حلا عمران فنانة ترى أن الفن يكون ثوريا أو لا يكون

الخميس 2015/03/19
حلا عمران لا تعتبر الفن مهنة بل أساس الحياة

حلا عمران واحدة من الفنانات القليلات اللاتي اخترن الوقوف إلى جانب الثورة السورية، وكان لـ"باب الشمس" لمخرجه يسري نصرالله دور كبير في لمعان نجم حلا عمران. في الحوار التالي تتحدث حلا عمران عن دمشق، وعن دور فناني سوريا تجاه ما يحدث للسوريين المناهضين لنظام بشار.

تؤكد الفنانة السورية حلا عمران أن فيلم “باب الشمس” من الأعمال المهمة في حياتها كإنسانة وفنانة، وهو عمل ترك أثره بشكل كبير في حياتها.

تقول حلا: العمل على نص كـ”باب الشمس” كان فرصة هامة بالنسبة إليّ لاكتشاف أدب إلياس خوري، هذا الأدب الذي أقدّره اليوم أكثر مع ما يحصل في سوريا، هذا الأدب الذي وبكل بساطة لم يكن يوما متناقضا، وكان “باب الشمس” أيضا فرصة لاكتشاف متعة العمل مع يسري نصرالله، الذي هو أيضا لم يكن متناقضا كإنسان مع طرحه كفنان، وهو الأمر الواضح منذ اندلاع الثورات العربية.

وعن كسر التابوهات تضيف عمران: “بالنسبة إليّ، وبصدق، لم أفكر ولو للحظة بأن ما كنت سأقدمه في هذا الفيلم كان جريئا، بالنسبة إليّ لا يمكن أن تكون القيم المجتمعية مرتبطة بالفن بل على العكس، على الفن أن يكون متحرّرا من كل القوالب وأهمّها المجتمعية، ليكون قادرا بشكل من الأشكال على التغيير، لا يمكن أن ننتج فنا ونحن مكبلون بالتابوهات”.

وشاركت عمران بعد “باب الشمس” في فيلم سوري اسمه “تحت السقف” للمخرج نضال الدبس، واعتذرت عن بعض الأعمال التي لا تشبهها، لكنها بقيت تحن بشكل حقيقي إلى السينما.

حلا عمران ترى أن المسرح لا يمكن أن ينفصل عن الضرورة، فالمسرح والثورة صنوان

وحول غيابها عن الدراما السورية تقول: “التلفزيون لم يكن لي مغريا، فلا مجال للاكتشاف الحقيقي فيه، بالنسبة إليّ على الأقل، لا يعدو كونه مهنة، وأنا لا أفهم الفن كمهنة، لكني تعلمت منه التكنيك الذي ليس سهلا حتما، والذي هو أساسي أيضا للممثل”.

وتؤكد حلا عمران أن المسرح بالنسبة إليها هو دراستها الأساسية، وهو مكان الاكتشاف الحقيقي، فهي تحب العلاقة المباشرة مع المتلقي، وتحب القوة التي يملكها الممثل على الخشبة، فهي قوة ممتعة لا يجدها الممثل في أماكن أخرى، بالنسبة إليها لحظات استثنائية غير ثابتة، وغير قابلة للتكرار ولا للتوثيق.

وتستطرد عمران: “البحث المتواصل عن الذات وعن الجديد، وعن المغامرة، هو ما يغريني في المسرح وهو أيضا ما يغريني بالعمل في فرنسا أو في غيرها. ففي فرنسا فهمت العلاقة بين الممثل والنص، فهمت أهمية النص بشكل أعمق، وفهمت أكثر العلاقة بين المسرح والشعر”.

وعن أهمية دور المسرح وما ينقص خشبة مسرحنا في العالم العربي، تضيف عمران “ما ينقصنا فعليا في بلادنا العربية هو الثقافة المسرحية والحرية، حرية التفكير أولا، قبل التعبير، والإيمان بأهمية المسرح وبدور الفن العضوي في الحياة، هو ليس موجودا فقط لتزيين الحياة، لكنه ضروري للتغيير، المسرح لا يمكن أن ينفصل عن الضرورة، المسرح والثورة صنوان، لذلك أنا متفائلة جدا بمستقبل المسرح في بلادنا بسبب ما يحصل الآن”.

وعن موقفها من الفنانين المناهضين للثورة السورية، تؤكد عمران “أنا لا أفهم الفن الذي ليس ثوريا، والثورة هنا هي ثورة على كل ما هو قائم، بداية من الشكل حتى المضمون، مرورا بالنظام الاجتماعي والمفاهيم الدينية والقيم الأخلاقية والمعرفية”.

وتضيف “لا أفهم الفنان المكبل بانتماءاته الضيقة، لذلك لا أفهم الفنان عندما لا يكون ثوريا! لا أفهم الفنان الذي لا يبتهج بالثورة! بالنسبة إليّ وببساطة يجب التمييز بين الفنان وصاحب المصلحة”.

عمران تؤكد أن الفنان لا يمكن أن يكون منفصلا عن العالم، لا يمكن أن لا تكون للفنان وجهة نظر في ما يجري

وترى عمران في ما يخص الثورة السورية أنّ الأمر هنا يتجاوز الشأن الفكري أو الثوري، لأن الأمر يتعلق هنا بالضمير، وبالضمير فقط، إن كنت سوريا أو مصريا أو فرنسيا أو مريخيا حتى! لا يمكن أن تقبل بالجريمة التي ترتكب في سوريا ضدّ الإنسانية نفسها، مع ما يحصل في سوريا فإن البشرية نفسها في مأزق، على حدّ تعبيرها.

تلعب حلا حاليا دور “ليدي كابوليت” والدة جولييت في مسرحية “روميو وجولييت”، وعن الدور تقول: “ليدي كابوليت امرأة تعيش مرارة زواج مبكر، وتحمل دون سبب واضح كراهية قاتلة تعادل قوتها في الحب”.

كما أنها تقوم حاليا بالتدريبات على مسرحية “العادلون” لألبير كامو، وهو نص تراه ضروريا الآن لما فيه من جدل حقيقي حول المسموح به والممنوع في الثورة، جدل تعيشه الثورة السورية يوميا.

وتضيف حلا مبينة موقفها من اختياراتها الفنية القادمة “اليوم ومع ما يحصل في العالم وفي سوريا تحديدا، لا يمكن أن أقبل بعمل فني ليس ضروريا، بعمل ليس سياسيا بالمحصلة، والسياسي هنا طبعا لا علاقة له بالخطابة أو الشعارات، إنما بالموقف من العالم”.

وتختم عمران مؤكدة “لا يمكن للفنان أن يكون منفصلا عن العالم، لا يمكن أن لا تكون للفنان وجهة نظر في ما يجري، وأكرر؛ لا يمكن للفنان أن يقبل بما هو قائم، مهما كانت روعة ما هو قائم، لذلك أظن أن مشوارا طويلا ينتظرنا نحن الفنانين العرب، وأظن أن لدينا ما يكفي للبقاء طويلا في حالة ثورة، وما هي إلاّ البداية”.

16