حملات تفتيش في قطر تعزز مخاوف مجتمع الميم

الدوحة - تثير الحملات التفتيشية التي تشنها السلطات القطرية من حين إلى آخر وتستهدف ما تعتبره مظاهر مخلة بالعادات والقيم الإسلامية، مخاوف المنظمات الحقوقية ومجتمع الميم، الذين يرون أن مثل هذه الممارسات تعكس العقلية المحافظة للإمارة التي تستعد بعد أشهر قليلة لاحتضان بطولة كأس العالم.
وأعلنت السلطات القطرية عن ضبط لعب أطفال “تحمل شعارات مخلّة بالقيم الإسلامية” خلال إحدى جولات التفتيش، مرفقة الإعلان بصورة للعب تحمل ألوان علم المثليين.
وكانت الدولة الخليجية الثرية التي تستعد لاستضافة أهم حدث رياضي على المستوى الدولي، أكّدت مرارا أن جميع محبي كرة القدم دون تمييز سيكونون موضع ترحيب خلال البطولة التي تنظّم للمرة الأولى في الشرق الأوسط. لكن منظمات حقوقية ورياضيين أبدوا مخاوف بسبب جملة من الملفات وبينها تجريم القانون القطري للمثلية الجنسية.
وتعتبر المثلية غير قانونية في قطر ويعاقب عليها الشخص المثلي بالسجن عدة سنوات. ويقول خبراء قانون إنه من الناحية النظرية، يمكن للدوحة الذهاب حد تطبيق عقوبة الإعدام على مثليي الجنس، لكن لم تسجل لها أي سابقة في هذا الشأن.
وقالت وزارة التجارة الاثنين إنّها نفّذت “حملات تفتيشية على عدد من المحال التجارية في مناطق مختلفة بالدولة، وذلك بهدف مراقبة مدى التزام المزودين بالقانون والتعميم رقم /2/ لسنة 2021 الذي أصدرته مؤخرا بشأن عدم تداول السلع الحاملة لشعارات ورموز مخلّة بالقيم الإسلامية والعادات والتقاليد”.
وأوضحت أن الحملات التفتيشية أسفرت عن “ضبط لعب أطفال تحمل شعارات مخلّة بالقيم الإسلامية والعادات والتقاليد”. وأكّدت أنها “ستواجه بحزم كل من يتهاون في تنفيذ التزاماته المنصوص عليها في القانون”، مطالبة المستهلكين بالإبلاغ “عن أي سلع تحمل شعارات أو تصاميم منافية للعادات والتقاليد وتحديد مواقعها ليتسنى لمفتشي الوزارة اتخاذ الإجراءات اللازمة”.
وأرفقت الوزارة البيان على تويتر بصورة لألعاب مطاط وأخرى من البلاستيك بألوان قوس قزح، والتي يشبه بعضها علم المثليين.
ومنذ حصولها في 2010 على حقوق تنظيم بطولة كأس العالم 2022، كانت قطر موضع اهتمام خاص من قبل منظمات حقوق الإنسان خصوصا في ما يتعلق بحقوق العمال الأمر الذي دفع الإمارة الثرية لإدخال تعديلات على قوانينها، ولا يزال ينظر إلى تلك التعديلات على أنها غير كافية لوضع حد لاستغلال العمالة الوافدة.
وما فتئت قطر تحاول التسويق لصورة حداثية نسبيا مقارنة بمحيطها الخليجي، إلا أن تلك الصورة سرعان ما تنسف باتخاذ الدوحة لمواقف متناقضة، أبرزها كان حظرها في عام 2016 لموقع “دوحة نيوز” الإخباري الناطق بالإنجليزية بعد مقال نشره لمواطن قطري يدعى ماجد، تحدث فيه عن تجربته كرجل مثلي في الخليج.
وكان من المقرر في وقت سابق من العام الجاري أن تنظم فرقة “مشروع ليلى” اللبنانية حفلا في حرم جامعة نورث وسترن في العاصمة الدوحة، لكنه ألغي بعد رد فعل عنيف على مواقع التواصل الاجتماعي ضد قائد الفرقة المثلي جنسيا.
ويطالب رياضيون ومنظمات حقوقية من المسؤولين الدوليين بضرورة اتخاذ المزيد من الإجراءات وممارسة ضغوط جدية على قطر لتخفيف قيودها، ووقف التجاوزات والانتهاكات الحقوقية المسجلة.
ولقيت هذه المطالبات استجابة نسبية، حيث بعثت الأمينة العامة للاتحاد الدولي لكرة القدم السنغالية فاطمة سامورا الأسبوع الماضي برسالة واضحة للغاية حول ضرورة احترام الجميع خلال بطولة كأس العالم.
وقالت سامورا “مسؤوليتنا أن تكون كل واحدة من بطولاتنا شاملة. لقد كان الرئيس واضحا جدا، فالناس أحرار في عرض أي نوع من الأعلام يريدون، بما في ذلك علم قوس القزح، دون استهدافهم أو تمييزهم”.
وأثار سائق الفورمولا 1 البريطاني لويس هاملتون الشهر الماضي جدلا واسعا بعد دعمه لمجتمع الميم خلال تدريبات سباق جائزة قطر الكبرى.
وارتدى هاملتون حينها خوذة تحمل علم قوس قزح، الذي يرمز للمثليين والمتحولين جنسيا ومزدوجي الجنس “إل.جي.بي.تي”، كما تضمنت الخوذة خطوطا سوداء وبنية، ترمز إلى اضطهاد الأشخاص ذوي البشرة الملونة، إضافة إلى علم ثنائيي الجنس. ونشر هاملتون الذي كان فاز في المسابقة لاحقا، الصور مع عبارة “نحن نقف معا”.
وجدير بالذكر أن مسابقة الجائزة الكبرى لقطر قد خضعت للتدقيق بسبب سجل حقوق الإنسان في الإمارة الخليجية، لاسيما تجاه أفراد مجتمع الميم.