حلم ليفربول معلق بين السماء والأرض

ظل فريق ليفربول منذ انطلاق الموسم يمنّي النفس بمعانقة لقب الدوري الإنجليزي الذي انتظره طويلا. كتبَ الفريق العريق رحلة شقاء طويلة للوصول إلى مبتغاه. لكن لا أحد كان يتصوّر أن يظل هذا الحلم معلقا بين حتمية السماء وما يقتضيه الوضع على الأرض. فرضت جائحة الوباء الكوني كورونا نفسها على الجميع دون استثناء لتعجّل بتأجيل الحلم إلى حين.
مع تأجيل هذا الحلم دبّ الهوس في صفوف لاعبي الفريق الأحمر ومدربهم الألماني يورغن كلوب وبات في تزايد كل يوم وكل لحظة وكل حين بانتظار استئناف نشاط البطولة.
وبين حيرة هذا وتباين آراء ذاك، يأسر قلق شديد القلوب وتواترت أسئلة المهووسين بمتابعة أخبار العملاق الإنجليزي: ماذا لو لم يستأنف النشاط هذا العام في إنجلترا، هل يعني ذلك تتويج “الريدز” باللقب؟ ربما يكون ذلك ممكنا، لكنه يبقى موضع شك أيضا؟ هي أسئلة متواترة تراود الكثير من اللاعبين والمدرب أساسا الذي سهر الليالي ورسم الخطط وبات مصيره من مصير لاعبيه معلقا على الانتظار. قد يطول هذا الانتظار لكنه ضروري.
هو انتظار يائس لحلم جميل سرعان ما ارتد منغصا للعواصف وآسرا للقلوب المأزومة بالبحث عن مخرج من أزمة التمارين في مساحات ضيقة وتتبع الأخبار عبر الشاشات الصغيرة وغيرها من المطبات المتعلقة بفترة الوقاية.
لنفترض جدلا تواصل تعليق الدوري، رغم إقرار الجميع بأن المسألة ظرفية وستزول، هل سيمنح هذا اللقب راحة نفسية للاعبين، حتما لا. سيكون بلا طعم ولا مذاق حتىّ لجهة ما عاشته وتعيشه كرة القدم الإنجليزية من مخاض عسير بسبب تعليق النشاط وكل ما يدور في فلكه.
بدا الفريق الأحمر في بداية هذا الموسم توّاقا أكثر من أي وقت لنيل شرف المجد في إنجلترا. ثلاثون عاما مضت لم ينل فيها حظه في صعود منصة التتويج كانت كافية لينطلق قطار “الريدز” سريعا دون توقف. لكنه توقف فجأة ليتوقف معه الحلم. حلم سرعان ما اعترضه كابوس كورونا المزعج الذي بدّد الآمال ورفع منسوب الانتظار المرّ لدى اللاعبين لا بل إنه سيُدخل الإدارة الفنية، في حال طال أمده، في طور من الأزمات المالية.
أي لقب هذا وأي تتويج قد يراود البعض من المهووسين بالعملاق الإنجليزي في هذه الأيام. التركيز كل التركيز منصب الآن على ما صنعه الفايروس من هوس وخوف في كواليس القلعة الحمراء.
بينما يجاهد اللاعبون للحفاظ على لياقتهم البدنية عبر خوض تدريبات منفردة، سارع مدربهم مؤخرا كعادته إلى تبديد كل مظاهر اليأس والخوف التي قد تنتاب بعضهم ليقر بأنه شديد التفكير فيهم حتى أثناء نومه. المدرب الألماني اعترف بأنه “يفكر طوال اليوم وربما أثناء النوم أيضا في اللاعبين” وأن أهم شيء بالنسبة إليه هو “أن يحافظ كل لاعب على أفضل شكل له من خلال التغذية والتدريب والخطط التكتيكية”.
كل هذا معلوم سيّد كلوب، لكن ما يدور في فلكك قلة قليلة فقط قادرة على كشفه وإخراجه للعلن. يراودك الآن حلم رفع اللقب الذي رسمت وخططت كثيرا ليكون شرفك أعظم بمعانقته ورفعه ولمَ لا الجولان في المدينة الكبيرة مثلما فعل ذلك خصمك مانشستر سيتي طول ثلاث سنوات متتالية.
حظك بالانتظار، نعم الانتظار وملازمة حجْرك الذاتي لا أكثر ولا أقل. وحين تأتي الساعة لتزفّ بطلا سيكون مطلوبا منك العودة إلى المستطيل الأخضر برفقة لاعبيك لمواصلة بضع محطات على قطع الرحلة. قد تتفاجأ بأشياء كثيرة ستتغير بعد انجلاء أزمة كورونا، وربما قد تعانق هذا اللقب خلف أبواب موصدة، لكنك حتما ستعانقه وستتحاور معه وستضمه إليك إن شئت. لكنك حتما ستقر بأنه بلا طعم. لا بل إن عزاءك سيكون في تذكّر العام الذي نلت شرف الفوز به وحتى إن نسيت سيذكرك من حولك بأنك توجت به “في عام الكورونا”.