حمرة المرجان في تونس تذبل بغياب العشاق

أزمة حرفيي المرجان في تونس فاقمتها قيود جائحة كورونا.
الثلاثاء 2021/05/25
الذهب الأحمر ينتظر من يشتريه

لم يعد اسم الذهب الأحمر يليق بحلي المرجان في تونس بعد أن تعرض للتهميش وتوقف ترويجه بسبب جائحة كورونا التي أغلقت على السياح أبواب السفر وأصبح هذا القطاع الذي كان علامة المدينة السياحية مهددا، وخاصة أن العاملين فيه أصبحوا مهددين بالبطالة.

طبرقة (تونس) ـ ضرب الحرفي مراد صاحب أحد نقاط بيع حلي المرجان على شاطئ “الابر” في طبرقة كفا بكف بحركة تحسر قائلا، “أين المرجان يا حسرة؟”.

وأشار إلى أن الحلي المعروض قديم جدا، وأنه أمام غياب المرجان وارتفاع تكلفته ووضعية المسلك السياحي، تأزم وضعه منذ أكثر من سنة وبات مع من يمتهن تجارة وصناعة الحلي مهددين بالإفلاس عاجزين عن دفع معاليم الكراء.

وتفاقمت أزمة حرفيي المرجان أو ما يعرف بالذهب الأحمر، مع قيود جائحة كورونا، وغلق السلطات الجزائرية حدودها منذ أكثر من عام، وبات وضع مراد وبقية زملائه يعكس واقعا اجتماعيا صعبا لأهل المهنة في المدينة التي كانت تعج بالضيوف من التونسيين والجزائريين.

يقول المندوب الجهوي للصناعات التقليدية كمال العوادي لوكالة أفريقيا للأنباء، “انخفض عدد حرفيي المرجان إلى 60 حرفيا فقط 15 منهم في محلات، ويتوزع الآخرون بين ورشات صغرى في المنازل، وعلى حافة الطريق”.

بات القطاع مهدّدا بالاندثار، يصارع ما تبقى من حرفييه -الذين يعدون على أصابع اليد- من أجل البقاء، ودعا رئيس غرفة حرفيي المرجان آية الله السالمي، إلى حماية المرجان كحرفة تقليدية يتوارثها صناعها عن آبائهم جيلا بعد جيل، وإنقاذها من الاندثار عبر التكوين وفتح المزيد من الآفاق.

Thumbnail

لا تواجه حرفة المرجان فقط، وفق تعبيره، خطر التهريب الذي أضرّ بها وخاصة على الحدود الجزائرية، وأضر بحرفيّي المدينة بالدرجة الأولى ومنذ سنوات، بل العشوائية وعدم التنظيم.

ووسط غياب لأي هيكلة رسمية، بقي القطاع مهمشا وصار ومرتعا لشبكات التهريب وفق إجماع أغلب الحرفيين بالمنطقة.

ولم يواجه أهل الحرفة فقط انسداد آفاق الترويج خلال جائحة كورونا، وغلق الحدود الجزائرية، وارتفاع كلفة الإنتاج فحسب، بل تواتر المداهمات لمحلات بعضهم وحجز منتوجهم وأدوات عملهم، وذلك رغم استظهارهم بكل الوثائق القانونية وفق تأكيد رئيس الغرفة.

وبيّن أن عدم مواكبة التقنيات الحديثة في تصنيع المرجان، قلل أيضا من حظوظه في منافسة منتوجات الدول الأخرى، والتي تُهرّب إلى بعضها المادة الخام من المرجان التونسي بأرخص الأثمان، كما فتحت الباب على مصراعيه لبيع المرجان “المقلد”.

ولفت السالمي إلى أن كلفة الآلات تفوق قدرة الحرفيين على اقتنائها، أمام غياب مسالك الترويج، والتي جعلتهم بالكاد يوفرون قوت عائلاتهم مطالبا في الإطار بفتح الآفاق لحرفيي المرجان للمشاركة في المزيد من المعارض وخاصة بالخارج والتعريف بحرفة المرجان التونسية.

اعتبر حمزة الذي يحترف مهنة الغطس منذ 17 عاما، أنه أمام تراجع مردودية الشعب المرجانية ووصول مسافة الغوص إلى عمق 150 مترا بعد أن كانت لا تتجاوز الـ60 مترا فقط، بات جمع المرجان من قاع البحر “مهنة الموت”، لأجل بقاء المادة التي يعتبرها هو والكثيرون مثله “الكنز المسموم والمحفوف بالمخاطر”.

يقول حمزة، إنه فقد أكثر من 30 من أصدقائه، مؤكدا تواتر حوادث الغوص إلى درجة اعتبار نجاح كل عملية، ميلادا جديدا للغوّاص.

وأشار إلى أن الغوص في المياه العميقة بات مكلفا باستخدام أسطوانة التنفس “الهيليوكس” المرتفعة الثمن.

واعتبر حمزة أن عملهم محفوف بالمخاطر بحرا، ومنتوجهم مهدد بالحجز برا، وفي تنقلاتهم بين الجهات.

ودعا المختصون في الغرض إلى ضرورة حماية المرجان من الاستنزاف العشوائي، واستعمال التقنيات غير قانونية والصيد بالمحراث، وحماية البحر من التلوث البيئي، وذلك لضمان بيئة ملائمة لتكاثر هذا الكائن البحري والذي تمتد فترة نموه بين 20 و30 سنة ليصبح الجذع قابلا للاستغلال.

24