حلف الناتو يدخل على خط الترتيبات الأمنية في طرابلس

السرّاج وستلوتنبيرغ يبحثان مساهمة الحلف في بناء المؤسسات الأمنية والعسكرية الليبية.
الأربعاء 2018/12/05
دعم مطلق

بروكسل - دخل حلف شمال الأطلسي “الناتو” على خط الترتيبات الأمنية في العاصمة الليبية طرابلس، حيث التقى أمينه العام ينس ستلوتنبيرغ الأربعاء، ببروكسل، رئيس حكومة الوفاق فايز السراج.

وبحسب ما نشرته صفحة المجلس الرئاسي على موقع فيسبوك، بحث الجانبان خلال الاجتماع تطورات الموقف السياسي والأمني في ليبيا. وأكد أمين عام الناتو خلال الاجتماع أن الحلف يدعم جهود حكومة الوفاق الوطني في بناء مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية ومستعد للمساهمة فيها.

وأشار ستلوتنبيرغ إلى أن حلف “الناتو” يدعم جهود بعثة الأمم المتحدة وخطة عمل المبعوث الأممي غسان سلامة لتحقيق حل سياسي يوحد مؤسسات الدولة وينهي حالة الصراع والانقسام.

وأكد فايز السراج على أهمية التنسيق والتعاون بين المؤسسات الأمنية والعسكرية في ليبيا وحلف الناتو والاستفادة من خبرة الحلف في التأهيل المؤسسي ورفع القدرات لإرساء الأمن وتأمين الحدود ومكافحة الإرهاب.

ويأتي هذا اللقاء، بينما شرعت حكومة الوفاق بدعم من بعثة الأمم المتحدة في تنفيذ ترتيبات أمنية ستفضي إلى إخراج الميليشيات من العاصمة واستبدالها بقوات نظامية من الجيش والشرطة.

واعتمد فايز السراج الشهر الماضي خطة لتأمين العاصمة طرابلس، استنادًا إلى قوات أمن وشرطة نظامية. وقال مكتب السراج حينئذ إن الخطة (دون الإفصاح عن محتواها) تم اعتمادها وهي معدة من لجنة الترتيبات الأمنية التي شكلها المجلس الرئاسي مؤخرًا. وأشار إلى أن الترتيبات الأمنية تستهدف ضمان تأمين المواطنين والممتلكات الخاصة والعامة وإرساء النظام العام.

كما أوضح أن الخطة تعتمد على قوات “أمن وشرطة نظامية” تعمل، وفق معايير مهنية، مع اتخاذ كافة التدابير الأمنية والعسكرية والمدنية اللازمة لذلك، دون أن يشير إلى تكوين تلك القوات.

وفي يونيو العام الماضي، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي إن فرق خبراء ستبدأ في أسرع وقت ممكن في مساعدة الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة على تدريب وتطوير جيشها الذي استنزفته سنوات من الصراع ومواجهة تهديد من متشددين إسلاميين وانقسامات بين الفصائل الليبية.

وأكد أن الحلف وافق على مساعدة حكومة الوفاق على التعامل مع ملفات مثل “كيفية تحديث وزارة الدفاع وبناء هيئة أركان وأيضا تطوير أجهزة المخابرات ووضع كل ذلك تحت السيطرة السياسية”.

فايز السراج يرى أن الميليشيات يمكن استيعابها وفقاً لمعايير وضوابط واضحة في مؤسستي الجيش والشرطة

وطالما كان مصير الميليشيات التي تشكلت أثناء وبعد الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي، محل جدل بين الفرقاء الليبيين. ففي حين يطالب معسكر الشرق الذي يقوده خليفة حفتر بحلها وانتزاع أسلحتها، خاصة وأن أغلبها محسوب على تيار الإسلام السياسي، يرى المجلس الرئاسي والمحسوبون عليه أنه من الضروري أن يكون التخلص منها بهدوء وبشكل سلمي.

وقال فايز السراج في لقاء تلفزيوني مساء الاثنين على القناة الرسمية الأردنية، إن التشكيلات المسلحة يمكن استيعابها وفقاً لمعايير وضوابط واضحة بمؤسسات الدولة.

وأضاف “ما تحدثنا عنه كثيراً مع البعثة هو ضرورة البدء في التعامل مع التشكيلات المسلحة ومحاولة استيعابها وضمها لمؤسسات الدولة وفق الضوابط، فعندما تدخل تصبح كوحدات أمنية وعسكرية منضبطة بدلاً من كونها تشكيلات أو ميليشيات حسب المصطلح المستعمل”.

وتابع “هذا يحتاج إلى برامج وعدة دول مرت بهذه التجربة وتجاوزتها بشكل إيجابي فالكثير من الدول حتى مؤسساتها العسكرية الحالية نواتها الأساسية كانت ميليشيات لكنها تجاوزت هذه الأزمة واختزلت الزمن وكوّنت المؤسسة العسكرية ونواة المؤسسة الأمنية بشكل احترافي ومهني”.

وانتقد السراج التعاطي الإعلامي مع الوضع في العاصمة طرابلس معتبراً أن “الوضع الأمني في المدينة جيد والحياة فيها تسير بشكل طبيعي بعد شروعهم في تنفيذ الترتيبات الأمنية”. وشدد على أن الوضع الأمني في العاصمة تحسن مقارنة بالفترة الماضية وأن الخروقات التي تحدث فيها تحدث في كل الدول الكبرى.

وبدا السراج وكأنه يرد على التقرير الذي نشر مؤخرا في صحيفة “الغارديان” البريطانية، الذي صور الوضع في طرابلس بشكل كارثي.

ووصفت الصحافية فرانشيسكا مينوتشي التي زارت طرابلس عقب الاشتباكات الأخيرة بين ميليشيات من العاصمة وأخرى قادمة من ترهونة، الوضع بدقة. وقالت في التقرير “قيادة السيارة عبر شوارع المدينة تعني أنه عليك أن تجتاز موجة من الضباب السياسي أثناء محاولتك تحديد من هم من بين المسلحين الذين يرتدون زياً موحداً هم أفراد العصابات ومن هم الذين يمثلون قوات الأمن الرسمية التابعة للحكومة المدعومة من الأمم المتحدة”.

وأضافت “بعد حين تدرك أنها هي نفسها. فتجد وحدة من هؤلاء الأفراد يرتدون زياً رسمياً أزرق تابعاً لوزارة الداخلية، لكنهم يظلون ميليشيا، يمارسون نفس أفعال العنف والتهديد”. وأوضحت “في عهد القذافي كان الصحافيون يحتاجون إلى الحصول على تصريح فقط للخروج من الفنادق التي كانوا يقيمون بها. والآن أنا بحاجة إلى اثنين، أحدهما من الحكومة، والآخر من الميليشيات التي تسيطر على أي منطقة أخطط لزيارتها”.

وتحدثت الصحافية مطولا عن المضايقات التي تعرضت لها أثناء مهمتها، واصفة ما يحدث بـ”الديكتاتورية الجديدة”. وأردفت “يقول إسماعيل، وهو الشخص الذي تم تعيينه لحراستي لا تلتقطي صورا لقوائم الانتظار في المصارف. ولا تعقدي مقابلات مع الناس هناك”. وتقول الصحافية إن “إسماعيل تلقى الأوامر بأن يتبعها في كل مكان، وأن يصطحب معه مجموعة من التصاريح والأذونات”.

وتضيف “يمكنني احتساء القهوة في المقاهي المنتشرة في كل مكان، ولكن لا يمكنني التحدث إلى العملاء لأنني لا أملك أي تصريح بذلك، وهذا كان أمراً غريباً”.

وتابعت “سألت إسماعيل وأنا أشعر بالإحباط ‘كيف لي أن أكتب تقاريري وأنا غير مصرح لي بأن أتحدث إلى أي شخص؟'”. وجاء رد إسماعيل صادماً “لا أعلم، ربما لن تستطيعي أن تكتبي شيئاً”.

4