حمدة السعيدي يرسم "عالم العجائب" متحررا من كل القيود

تونس - برسوم وألوان زاهية، تذكرنا بفن الكاريكاتير ورسوم المانغا اليابانية والرسوم الموجهة للأطفال، تحملنا آخر أعمال الفنان التشكيلي التونسي حمدة السعيدي في رحلة نحو عالم خيالي، مليء بالرموز والدلالات المستوحاة من الثقافة التونسية وثقافات أخرى.
يمزج الفنان التشكيلي في معرضه “عالم العجائب” بين الواقع والخيال من خلال لوحات فنية متنوعة يخرج فيها عن القواعد المعتادة، حيث تتغير طرق التلقي لتنقلب رأسا على عقب.
وتحل أعمال السعيدي لأول مرة في رواق ألكسندر روبتزوف بالمرسى، بعد عدة معارض في مدينة تونس العتيقة وفي قابس بالجنوب التونسي، في معرض يتواصل من الثامن إلى التاسع والعشرين من يونيو الجاري، ويقدم من خلاله الفنان رؤيته المتفردة للعالم.
يعتمد الفنان في هذا المعرض أدوات تستعمل يوميا في المنزل على غرار الحبل وملقط الغسيل، ليصنع من الواقع وأشياءه أعمالا خيالية حالمة.
ويشكل لوحات مبهرة يتداخل فيها الأعلى بالأسفل ويحاول الناظر تتبع هذه الأشكال محاولا فهم المنطق الذي ارتكز عليه الفنان في تشكيل هذا العمل أو ذاك، ساعيا إلى سبر أغوار ما يشاهد، والوقوف على الواقع من الخيال. إنها لعبة بصرية تكشف عن رسم حر ومتحرر من كل القيود الممكنة.
إبداعات بصرية يراوح فيها الفنان بين عالمي الإنسان والحيوان، بل يتعايش فيها العالمان على اختلاف طبيعة الكائنات سواء كانت برية أو بحرية أو برمائية أو جوية.
وتعكس اللوحات قدرة الفنان على التلاعب بأشكال تجمع بين عالم غريب فيه الكثير من الفنتازيا، إذ يخلق حوارا غريبا بين كائنات تتأرجح بين الحيوانية والإنسانية وترنو إلى الالتحام في جسد واحد وهي في الآن ذاته تتحرك في مجال واسع لا حدود له.
كما يستحضر حمدة السعيدي في بعض اللوحات راقصات الباليه والفنان المهرج والعديد من الشخصيات ذات اللباس المزركش والألوان المشرقة، ليصنع منها لوحات مميزة، وبورتريهات ذات قسمات لا تخلو من التأمل والحزن والغارقة أحيانا في حالة من الحلم والرغبة في تحقيق الذات بشتى الطرق التعبيرية.
والفنان التشكيلي حمدة السعيدي المولود سنة 1979 في قرية طنبار من ولاية قبلي حيث زاول دراسته الابتدائية والثانوية، تحصل على الباكالوريا رياضيات سنة 2000 ثم درس الفنون الجميلة بنابل وحاز الأستاذية في اختصاص الحفر الفني، ثم تابع دراسته في تونس العاصمة وتحصل سنة 2017 على الدكتوراه في علوم وتقنيات الفنون الجميلة. وتولى التدريس في المعهد العالي للفنون الجميلة بنابل ثم في المعهد العالي للفنون والحرف بتطاوين وحاليا في المعهد العالي للفنون والحرف بقابس.
والفنان كما يصف نفسه هو في “بحث دائم عن أثر خاص يترجم رؤية خاصة أوفى للفاعل لتكون له تعبيرة وترجمانا للذات” ذات الفنان نفسه بمعزل عن الآخر.
ويقول الفنان عن تجربته ” كل ما أنتجه يكون دائما عن وعي بكل جزئيات وتفاصيل اللوحة، خطوط رقيقة تتلاعب بأشكال تجمع بين عالم غريب يولد بداخله حوار بين كائنات تتأرجح بين الحيوانية والإنسانية غايتها الالتحام في جسد واحد وهي تتحرك في مجال واسع لا حدود له، كل موقع يمكن أن يكون مركز الانطلاق البصري وكل بداية يمكن أن تنزلق لتتزامن مع غيرها وفق عمارة الموقف البصري الذي يقتفيه التشكيل في رحيله من هنالك إلى عالم الممارسة التشكيلية”.