة من فضاء منظم لتعاطي نشاطهم التجاري. تجدر الإشارة إلى أنه تم تنفيذ حملات مماثلة في جهة سوق سيدي البحري بالعاصمة وبالسوق البلدية بأريانة.

منذ أسبوعين أدى الرئيس سعيد زيارة غير معلنة إلى مدينة أريانة (قرب العاصمة تونس).

وزار بالمناسبة السوق البلدي بالمكان ومحيطه حيث استمع إلى مشاغل عدد من المواطنين. وقطع سعيد شارع بيروت مترجلا باتجاه المحطة النهائية للمترو حيث غادر مدينة أريانة.

وكانت بلدية أريانة قد نفذت حملة لإزالة كل مظاهر البيع الفوضوي بمحيط السوق البلدي بأريانة المدينة، والتي شملت أنهج سيدي عمار واليمن وسيدي الجبالي وبيار منداس فرانس والصادق بسيس وصلامبو ومفتاح بن مبروك وبيروت التي احتلها باعة الخضر والغلال والأسماك والملابس المستعملة، لتتعطل فيها بصفة كلية حركة المرور وتتسبب في تلوث سمعي وبصري تواصل لعدّة سنوات.

ويعتبر جهاز الشرطة البيئية أحد الأساليب العملية التي تعتمدها الدولة لمحاربة كل مظاهر الفوضى التي تكتسح شوارع المدن التونسية وتتجاوز القانون.

وعجزت الحكومات المتعاقبة عن احتواء التجارة العشوائية، مقابل ازدياد غير مسبوق لعدد الباعة وتفاقم الظاهرة بشكل تدريجي، في ظل ارتفاع معدلات البطالة في البلاد، ما دفع أصحاب المحلات في الكثير من الأحيان إلى التهديد بغلق متاجرهم وعرض سلعهم على قارعة الطريق، مطالبين بإعفائهم نهائيا من دفع الضرائب.

4