حماد يحذر الدبيبة من خطة سكن لتوطين المهاجرين الأفارقة في ليبيا

رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان يحذر الدبيبة من تحريك وحدات مسلحة نحو الجنوب بحجة تأمين الحدود، مؤكدا أن ستواجه بما يقتضيه الأمر من ردع وحزم.
السبت 2025/03/15
تناقضات الحكومة بشأن المهاجرين تثير الشكوك

بنغازي – لاتزال قضية المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء تتفاعل في ليبيا، حيث هاجم رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب أسامة حماد، رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة، معتبرا أن مقترحه بإنشاء مناطق سكنية للمهاجرين هو مجرد ستار لعملية توطين فعلي، تتعارض مع تصريحاته الرسمية، مستغربا صمت المجتمع الدولي وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا حيال تلك التصريحات التي وصفها بأنها "غير مسؤولة".

وعقد حماد، مساء الجمعة، اجتماعا أمنيا موسعا مع الوزراء ورؤساء الأجهزة الأمنية التابعين للحكومة المكلفة من مجلس النواب، لمناقشة ملف الهجرة غير النظامية، بحسب ما نشرته الحكومة عبر صفحتها على فيسبوك.

وخلال الاجتماع، تطرق حماد في كلمته إلى تصريحات الدبيبة بشأن معالجة أوضاع المهاجرين غير النظاميين في ليبيا وتأمين الحدود الجنوبية، مشيراً إلى أن "الادعاءات التي تروج لها الحكومة المنتهية الولاية حول ضرورة تنظيم وجود المهاجرين غير النظاميين عبر إنشاء مناطق سكنية خاصة بهم خارج المدن ليست إلا الخطوة الأولى نحو عملية التوطين الفعلي، وهو ما يتناقض مع شعاراتها المعلنة ضد التوطين".

وأكد حماد أن الدبيبة "يدّعي استعداده للدفاع عن الجنوب إلا أن الواقع يشير إلى عدم سيطرة حكومته سوى على مقرها في طريق السكة داخل العاصمة، مما يجعل من الأولى معالجة أوكار المهربين والمجرمين داخل العاصمة قبل التوجه إلى الجنوب، إن استطاع ذلك".

ولفت إلى أن ليبيا تحترم حقوق الإنسان ولكنها لن تسمح بأي إجراء قد يؤدي إلى تغيير ديموغرافي يهدد سيادتها واستقرارها، وأن الحدود الليبية، خصوصا في الجنوب، ليست مفتوحة كما تدعي الحكومة منتهية الولاية، بل يتم تأمينها بالكامل من قبل القوات المسلحة الليبية والأجهزة الأمنية المختصة.

وأوضح بأن القوات المسلحة الليبية قامت بتنفيذ تعليمات القيادة العامة بحماية الحدود، حيث شنت حملات مكثفة ضد عصابات تهريب البشر والمخدرات وتحرير العديد من المحتجزين بالإضافة إلى القضاء على الشبكات الإجرامية، وأوكار العصابات، التي أسفرت عن تدمير المواقع المصنفة وتدمير الأسلحة والمخدرات المهربة.

واستغرب رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب مما سماه "الصمت الدولي"، خاصة من بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، تجاه التصريحات غير المسؤولة الصادرة عن الحكومة المنتهية الولاية بشأن ملف الهجرة غير النظامية، مؤكدا أن "العمليات ضد التهريب والجريمة المنظمة مستمرة".

وأكد حماد بأن التعليمات الصادرة إلى كافة الأجهزة الأمنية واضحة وصريحة بعدم استخدام القوة ضد المهاجرين غير النظاميين، وأن أي دعوات لممارسة العنف ضدهم هي دعوات غير مسؤولة ومرفوضة، وأن الحل يكمن في تنظيم برامج العودة الطوعية والآمنة إلى بلدانهم الأصلية، بدلا من محاولات فرضهم كأمر واقع داخل ليبيا.

وأشار إلى أنه وبالتنسيق مع القيادة العامة للقوات المسلحة، عملت الحكومة  بالفعل على إعادة أعداد كبيرة من المهاجرين إلى بلدانهم بطرق تحترم إنسانيتهم وتضمن عدم تعرضهم لأي انتهاكات، مؤكدا بأن القوات المسلحة الليبية لعبت دورا محوريا في دعم جهود الحكومة الليبية في التعامل مع تدفق اللاجئين السودانيين الذين فروا إلى ليبيا نتيجة الحرب في بلادهم.

وحذر حماد من أن "أي محاولة من الحكومة المنتهية الولاية لتحريك وحدات مسلحة نحو الجنوب بحجة تأمين الحدود، على الرغم من أنها مؤمنة بالفعل من قبل القوات المسلحة الليبية سيكون بمثابة خطوة تصعيدية ستواجه بما يقتضيه الأمر من ردع وحزم".

وأشار إلى "ضرورة كون الشعب الليبي واعيا لهذه المحاولات المشبوهة التي يجرى تغليفها بشعارات زائفة، وأن القوات التابعة لـ(القيادة العامة) والأجهزة الأمنية لن تسمح بأي تحركات تهدد أمن واستقرار البلاد".

ويمثل تصريح حماد انعكاسا للمخاوف والقلق السائدين في ليبيا بشأن قضية المهاجرين غير الشرعيين، ويؤكد على ضرورة إيجاد حلول مستدامة تراعي مصالح جميع الأطراف.

وتشهد ليبيا توترات شعبية منذ أسبوع حيث يتناول عديد المواقع الإخبارية ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي دعوات لطرد المهاجرين غير النظاميين المقيمين في ليبيا.

ويأتي ذلك بالتزامن مع تناقل البعض "لادعاءات" تفيد بعزم حكومة الدبيبة عقد اتفاق لتوطين المهاجرين داخل ليبيا، وهو ما نفته الحكومة "جملتا وتفصيلا".

وخرج عشرات المواطنين للتظاهر في ميدان الجزائر بالعاصمة طرابلس، الجمعة، رفضا لتوطين المهاجرين في ليبيا، بعد حملة محرضة يقودها نشطاء ونواب وعلى رأسهم مفتي ليبيا المعزول الصادق الغرياني.

وسعى الغرياني إلى تأجيج الغضب من خلال برنامج "الإسلام والحياة" عبر قناة "التناصح”، حيث قال إن الغرب يريد توطين المهاجرين الأفارقة في ليبيا، بينما المفروض أن يُزجّ بهم في السجون ويرحّلوا إلى بلدانهم.

ويعد تحريض الغرياني على المهاجرين مثالا صارخا على التناقض بين دوره كرجل دين وبين مواقفه المتعصبة حيث من المفترض أن يكون رجل الدين حاملا لقيم التسامح والرحمة.

ويرى البعض أن الحل الأمثل هو ترحيل المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية، مع تقديم المساعدة للدول التي تعاني من تدفقات كبيرة للمهاجرين، بينما يقترح آخرون إنشاء مراكز إيواء مؤقتة للمهاجرين، مع توفير الرعاية الصحية والاجتماعية اللازمة لهم.

لكن في كل الأحوال تتطلب معالجة قضية الهجرة غير الشرعية تعاونا دوليا وإقليميا، وجهودا مشتركة لمكافحة شبكات تهريب البشر.

وكانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا قد حذرت الخميس، من الحملات والمعلومات المضللة التي تؤجج التوتر في البلاد، وتحرض على "خطاب الكراهية" ضد اللاجئين والمهاجرين، فيما قررت حكومة البلاد ترحيلهم.

وأكدت البعثة أنها تدرك التزام السلطات الوطنية والبلديات في ليبيا بمعالجة شواغل الشارع الليبي، مشيرة إلى أن جهود الأمم المتحدة في دعم تلك السلطات في إدارة ملف الهجرة تتماشى مع الأولويات الوطنية لليبيا ومع التأكيد على أهمية الحفاظ على سيادة البلاد.

وأوضحت في بيان أن المعلومات المضللة لا تؤدي إلا إلى تفشي الخوف وحالة العداء، داعية كل المعنيين بالأمر إلى الامتناع عن تداول المعلومات المضللة، وضمان أن يكون الخطاب العام قائمًا على الحقائق، مع الاحترام الكامل لحقوق الإنسان.