حمالة الكنغر تقلل نسبة الوفيات الناتجة عن الولادة المبكرة

كشفت البحوث العلمية أن الاتصال المباشر بجلد الطفل يساعد إلى حد كبير في نموه الذهني والمناعي ويحافظ على توازنه النفسي. ولا يعود هذا التلامس بالفائدة على الرضيع لوحده وإنما يقلل حدة التوتر والضغط لكل من الأم والأب ويساعدهما على التخلص من القلق والتشنج.
لندن - ابتكرت طريقة الكنغر في البداية لمساعدة الأم على رعاية مولودها الخديج، والحفاظ على الاتصال الجسدي بينهما حتى يستعيد عافيته ويزيد وزنه. لكن عند اكتشاف الفوائد الكثيرة لهذه الطريقة، أصبح الأطباء يوصون باعتمادها حتى لمن يولدون بالحجم الطبيعي، مشددين على أهمية ملامسة جلد الرضيع وتركه ينام قرب الوالدين، مع ضرورة الحذر والانتباه تفاديا لخطر الاختناق.
وأوضحت منظمة الصحة العالمية أن الرعاية التقليدية للأطفال ذوي الوزن المنخفض عند الولادة (وهي ترك الخدج لبعض الوقت داخل محضنة) مكلفة وتحتاج إلى عمال ماهرين للغاية وإلى دعم لوجستي دائم، بينما تعتبر رعاية الأم لوليدها على طريقة الكنغر بديلا آمنا وفعالا.
وأضافت المنظمة أن بمقدور هذا النوع من الرعاية الحد من الأمراض والوفيات في صفوف الرضّع ذوي الوزن المنخفض عند الولادة إلى جانب تحسين النمو والرضاعة الطبيعية. وتشتمل رعاية الأم لوليدها على طريقة الكنغر على تلامس البشرة المبكر والمتواصل والمطول بين الأم ووليدها والرضاعة الطبيعية المتكررة والحصرية.
كما أكدت دراسة بريطانية نشرت العام 2013 أن طريقة الكنغر يمكن أن تقلّل بنسبة كبيرة من معدلات الوفيات والإعاقة الناجمة عن الولادة المبكرة التي تتراوح من عاهات معتدلة أو حادة إلى عاهات خفيفة.
طريقة الكنغر ابتكرها الطبيب الكولومبي هيكتور مارتينيز وزميله إدغر ري سنة 1979، عندما لاحظا تزايدا كبيرا في نسبة الوفيات عند المولودين قبل الأوان في أحد المستشفيات في بوغوتا- كولومبيا.
وتمت تسمية رعاية الكنغر بهذا الاسم؛ لأنها مشابهة لكيفية حمل الكنغر لأبنائه الصغار، وذلك من خلال لمس جلد الطفل بجلد الأم.
دراسة أخرى نشرت في مجلة “بيولوجيكال سايكيتري” تابعت نتائج 73 رضيعا خديجا تلقوا طريقة الكنغر أو التلامس المباشر بجلد الأم، وثلاثة رضع خدج آخرين تلقوا عناية عادية وتقليدية.
تمت متابعة الرضع طيلة 10 سنوات. وكانت النتيجة أن نمّت طريقة الكنغر الوظيفة المستقلة (عدم انتظام ضربات القلب الجيبي التنفسي) والتعلق بالأم في فترة ما بعد الوضع.
كما قلصت أيضا قلق الأم وحسنت النمو الذهني للطفل ووظائفه التنفيذية (حل المشكلات والانتباه والتخطيط والتنظيم…) من 6 أشهر إلى 10 أشهر.
الصحة العالمية تقول إن طريقة الكنغر تحد من الأمراض في صفوف الرضّع ذوي الوزن المنخفض عند الولادة
وفي سن العاشرة أظهر الأطفال الذين تلقوا طريقة الكنغر استجابة ملطفة للضغط النفسي وتحسنا في عدم انتظام ضربات القلب الجيبي التنفسي ونوما أحسن وسيطرة ذهنية أحسن. وكان عدم انتظام ضربات القلب الجيبي التنفسي وسلوك الأم مترابطين بشكل حيوي، مع مرور الوقت، مما أدى إلى حدوث تحسن فسيولوجي.
وتعزز طريقة الكنغر، وفق دراسة بريطانية سابقة، من قدرة الطفل على القيام بالرضاعة الطبيعية وتمنحه الراحة والهدوء وتخفف من إصابته بالمغص وتزيد أيضا إنتاج الحليب في ثدي الأم وتقوي ثقتها بنفسها وبقدرتها على رعاية طفلها وتخفف من توتّرها وتحدّ من خطر إصابتها باكتئاب ما بعد الولادة.
كما توصي مؤسسة “ناشيونال شايلدبيرث تروست” بمشاركة السرير بين الوالدين والأطفال على شرط ألا يكون الوالدان قد شربوا الكحول أو دخنوا أو استهلكوا المخدرات أو كانوا بدينين أو يعانون من مرض مزمن أو من إرهاق مزمن، لأن ذلك قد يدفعهما إلى الالتفاف على الرضيع أو يكون له تأثير على صحته.
ومكنت دراسة أجرتها جامعة بنسيلفانيا في الولايات المتحدة وتعلقت بـ16 رضيعا من مراقبة هؤلاء الرضع عند نومهم في سرير الأم. ولاحظ الباحثون بأن قلب الرضع كان أكثر إجهادا بثلاث مرات عند النوم لمفردهم.
فعند النوم في المهد، كان نوم الرضع أكثر اضطرابا وكان دماغهم أقل قدرة على القيام بدورة نوم سليمة وانتقال بين النوعين من النوم، النشط والهادئ. في المهد 6 أطفال فقط من 16 طفلا ناموا بهدوء لكن جودة نومهم كانت أقل مقارنة بنومهم مع أمهاتهم.
يقول الدكتور نيلس برغمان، من جامعة كيب تاون في جنوب أفريقيا، “من أجل النمو الأفضل لحديثي الولادة في صحة جيدة يجب أن ينام هؤلاء على صدر الأم على الأقل خلال الأسابيع الأولى”. ويرى بأنه بعد ذلك يجب أن يناموا مع والديهم إلى سن الثالثة أو حتى الرابعة.
ورغم كل الدراسات السابقة التي حذرت من خطر نوم الطفل بقرب والديه، يؤكد الدكتور برغمان أن ما يجعل الرضع ضحايا لحادثة الخنق أو الموت المفاجئ ليس وجود الأم، بل يرجع ذلك إلى أسباب أخرى مثل الأدخنة السامة والسجائر والكحول والوسائد الكبيرة واللعب الخطرة.
ويشرح أن التغييرات في الدماغ التي تتسبب فيها هرمونات الضغط النفسي عندما ينام الرضيع لوحده في مهد يمكن في الواقع أن تجعل من تكوين علاقات وروابط حميمية لاحقا في الحياة أمرا أشد صعوبة.