حماسة سعودية لتعزيز العلاقات مع العراق من بوابة الاستثمارات

الاندفاعة السعودية تثير هستيريا في إيران الرافضة لأي تقارب عراقي مع الرياض.
الأحد 2020/11/08
إعادة العراق إلى محيطه العربي

بغداد - بدأ وفد سعودي بقيادة وزيري الصناعة والزراعة ومحافظ البنك المركزي زيارة إلى العراق لتعزيز التعاون المشترك في مجال الاقتصاد والاستثمار، بعد طفرة نوعية أدت إلى تعزيز العلاقات بين الرياض وبغداد.

وتعمل السعودية على تعزيز الروابط التي تجمعها بالعراق بعد سنوات من الهيمنة الإيرانية على مفاصل الدولة، وهو ما انعكس من خلال الزيارات المتبادلة والاتفاقات المشتركة بين البلدين.

وأوردت وكالة الأنباء السعودية الرسمية "واس" أن الزيارة تأتي تمهيدا لاجتماع قادم بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي.

ويرأس الوفد السعودي وزير البيئة عبدالرحمن الفضلي، ويضم وزراء الصناعة بندر بن إبراهيم الخريف، والنقل، ومؤسسة النقد العربي السعودية وهيئة التجارة الخارجية.

وقال وزير النفط العراقي إحسان عبدالجبار في بيان على هامش اجتماع اللجنة إن "اللقاء يأتي تواصلا مع الاجتماعات السابقة المشتركة، نهدف من خلالها إلى تفعيل مذكرات التفاهم على أرض الواقع".

وذكر عبدالجبار أن بلاده تطمح إلى تعزيز الشراكة عبر مشاريع جديدة كالربط الثنائي للكهرباء، وصناعة البتروكيماويات واستثمار الغاز وغيرها، "لمسنا من الجانب السعودي رغبة حقيقة للتعاون وتقديم الدعم اللازم".

وشكل العراق والسعودية، اللجنة الخاصة بين البلدين في يوليو الماضي، بهدف بحث الملفات الاقتصادية والاستثمارية.

من جانبه شدد وزير الطاقة السعودي عبدالعزيز بن سلمان، الذي حضر الاجتماع افتراضيا، على أن المملكة حريصة على تطوير العلاقات واستدامتها مع العراق، والعمل على الإسراع في تنفيذ مشاريع التعاون الثنائي بما يخدم المصالح المشتركة.

من جانبة أكد وزير الطاقة السعودي عبدالعزيز بن سلمان عبر الدائرة التلفزيونية بحسب البيان، "حرص المملكة على تطوير العلاقات واستدامتها مع الأشقاء في العراق والعمل على الإسراع في تنفيذ مشاريع التعاون الثنائي في جميع المجالات".

وأكد رئيس الوفد السعودي وزير الصناعة بندر بن إبراهيم الخريف، على "أهمية تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين".

واستأنفت السعودية العلاقات الدبلوماسية مع العراق في ديسمبر 2015، بعد 25 عاما من انقطاعها جراء الغزو العراقي للكويت عام 1990.

وبعد عقود من التوتر بدأت العلاقات تتحسن، عقب زيارة لبغداد في 25 فبراير 2017، قام بها وزير الخارجية السعودي آنذاك، عادل الجبير، وكانت أول مرة يصل فيها مسؤول سعودي رفيع المستوى إلى العاصمة العراقية منذ 1990، وهو ما مهد الطريق لمزيد من الزيارات المتبادلة.

ولفتت انتفاضة الشارع العراقي الذي ضاق ذرعا بالهيمنة الإيرانية ورغبته في استعادة استقلالية البلد عن قبضتها الحديدية، اهتمام دول المنطقة، وعلى رأسها السعودية التي حاولت على مدى السنوات السابقة تعزيز العلاقات التي اصطدمت بمعيقات عديدة حالت دون ذلك وخاصة ممانعة معسكر الموالاة لطهران والذي تمتّع في فترات سابقة بنفوذ كبير في الدولة العراقية، لكنّه بدأ يواجه صعوبات اليوم بسبب حالة الضعف التي تمرّ بها إيران.

ويبدو أن الرياض أمام اختبار دقيق لإعادة العراق إلى حاضنته الطبيعية بوجود ميليشيات وأحزاب سياسية لا تتورع عن المجاهرة بولائها إلى إيران والمرشد علي خامنئي، رافضة أي تقارب عراقي مع السعودية.

ويوجد شعور ملازم للسعودية بأن ترك الساحة العراقية خاوية لإيران شكل خطا استراتيجيا، وبدت مؤشرات واضحة على أن هناك رغبة سعودية فعلية في التدارك لاسيما في ظل وجود رئيس وزراء عراقي لا يدور في الفلك الإيراني.

ولم يخف رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الذي يحاول بشكل متدرج تفكيك الهيمنة الإيرانية وإعادة نوع من التوازن في العلاقات الخارجية رغبته بشكل صريح في بناء علاقات متميزة تستند إلى الإرث العميق للروابط التاريخية التي تجمع العراق مع السعودية.

ويسعى الكاظمي إلى تقديم نفسه شريكا للسعوديين وتأسيس تفاهمات تنهي مرحلة التقلب التي شهدتها العلاقات سابقا، ويضع حدّا لمساعي ميليشيات إيران وأذرعها التي تدفع إلى تفجير الأوضاع بين بغداد والرياض.

وصرح الكاظمي بأن "السعودية شريك حقيقي للعراق الذي يتطلع إلى بناء علاقات متميزة بما يحقق مستقبلا أفضل للبلدين".

وعبرت الرياض في مناسبات عديدة عن رغبتها في تقوية التعاون الاقتصادي بين البلدين، وتحقيق التوازن في الإنتاج النفطي، بالشكل الذي يخفف العبء الاقتصادي عن العراق وتبعيته لإيران.

ويثير التقارب السعودي العراقي حالة هيستيريا في إيران وهو ما انعكس عمليا من خلال تكثيف ميليشياتها لعمليات تخريبية تستهدف إرباك الكاظمي وعرقلة جهوده للانفتاح على الشريك السعودي وبناء مسار متكامل يجعل العراق يتحرر رويدا رويدا من الهيمنة الإيرانية.