حماية الأسرة في الإمارات أولوية يكفلها القانون

تعتبر الأسرة النواة الأولى لبناء مجتمع سليم، لذلك وجبت حماية كل أفرادها بالقوانين والتشريعات والإحاطة بهم اجتماعيا ونفسيا، من الشباب المقبلين على الزواج إلى الأرامل والمطلقات والأطفال الذين يحتاجون إلى رعاية سليمة تضمن لهم النمو الجسدي والتوازن المعنوي ليكونوا عناصر فاعلة في مجتمع الغد.
أبوظبي - تتصدر حماية الأسرة وتعزيز مكتسباتها سلم الأولويات والاهتمام في جميع السياسات والخطط والبرامج الحكومية في دولة الإمارات، انطلاقا من اقتناعها الراسخ بأن الأسرة تمثل الحاضنة الأساسية والنواة الأولى لوطن متماسك ومتسامح وآمن ينعم جميع أفراده بالرفاهية والاستقرار.
وعلى الرغم مما شهده العالم من تحولات وتغيرات متسارعة في العقدين الأخيرين، لاسيما في مجال التطور الرقمي والتكنولوجي الذي أفرز تحديات كبيرة وتهديدا مباشرا للأمن المجتمعي والاستقرار الأسري في العالم، نجحت الإمارات في تقديم نموذج يُحتذى به في كيفية حماية الأسرة وتعزيز تماسكها عبر تأسيس منظومة متكاملة من القوانين والإجراءات المرتبطة بحماية ورعاية كافة أفراد الأسرة والتوعية بحقوقهم.
وكعادتها في تحويل التحديات إلى فرص، أظهرت الإمارات احترافية عالية في التعامل مع تحديات الثورة الرقمية على صعيد استقرار الأسرة وتماسكها من خلال تسخير التطبيقات الذكية ووسائل الاتصال الحديثة في خدمة البرامج والمبادرات التي تستهدف حماية كافة أفراد الأسرة من أي إساءة وتعريفهم بحقوقهم وتحفيزهم على التمسك بالقيم الوطنية والعادات والتقاليد المجتمعية السامية.
"صون" نظام إماراتي ذكي يساهم في الكشف المبكر عن الإساءة المحتملة بحق أي من أفراد الأسرة
وتنهض بمهمة حماية الأسرة ورعايتها في الإمارات مجموعة كبيرة من الهيئات والمؤسسات الاتحادية والمحلية التي تعمل بشكل متناغم ومتكامل، ومن أبرزها المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، ووزارة تنمية المجتمع، والمجلس الأعلى لشؤون الأسرة في الشارقة، وهيئة تنمية المجتمع في دبي، ودائرة تنمية المجتمع في أبوظبي، إلى جانب العديد من مراكز الدعم التي تنتشر في البلاد.
وشكلت “السياسة الوطنية للأسرة” التي اعتمدتها الإمارات في مارس 2018 نقطة تحول في مسار رسم الخطط ووضع السياسات وبرامج العمل الهادفة إلى بناء منظومة أسرية متماسكة في الدولة، خاصة وأنها تضمنت محاور متعددة تتعلق بالزواج ورعاية الأطفال وحماية الأسرة وترسيخ الأبوة والأمومة السليمتيْن.
وتتضمن السياسة الوطنية للأسرة ستة محاور، أولها محور الزواج الذي يعنى بالشباب المقبلين على الزواج وحديثي الزواج ويهدف إلى تهيئتهم لتحمّل مسؤولياتهم الزوجية وتوعيتهم بأهمية التوافق النفسي والاجتماعي، فيما يتناول المحور الثاني العلاقات الأسرية ويهدف إلى مساندة الأسرة في مواجهة الضغوط الحياتية.
ويركز المحور الثالث على التوازن في الأدوار بحيث يستهدف الآباء والأمهات والأرامل والمطلقات ويتم من خلاله إطلاق مبادرات وبرامج توعوية.
ويعنى المحور الرابع برعاية الأطفال من خلال توفير مناخ صحي وسليم لمساعدة الأسرة على تحمل ضغوط وتحديات الحياة وذلك عبر إصدار تشريع ينظم توفير رعاية منزلية للأطفال من خلال جليسات مؤهلات للعناية بالأطفال.
أما المحور الخامس فيعنى بحماية الأسرة ويستهدف المؤسسات والهيئات المعنية بحماية الطفل عبر تطوير وإصدار “دليل إرشادي” يتضمن معايير لحماية الطفل من جميع أشكال العنف والاستغلال.
و في الجانب التشريعي نجحت الإمارات في محاصرة مختلف أوجه العنف الأسري بمنظومة متكاملة من التشريعات والقوانين والسياسات الصارمة.
وفي العام الماضي أطلقت وزارة تنمية المجتمع نظام “صون” الذكي للكشف المبكر عن الإساءة المحتملة بحق أي من أفراد الأسرة، وذلك تماشياً مع المبادرات المنبثقة عن “سياسة حماية الأسرة”.
ويسعى النظام إلى تعريف الأشخاص بأرقام الهواتف الخاصة بالجهات الداعمة، وتقديم المساعدة اللازمة إلى المعرّضين للإساءة، والتعريف بالقوانين لتزويد المستفيدين بجميع المعلومات اللازمة لهم بما يضمن الحفاظ على سلامتهم ومصالحهم، وتمتعهم بجودة الحياة في ظل ظروف آمنة ومستقرة، إضافة إلى توعيتهم بحقوقهم والتزاماتهم وفقاً لمدركاتهم، مع تضمين النظام بالفيديوهات التوعوية لتثقيفهم ورفع مستوى الوعي والمعرفة لديهم، وتشجيعهم على عدم قبول الإساءة بالطرق والوسائل المناسبة.
ويستهدف نظام “صون” جميع الفئات (الطفل والمرأة والرجل وأصحاب الهمم وكبار المواطنين) ومختلف الجنسيات، كما يتضمن النظام استمارة الكشف المبكر عن الإساءة، ودليل حماية الأسرة، والقوانين ذات الصلة بالحماية، إضافة إلى سياسة جودة الحياة الرقمية، ومجموعة فيديوهات توعوية.
وتولي دولة الإمارات تعزيز السلامة الرقمية لأفراد الأسرة، خاصة الأطفال والشباب، أولوية قصوى انطلاقا من التزامها الثابت بحماية أجيال المستقبل من جميع التأثيرات السلبية والمخاطر الناجمة عن ارتفاع وتيرة تواجدهم في فضاء العالم الافتراضي.
وأطلقت الإمارات في فبراير 2020 “خط المحافظة على جودة الحياة الرقمية”، بهدف دعم الأسر وأولياء الأمور من أجل حماية أطفالهم وشبابهم، وتعزيز جودة حياتهم الرقمية. وتعود الجهود الإماراتية في حماية الأطفال من مخاطر الإنترنت والفضاء الرقمي إلى عام 2001، حيث كانت أول بلد عربي ينضم إلى اتفاقية حماية الطفل من الجرائم السيبرانية.
وعلى صعيد المبادرات الخلاقة مثلت مبادرة “السلامة الرقمية للطفل” حدثاً فارقاً في جهود الارتقاء بجودة الحياة الرقمية للأطفال وطلاب المدارس وتوعيتهم بتحديات العالم الرقمي، وتشجيعهم على استخدام الإنترنت بشكل إيجابي وآمن.
وتهدف المبادرة إلى توعية الأطفال، في الفئة العمرية من 5 إلى 18 عاماً، بأسس استخدام الإنترنت، وكيفية التصرف مع أي إساءة أو خطر محتمل، من خلال تدريب الأطفال على الاستخدام الآمن لمواقع الإنترنت وتطبيقات التواصل الاجتماعي والأجهزة الذكية.
وعكست الخطوات التشريعية التي اتخذتها الإمارات لتعزيز السلامة الرقمية للأطفال مدى التزامها بحماية أجيال المستقبل من التأثيرات السلبية والمخاطر الناجمة عن ارتفاع وتيرة تواجدهم في فضاء العالم الافتراضي.