حكومة نجلاء بودن ترد على الاتحاد العام التونسي للشغل: لن نفوت في أي من المؤسسات

تونس - دحضت الحكومة التونسية الخميس الاتهامات الموجهة لها بشأن اعتماد خطاب مزدوج حيال الاتفاق الذي توصلت إليه مع صندوق النقد الدولي، مشددة على أن كل ما يروج حول التوجه للتفويت في المؤسسات العمومية لا محل له من الصحة.
واتهم الاتحاد العام التونسي للشغل الحكومة مؤخرا بتعمد إخفاء جانب من الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع صندوق النقد الدولي، متحدثا عن توجهها للتفويت في عدد من المؤسسات من بينها وكالة التبغ والوقيد وبنك الإسكان.
وأكد الناطق الرّسمي باسم الحكومة نصرالدين النصيبي أن أولوية الحكومة في الفترة الراهنة تكمن في إصلاح جميع المؤسسات العمومية دون استثناء والتشبث بها وعدم التفويت في أيّ واحدة منها.
وأوضح النصيبي في تصريح إعلامي على هامش انعقاد النسخة الأولى لمجالس التجديد لدعم المبادرة والمؤسسات الناشئة بقصر الضيافة بقرطاج، أن برنامج الإصلاحات المقدّم من طرف الحكومة إلى صندوق النقد الدولي قائم على مقاربة أساسها دراسة الحكومة التونسية لوضعية المؤسسات العمومية حالة بحالة وسيتم على إثرها التفكير في مجموعة من المقترحات العملية.
وشدّد على وجوب دراسة الملفات حالة بحالة نظرا إلى خصوصية كل مؤسسة وواقعها وما تستدعيه من إمكانيات وخطة إصلاحها. وأشار إلى أن رئاسة الحكومة قد قامت بعقد مجالس وزارية مخصصة لكل مؤسسة وطلبت من كل واحدة منها تقديم مخططها الإصلاحي وما يستدعيه من إمكانيات بغاية إنقاذها، معتبرا أنها أولوية من أوكد أولويات الحكومة خلال المرحلة القادمة.
وأفاد في السياق ذاته بأنه سيقع الاستئناس بأهل الاختصاص من كل قطاع وفتح ملف كل مؤسسة على حدة، ودراسة السيناريوهات المحتملة والتي تتماشى مع توجهات الحكومة.
وكان الأمين العام لاتحاد الشغل نورالدين الطبوبي وجه مؤخرا تحذيرا لحكومة نجلاء بودن من مغبة السير في خيار التفويت في المؤسسات العمومية.
وقال الطبوبي إن “الحديث عن إلغاء الدعم والتفويت في (خصخصة) مؤسسات القطاع العام مرفوض تماما”، وأن الاتحاد سيخوض “معركة مجتمعية” من أجل التصدي لذلك. واتهم الأمين العام لأكبر منظمة شغيلة بالبلاد حكومة نجلاء بودن بـ”المغالطة” بخصوص ملفي خصخصة المؤسسات العامة وإلغاء الدعم.
ولم تكشف الحكومة التونسية عن تفاصيل مضمون اتفاق القرض الذي توصلت إليه مع صندوق النقد الدولي وقيمته 1.9 مليار دولار على مدى أربع سنوات، مع انتظار المصادقة النهائية للمجلس التنفيذي للصندوق في ديسمبر المقبل.
ويقول مراقبون إن الغموض الذي تعتمده الحكومة وعدم إفصاحها عن تفاصيل الاتفاق يفتحان المجال أمام التأويلات، مشيرين إلى أنه على الحكومة أن تفتح باب الحوار حول هذا الاتفاق مع القوى الحية ولاسيما الاتحاد العام التونسي للشغل، حيث أن التعاطي الحالي لن يقود إلا إلى مزيد من تأزيم الأوضاع في البلاد.
وأكد الناطق الرسمي باسم الحكومة استمرار الدعم وتوجيهه إلى مستحقيه قصد وضع حد لنزيف الاحتكار والتصدير غير القانوني إلى البلدان الأخرى، وتمكين أكثر من 80 في المئة من الشعب التونسي من هذا الدعم بشكل مباشر عبر التسجيل في منصة إلكترونية تخول لهم الاستفادة منه في مرحلة أولى، كاشفا أن المنصة جاهزة ويجري العمل على اختبارها.
وقال النصيبي في هذا الصدد إنّه سيقع إدراج الفئات المستحقة والمسجلة بوزارة الشؤون الاجتماعية بشكل آلي ضمن هذه المنصة، مقابل تسجيل بقية الفئات بشكل إرادي وسيقع القيام بحملات تحسيسية في الغرض للتحفيز على عملية التسجيل.
وتواجه الحكومة اختبارا صعبا في مدى التزامها بالإصلاحات المزمع تنفيذها وفق البرنامج المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، على غرار إصلاح الدعم والمؤسسات العمومية وسط مخاوف من تصعيد من قبل الاتحاد العام التونسي للشغل ذي النفوذ القوي، والذي ينضوي تحته نحو مليون موظف وعامل.
وأكد وزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيد في وقت سابق أن الاتّفاق مع صندوق النقد الدولي يتضمن أساسا البرنامج الإصلاحي الذي أعلنته الحكومة في الندوة الصحافية التي انعقدت في الثالث من يونيو الماضي.
وشدد سعيد على أن هذا الاتفاق لا يحمل مفاجآت مؤلمة بل سيتفاجأ الشعب التونسي إيجابيا، موضحا أن شروط صندوق النقد الدولي وضعت حدا أدنى من المصروفات الاجتماعية.
وأشار سعيد إلى وعي صندوق النقد الدولي والحكومة التونسية والممولين بتضرر المقدرة الشرائية للشعب التونسي والتي مست مختلف شعوب العالم نتيجة ما وصفها بالأزمة العالمية العميقة.
وقال سعيد إن إمكانيات تونس المادية محدودة، مشددا على ضرورة نجاح البلاد في برنامجها الإصلاحي مع توفير المناخ المناسب للقطاع الخاص من أجل أن يشتغل ويخلق الثروة ومواطن الشغل باعتبار أن العمل هو الحل، وفق تقديره.