حمدوك يترك الباب مواربا للحاق بمسار نيروبي والحكومة الموازية

نيروبي/الخرطوم - ترك التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة في السودان (صمود) ويقوده رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك، الباب مواربا أمام الانفتاح على مجموعة التحالف التأسيسي التي وقعت في نيروبي أخيرا على ميثاق سياسي يمهد لتشكيل حكومة موازية في السودان.
وحمدوك شخصية مهمة يمثل التحاقه بالموقعين على ميثاق نيروبي دعما قويا كواجهة سياسية وكمرشح فوق العادة لقيادة الحكومة الموازية وإكسابها مصداقية وتسهيل الاعتراف بها في المحيط الإقليمي خاصة أن أبرز الموقعين على الميثاق قادة لحركات مسلحة.
ويشير موقف “صمود” إلى أن القوى السياسية والحركات المسلحة التي كانت تتحالف تحت لافتة تنسيقية القوى المدنية والديمقراطية (تقدم) على تواصل مع قيادات في التحالف الجديد. وقال تحالف “صمود”، الذي يضم مجموعات من “تقدم” رافضة لمشروع الحكومة الموازية، إن مؤسساته ستدرس الرؤى التي طرحها ميثاق تحالف السودان التأسيسي، متمسكا بالموقف الرافض لمقترح تشكيل الحكومة في مناطق سيطرة الدعم السريع.
وأوضح في بيان، مساء الاثنين، أنه تابع توقيع الميثاق التأسيسي وهو حدث لا تصح الاستهانة بتبعاته على مسار الحرب والسلام، “الواجب المقدم على ما سواه هو إيقاف الحرب، واستمرارها يعني اشتداد وطأة الكارثة الإنسانية على شعبنا“.
◙ موقف "صمود" يشير إلى أن القوى السياسية والحركات المسلحة التي كانت تتحالف تحت لافتة تنسيقية القوى المدنية والديمقراطية (تقدم) على تواصل مع قيادات في التحالف الجديد
ويرى مراقبون أن تأكيد “صمود” على دراسة ما جاء في الميثاق يبرهن على أن التكتل المدني لم يقطع الطريق بشكل تام أمام التفاعل مع المشهد السياسي الذي جرى الترتيب له في نيروبي، والاحتمال مفتوح حول إمكانية تعديل موقف القوى الساعية لوقف الحرب وتتخذ من إجراءات الدعم السريع في نيروبي مدخلاً مهما للضغط على الجيش وحلفائه من الإسلاميين.
ويشي التأكيد على رفض الحكومة الموازية أن هناك إدراكا من القوى المدنية بأنها أمام تحديات عدة حال اختارت المضي قدما في دعم هذا الاتجاه، لأنه في حال ترتب على الخطوة تقسيم السودان ستصبح مسوؤلة أمام قواعدها الجماهيرية في حين أنها لم تشارك في الحرب وتضغط باتجاه وقفها.
وقال محمد الهادي محمود الأمين العام للحزب الوطني الاتحادي الموحد، وهو أحد الكيانات المنضوية في تحالف “صمود” إن التحالف على موقفه الثابت من الهدف المشترك المتمثل في وقف الحرب وإعادة الاستقرار، والخلاف في وسائل تحقيق ذلك، والانشقاق في “تقدم” سببه رؤية مجموعة سياسية أن الحكومة الموازية سوف تقسم البلاد، لكنّ هناك هدفا يتمثل في توحيد الجبهة المدنية العريضة.
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن مجموعة الميثاق التأسيسي قدمت رؤية سياسية قابلة للنقاش حولها، مثلما انفتحت القوى المدنية سابقا على الكثير من الرؤى التي تم تقديمها بهدف الضغط لوقف الحرب، والأمل منعقد على وجود رؤية موحدة تقود إلى تكتل مدني واسع لمجابهة الواقع المرير في السودان.
وذكر أن هناك توافقا على ألاّ تكون مشاركة مجموعة “صمود” في أيّ حكومة موازية، خصوصا مع دخول أطراف جديدة على القوى السياسية التي كانت تشكل تنسيقية تقدم في السابق (الدعم السريع والحركة الشعبية شمال).
وشدد على أن البيان لا يعبر عن تغير في موقف “صمود”، إذ ذهب نحو البحث عن توافق مفقود مع القوى السياسية خلال الاجتماعات التي عقدها الاتحاد الأفريقي في إثيوبيا أثناء التوقيع على الميثاق السياسي، وطالما أنه لم تتشكل حكومة موازية بعد فالمجال مفتوح لنقاشات مع المجموعات التي كانت منضوية تحت “تقدم”، وفي حال تشكيل حكومة أيضا سوف يستمر الحوار.
وينص الميثاق التأسيسي الذي لم تشارك مجموعة “صمود” في التوقيع عليه، على نظام حكم فيدرالي وجيش مهني موحد، وينظم العلاقة بين المركز والولايات على كافة المستويات الإدارية والعدلية والعسكرية والاقتصادية تمهيدا لإعلان حكومة سلام تطّلع بمهام الإدارة المدنية، ويحظر تشكيل أيّ أحزاب على أساس ديني أو استخدام الدين في السياسة.
وجاء الميثاق الذي وقّع عليه في نيروبي 24 جسما سياسيا ومهنيا وحركات مسلحة، بعد انقسام تحالف “تقدم” إلى مجموعتين شكلت إحداهما “صمود” التي تتكون من نحو 70 جسما سياسيا ومهنيا وأهليا، وتحالفت الثانية مع مجموعات أخرى تحت اسم “تأسيس” وهي التي وقعت على ميثاق نيروبي.
◙ تلويح "صمود" بدراسة ميثاق نيروبي يأتي في إطار الضغط السياسي على الجيش السوداني لدفعه نحو الدخول في حوار وإنهاء الحرب بالتفاوض
وأشار المحلل السياسي السوداني عبدالواحد إبراهيم إلى أن موقف تحالف “صمود” يتأثر بشكل أو بآخر بأشخاص كانوا يتواجدون داخل تنسيقية “تقدم”، مع وجود توافق على رفض الاعتراف بحكومة بورتسودان ورفض اعتلاء الجيش السلطة، لكن الخلاف حول حكومة الدعم السريع التي من وجهة نظر “صمود” ستقود إلى تقسيم السودان، لأن الموقعين على ميثاق نيروبي يعبرون عن إقليمي كردفان ودارفور، وقد يتحول التقسيم لأمر واقع، ما يجعلها مترددة.
وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن تلويح “صمود” بدراسة ميثاق نيروبي يأتي في إطار الضغط السياسي على الجيش السوداني لدفعه نحو الدخول في حوار وإنهاء الحرب بالتفاوض، وهناك احتمالات كبيرة أن ترى الحكومة الموازية النور وسيكون ذلك بمشاركة قوى لا يمكن الاستهانة بها، خاصة في ما يتعلق بالحركة الشعبية شمال ويقودها عبدالعزيز الحلو، والتي تملك جيشا كبيرا وتسيطر على أراض شاسعة توصف بالمحررة، وتعمل في مجال التنقيب عن الذهب ولها هيمنة على تسع مناجم وتقوم بالتصدير للخارج والوضع ذاته بالنسبة إلى قوات الدعم السريع.
ولفت إلى أن تحالف “صمود” ليس لديه الكثير من الأوراق للتفاعل مع الوضعية الراهنة في السودان، لكن الاعتماد يظل على الصلات الدبلوماسية لرئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك، وكون التحالف يعبّر عن طيف واسع من المدنيين في السودان، ولديهم صلات مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وحال تدخلت هذه الأطراف لوقف مخطط تقسيم السودان والضغط لوقف الحرب فالتحالف سيكون له حضور بارز، ودون ذلك فإن المشهد في السودان سوف يظل يدور في إطار الحرب ولا مكان للسياسة أو العقل لفرملة الأطراف المتصارعة.
ودعت “صمود” القوى المدنية الديمقراطية للاحتفاظ بموقفها الداعي للسلام والذي يشكل طريقاً ديمقراطيا مستقلا “لا يتطابق مع أيّ من أطراف الحرب“. ةوقال ستيفان دوجاريك الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن توقيع قوات الدعم السريع وحلفائها ميثاقا تأسيسيا لحكومة موازية في السودان يمثل تصعيدا جديدا للصراع الذي يثير قلق الأمين العام للأمم المتحدة، وهذا التصعيد الإضافي في الصراع الدائر بالسودان يعمق تفكك البلاد.