حماس تقابل مطالب التغيير السياسي والاجتماعي بالقمع الأمني

الحركة تعتقل محتجين تظاهروا سلميا للتنديد بسياساتها في غزة.
الأربعاء 2023/08/02
غليان شعبي يخصم من رصيد حماس

يتصاعد الغليان الشعبي في قطاع غزة نتيجة فشل حماس التي تسيطر على القطاع في إدارة الملفات الاجتماعية والاقتصادية. وتنذر الاحتجاجات الشعبية بتوسع نطاق التباعد بين المواطنين ونظامهم السياسي.

غزة – يعكس لجوء حماس إلى القبضة الأمنية في مواجهة احتجاجات شعبية سلمية تنديدا بسياساتها الاقتصادية والاجتماعية، تراجع شعبية الحركة بشكل مطرد، إذ إن تعويلها على التأييد عبر التحشيد لمواجهة إسرائيل لم يعد يخدمها، فيما يدفع السكان فاتورة الإخفاق الحكومي في معالجة الملفات الحياتية ولو بالحد الأدنى.

ويطالب الغزاويون بتغيير سياسي واجتماعي يستجيب لتطلعاتهم، ما يفاقم الضغوط الداخلية على الحركة التي تسيطر على القطاع والتي فشلت في حلحلة جل الملفات الاجتماعية تقريبا.

ولم يعد إلقاء اللوم على إسرائيل التي تفرض حصارا على القطاع يلقى آذانا صاغية، إذ تبرر حماس عجزها عن إدارة القطاع طوال سنوات بالحصار الذي تفرضه تل أبيب وتشدده بناء على تصعيد حماس من عدمه.

واتهمت أوساط حزبية وحقوقية في قطاع غزة، الثلاثاء، الأجهزة الأمنية التابعة لحركة حماس بقمع تظاهرات تحتج على تدهور الأوضاع المعيشية.

عبدالعزيز قديح: ندعو القوى السياسية في غزة إلى مساندة المطالبين بحقوقهم
عبدالعزيز قديح: ندعو القوى السياسية في غزة إلى مساندة المطالبين بحقوقهم

وصرح عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي عبدالعزيز قديح للإذاعة الفلسطينية الرسمية بأن سلوكيات أجهزة أمن حماس بحق المتظاهرين في حراك “بدنا نعيش” الذي انطلق الأحد اتسمت بالرد “المؤلم والقاسي”.

وطالب قديح حركة حماس بأن “تعيد حساباتها بطريقة تعاملها مع المتظاهرين في غزة وحرمانهم من أبرز حقوقهم بالتعبير عما يعانونه من حصار وتضييق في الحياة المعيشية”.

وأكد أنه “لا يجوز قمع هذه المسيرات الاحتجاجية بهذه الطريقة الوحشية والقاسية”، داعيا القوى السياسية والوطنية في قطاع غزة إلى “حماية ومساندة أبناء شعبنا المطالبين بحقوقهم”.

وقال القيادي في حزب الاتحاد الديمقراطي “فدا” جمال نصر إن ما شهده قطاع غزة من تظاهرات “تهدف إلى تغيير الواقع السياسي والاجتماعي وقد قوبلت بالقمع الأمني”.

واعتبر نصر، في تصريحات للإذاعة الفلسطينية، أن “حالة الغليان الجماهيرية في غزة تعبر عن الواقع المعيشي الصعب” لسكان القطاع، ما يتطلب إيجاد حلول لسلسلة الأزمات الحاصلة.

وقال المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ومقره غزة إنه وثق قيام أفراد من الشرطة وعناصر الأمن بتفريق المشاركين والاعتداء عليهم بالضرب والاعتقال خلال تظاهرات الأحد.

وذكر المركز، في بيان صحفي، أن مسيرات سلمية خرجت في كافة محافظات قطاع غزة مساء الأحد بناءً على دعوات ناشطين من حراك “بدنا نعيش” عبر مواقع التواصل الاجتماعي، احتجاجاً على الأوضاع المعيشية في القطاع.

وبحسب المركز، “شارك في المسيرات الآلاف من المواطنين خاصة من الشباب، واتسمت المسيرات بطابعها السلمي في بعض المحافظات، ولم تسجل أي أعمال عنف من المتظاهرين”.

وأكد المركز أن حرية التعبير والتجمع السلمي والمشاركة السياسية حقوق مضمونة بالقانون الأساسي الفلسطيني، ولا يجوز مصادرتها تحت أي ذريعة.

وطالب النائب العام في غزة بالتحقيق في الأحداث التي رافقت بعض المسيرات السلمية، بما في ذلك أعمال العنف التي شهدتها مدينة خان يونس، والاعتداء على صحافي.

وقالت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في غزة إن الأجهزة الأمنية التابعة لحماس احتجزت 43 شابا من المشاركين في المسيرات الشعبية لا يزال سبعة منهم قيد الاحتجاز، فيما أُصيب 15 آخرون بكدمات وجروح جراء الاعتداء عليهم بالركل والضرب باستخدام العصي والقضبان الحديدية.

وطالبت الهيئة بالإفراج الفوري عن المحتجزين خلال المسيرات الاحتجاجية الأخيرة، وضرورة احترام وتعزيز الحق في حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي، ووقف أي إجراءات تمس الحق في تنظيم التجمعات العامة.

وبلغت معدلات الفقر بين سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة نحو 64 في المئة، بينما وصلت معدلات انعدام الأمن الغذائي إلى 70 في المئة، كما بلغت معدلات البطالة 50 في المئة ووصلت بين صفوف الشباب إلى 75 في المئة، بحسب إحصائيات فلسطينية رسمية.

ويلوم سكان غزة بشكل متزايد حماس على تفاقم الأوضاع المعيشية من خلال المحسوبية والفساد وعدم الكفاءة، وتحويل الكثير من الأموال من البرامج الاجتماعية إلى البنية التحتية العسكرية.

وبحسب مؤسسة الائتلاف الفلسطيني من أجل المساءلة والنزاهة – أمان، فإن قطاع المقاولات يعد أكثر القطاعات تأثرا بالفساد، حيث تمنح صفقات إعادة الإعمار وتهيئة المرافق العامة إلى شخصيات مقربة من حماس.

وفي ظل تواتر هذه الاتهامات تكتفي قيادات حماس بتبرير غياب الشفافية في موازنات القطاع والصفقات العمومية بالضرورة الأمنية التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي، ما يفسر انخفاض معدل الثقة في حماس.

وفي وقت سابق اتهم وزير الحكم المحلي في رام الله مجدي الصالح، حماس بالاستيلاء على أموال البنى التحتية وصرفها في قنوات أخرى، معتبرا أن حماس تعلق فشلها الذريع في إدارة شؤون القطاع على شماعة المقاومة، ما يعد تنصلا من مسؤوليتها الأخلاقية والقانونية في غزة.

2