حمدوك يعود إلى منصبه رئيسا للحكومة بعد توقيع اتفاق مع الجيش

الخرطوم - أكد رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك أنه وقع الاتفاق السياسي لعدة أسباب أساسية، أبرزها حقن دماء الشباب السوداني، فيما أشار قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان إلى تنازل عدة أطراف للوصول إلى الاتفاق بهدف الأزمة في البلاد.
ووقّع البرهان وحمدوك الأحد اتفاقا سياسيا في مراسم رسمية أجريت في القصر الجمهوري في العاصمة الخرطوم، بهدف إنهاء الأزمة التي تمر بها البلاد منذ نحو شهر، وذلك في أعقاب ضغوط دولية مكثفة ومظاهرات متواصلة تطالب بالحكم المدني.
وقال حمدوك في كلمة له بمراسم التوقيع في العاصمة الخرطوم، والتي بثها التلفزيون الرسمي، إن الاتفاق السياسي، الذي جرى توقيعه "يفتح الباب لمعالجة قضايا الانتقال السياسي"، مشيرا إلى أنه "يساعد على فك الاختناق داخليا وخارجيا واستعادة مسار الانتقال لتحقيق الديمقراطية".
وأضاف "نريد أن نؤسس لشراكة حقيقية مع كل القوى الوطنية (..) والاتفاق الذي أبرمناه يحصّن التحول المدني وتوسيع قاعدة الانتقال ويحافظ على مكتسبات العامين الماضيين (منذ عزل الرئيس السابق عمر البشير في عام 2019)".
وتابع "توقيعي على هذا الاتفاق مبني على أساس حقن دماء السودانيين والتركيز على البناء والتعمير.. وسنعيد بلادنا إلى الإطار الصحيح".
وشدد حمدوك على أنه "لا بد من توافق على طريقة حكم السودان ولا بد من التسليم بأن الشعب السوداني هو الحكم".
وقال البرهان في كلمة، بعد توقيع الاتفاق السياسي، إن "الاتفاق يضع الأسس الصحيحة للفترة الانتقالية"، مشيرا إلى أن "التوقف في مسيرة الانتقال كان لإعادة النظر في الخطوات المستقبلية".
وأضاف أن "حمدوك سيظل محل ثقة القوات المسلحة في السودان"، مؤكدا أن الاتصال به خلال الأزمة "لم ينقطع".
وأكد قائد الجيش السوداني أنه "لا يريد إقصاء لأي جهة في السودان"، مشددا على أنه "سيعمل على استكمال المسار وصولا إلى انتخابات حرة ونزيهة".
وجاء ذلك بعد أن تليت بنود الاتفاق، الذي نص على إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، وبدء حوار بين كافة القوى السياسية لتأسيس المؤتمر الدستوري، فضلا عن إلغاء قرار قائد الجيش إعفاء حمدوك من منصبه كرئيس للحكومة الانتقالية.
وتضمن الاتفاق السياسي أن الطرفين يتعهدان بالعمل سويا على استكمال المسار الديمقراطي، ويؤكدان أن الوثيقة الدستورية لعام 2019 هي المرجعية الرئيسية لذلك.
وكان رئيس الحكومة وصل في وقت سابق الأحد إلى القصر الجمهوري، بعد أن رفعت القوات المسلحة القيود عن تحركاته، عقب الاتفاق الذي جرى بين الطرفين ونص على عودته إلى رئاسة الحكومة.
وتم اعتقال حمدوك فجر الخامس والعشرين من أكتوبر مع زوجته قبل إعادتهما إلى منزلهما مساء اليوم التالي ووضعهما قيد الإقامة الجبرية. وأكد مكتبه الأحد أن "القوات التي كانت تراقب منزله انسحبت".
وكان فضل الله بورما، أحد قادة حزب الأمة السوداني، قال الأحد إنه "تم التوصل إلى اتفاق سياسي بين الفريق أول عبدالفتاح البرهان وعبدالله حمدوك والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، على عودة حمدوك إلى منصبه وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين". وأصدرت مجموعة من الوسطاء السودانيين بيانا يؤكد الاتفاق.
وأوضحت وسائل إعلام سودانية أن الاتفاق تم من خلال "مبادرة وطنية"، ضمت إلى جانب المكون العسكري، أحزابا سياسية وحركات مسلحة وقوى مدنية وطرقا صوفية.
ويأتي هذا فيما أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع ضد متظاهرين في الخرطوم تجمعوا قرب القصر الجمهوري، وفق شهود عيان.
وشهدت العاصمة السودانية الخرطوم ومدن أخرى الأحد مظاهرات، احتجاجا على الانقلاب العسكري، وللمطالبة بحكم مدني ديمقراطي، ورفضا لإجراءات قائد الجيش.
وتظاهر المئات بميدان "جاكسون" وسط الخرطوم، استجابة لمظاهرات دعت إليها "لجان المقاومة" (مكونة من نشطاء) وأطلقت عليها "مليونية 21 نوفمبر"، وفق شهود عيان.
وردد المتظاهرون الذين يحملون الأعلام الوطنية شعارات "الشعب يريد إسقاط البرهان" و"الشعب أقوى، والردة مستحيلة" و"الثورة ثورة شعب والسلطة سلطة شعب، والعسكر للثكنات".
وأفاد شهود عيان بأن المئات تظاهروا أيضا في مدن "عطبرة" (شمال) و"ربك" (جنوب). ورفع المتظاهرون لافتات مكتوبا عليها "القصاص العادل للشهداء" و"يسقط حكم العسكر" و"الردة مستحيلة"، و"لا تفاوض ولا شراكة ولا مساومة".