حماس تتصدر قرارا إخوانيا مركزيا بتهنئة السوريين على إسقاط الأسد

دمشق – باركت حركة حماس في بيان للشعب السوري إسقاط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، ونجاحه في تحقيق طموحاته في “الحرية والعدالة”، في موقف تصدرت به الحركة قرارا إخوانيا بتهنئة السوريين على إسقاط الأسد باعتباره خصما تاريخيا.
ويمثل بيان حماس انقلابا ثانيا على الأسد وحليفيه إيران وحزب الله بعد الانقلاب الأول، الذي أعقب انطلاق الاحتجاجات على الرئيس السوري في 2011، واضطرت الحركة إلى التراجع عنه والذهاب إلى دمشق بوساطة إيرانية لإذابة الجليد بينها وبين الأسد.
ويظهر البيان أن حماس مهما غيرت موقفها أو تحالفاتها ظرفيا، تظل حركة إخوانية تحتكم إلى الموقف العام للجماعة وتعادي خصومها حتى لو كان ذلك على حساب مصالحها وتحالفاتها كما حصل في 2011 عندما دعمت الثورة السورية.
البيان يوحي بأن حماس اختارت أن تكون في صف قطر وتركيا، وأنها قد تكون وافقت على إبداء مرونة كبيرة في التفاوض لإنجاح مساعي الهدنة
وتأتي تهنئة السوريين بإسقاط الأسد ضمن مناخ سياسي تحرص قطر وتركيا على تجييره لصالحهما وإظهار تأثيرهما الإقليمي من خلال التحالف في دعم مجموعات مسلحة لإسقاط الأسد، لاستعادة ثقة الأميركيين، وخاصة الإدارة الجديدة بقيادة الرئيس المنتخب دونالد ترامب، وفي الوقت نفسه -وهذا الأهم- تبريد الغضب الإسرائيلي على قطر بسبب الفشل في الضغط على حماس لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.
ويوحي البيان بأن حماس اختارت أن تكون في صف قطر وتركيا، وأنها قد تكون وافقت على إبداء مرونة كبيرة في التفاوض لإنجاح مساعي الهدنة وإعطاء ورقة دعم وتقوية للدور القطري، وهو ما يعيدها إلى الواجهة سياسيا، والأهم أنه يضمن رضاء القيادة القطرية عنها ويؤمّن لها البقاء في الدوحة مع الحفاظ على كل الامتيازات التي من بينها التمويل والإقامة الفاخرة لقيادتها المحسوبة على التوجه القطري وعلى رأسها رئيس حماس في الخارج خالد مشعل.
ومن المرجح أن يثير هذا البيان خلافات عاصفة داخل الحركة، وقد يؤدي إلى قطيعة بين قيادة الخارج والداخل حيث يوجد تيار غالب يعترف بالفضل لإيران وحزب الله بسبب الدعم العسكري.
وقالت حماس في البيان إنها “تبارك للشعب السوري الشقيق نجاحه في تحقيق تطلّعاته نحو الحريّة والعدالة،” داعية إلى “توحيد الصفوف، ومزيد من التلاحم الوطني، والتعالي على آلام الماضي.”
وأكدت حماس أنها تقف “بقوة مع الشعب السوري العظيم، واحترام الشعب السوري وإرادته واستقلاله وخياراته السياسية،” مشددة على “الدور السوري في دعم الشعب الفلسطيني ومقاومته لتحقيق أهداف قضيته العادلة.”
كما أدانت الحركة بـ”أشدّ العبارات العدوان الغاشم المتكرّر للاحتلال الصهيوني ضدّ الأراضي السورية،” معلنة رفضها “أيّ أطماع أو مخططات صهيونية تستهدف سوريا.”
وأيدت حماس علنا الانتفاضة على حكم الأسد في 2011 وأخلت مقرها في دمشق في العام التالي، وهي الخطوة التي أغضبت إيران، حليفة الأسد.
لكنها سعت في 2022 لاستعادة العلاقات مع الأسد وأرسلت وفدا إلى دمشق، حيث التقى قادتها بالرئيس السوري على أمل إصلاح العلاقات.
ويعبر موقف حماس عن توجه إخواني مناوئ للأسد ظهر في بيانات إخوان تونس والأردن. ففي تونس بارك حزب حركة النهضة سقوط حكم الأسد في سوريا وانتصار “ثورة الشعب السوري التي انطلقت في 2011 رغم محاولات الإخماد والقمع الممنهج.”
موقف حماس يعبر عن توجه إخواني مناوئ للأسد ظهر في بيانات إخوان تونس والأردن
وجاء في بيان الحركة أن “بناء نظام ديمقراطي حر لسوريا المتجذرة في هويتها العربية الإسلامية والمشعة بتاريخها الحضاري الإنساني عملية شاقة وصعبة لكننا موقنون بأن (أفراد) الشعب السوري، بمكوناته المختلفة وقواه المخلصة، قادرون على ذلك طالما استمسكوا بالحق والعدل والتوافق من أجل بناء مستقبلهم المشترك.”
وحثت الحركة السوريين على “الوحدة الوطنية وتجنيب البلاد مخاطر التقسيم وضرورة بناء نظام ديمقراطي يضمن التعايش الوطني.”
وانتهت تجربة حركة النهضة والأحزاب السياسية في الحكم بتونس بعد إطاحة الرئيس الحالي قيس سعيد بالنظام السياسي في 2021 وحل الهيئات الدستورية بدعوى “تصحيح مسار الثورة” ومكافحة الفساد في مؤسسات الدولة.
ويقبع اليوم زعيم الحركة راشد الغنوشي وعدد آخر من قياديي الصف الأول للحركة والمعارضة في السجن منذ نحو عامين، بتهم ترتبط بالإرهاب والفساد والتآمر على أمن الدولة.
وكانت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن قد باركت سقوط نظام الأسد.
وتقدمت الجماعة في بيان الأحد إلى أفراد الشعب السوري “بأعظم التحية والتهنئة لإنجاز ثورتهم المباركة، بعد سنوات من التضحيات الكبيرة والصبر العظيم.”