حكومة قديمة برئيس وزراء جديد في الجزائر

الجزائر - عقد مجلس الوزراء الجزائري اجتماعه الأول برئيسه الجديد محمد نذير العرباوي وبحكومته القديمة لدراسة عدة ملفات، وهي سابقة يلفها الغموض إلى حد الآن، حيث لم توضح السلطة أسباب وخلفيات التغيير سوى ما تردد عن حسابات الانتخابات الرئاسية المنتظرة بعد نحو عام، وهو ما تأكد من مجريات الاجتماع الذي لم يتعدّ حدود العادي والخطاب المتداول.
وتشابهت نتائج اجتماع مجلس الوزراء الجزائري الأخير مع ما سبقه من حيث دراسة الملفات المطروحة وتوجيهات الرئيس عبدالمجيد تبون لعمل الحكومة، ولم يوح التغيير الذي طرأ في منصب رئيس الوزراء بأن السلطة القائمة تستهدف شيئا ما في المرحلة القادمة، فكان الفارق الوحيد هو مغادرة أيمن بن عبدالرحمن وقدوم العرباوي.
واقتصر الاجتماع الذي دأب تبون على عقده مرتين في الشهر منذ انتخابه رئيسا للبلاد نهاية العام 2019 على ملفين فقط، وهما النفقة، وتسوية الميزانية للعام 2021، فضلا عن الاستماع لعروض تتعلق بالتحول الرقمي، ووضعية محطات تصفية المياه المستعملة، وبعض التوجيهات والقرارات.
ولم يؤشر التغيير المفاجئ في قصر الدكتور سعدان إلى أن السلطة بصدد ضخ دماء جديدة في الجهاز التنفيذي من أجل تفعيل وتيرة التنمية المحلية والاقتصاد والتكفل بمظاهر الأزمة المركبة، فما يزال رئيس الوزراء الجديد يلتزم الصمت، ولم يبح للرأي العام بالمهام التي عين لأجلها، أو الإضافة التي سيعمل على تحقيقها، الأمر الذي أبقى الغموض قائما حول التغيير، خاصة في ما يتعلق بالأسباب والأهداف التي أزيح لأجلها خبير في المالية واستقدم رجل متمرس في الدبلوماسية.
اقرأ أيضاً:
واكتفى الرئيس تبون بالحث على ضرورة “اعتماد الحكومة السرعة القصوى في تطبيق قرارات مجلس الوزراء التي لم تجسد أو تأخر تنفيذها، إذ ليس هناك أشد وقعا على مواطنينا من عدم تنفيذ التزامات الدولة”، كما شدد على “وجوب حرص أعضاء الحكومة على تفادي الوعود المبالغ فيها، والبعيدة عن الالتزامات مع الشعب الجزائري”.
وبدأ تبون يخرج بخطاب الغرف المغلقة إلى ساحة مجلس الوزراء والبيان الختامي الذي يتوج به، الأمر الذي يوحي بخلو الأجندة من الأعمال والملفات المطروحة، ولذلك تحولت ديناميكية وأداء الحكومة إلى جزء من جدل الأعمال، ولذلك تكررت نفس الملاحظات والتوجيهات.
وحضّ الرئيس الجزائري حكومته على “إبقاء دعم الطبقتين الهشة والمتوسطة نصب أعين الحكومة من خلال الحفاظ على القدرة الشرائية، وجعل البرامج السكنية بكل صيغها ضمن الأولويات، صيانة لكرامة المواطنين وتيسيرا لحياتهم، فضلا عن توخي اليقظة والحذر من تبذير المال العام، واستهلاك ميزانيات إضافية غير مرصودة في البرامج المحددة، بينما هناك ما ينتظر التنفيذ في هذه البرامج، وتكثيف الاستشارة ما بين أعضاء الحكومة حول القرارات المؤثرة على التوازنات المالية الكبرى للدولة”.
ومنذ اعتماد السلطة الجزائرية على نمط رئاسي خالص، بات منصب رئيس الوزراء لا يتعدى حدود المنسق بين أعضاء الحكومة، ولا يملك من الصلاحيات والتأثير في صناعة القرار أي شيء، فكل البرنامج الذي يضطلع بتنفيذه هو برنامج رئيس الدولة، الأمر الذي حول الوزراء ورئيس الحكومة إلى مجرد موظفين عموميين تقع وصايتهم تحت رئاسة الجمهورية.
وإذا كانت الحكومات المتعاقبة خلال حقبة الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة تراعي التوجهات الشعبية التي تفرزها الاستحقاقات الانتخابية، فتعمد إلى توزيع بعض المقاعد الوزارية والتنفيذية على الأحزاب المهيمنة على الهيئات المنتخبة، فإن الرئيس تبون أزاح تماما تلك القاعدة بدعوى حاجة المرحلة إلى كوادر تكنوقراطية غير متحزبة تتفرغ لتفعيل الملفات المتراكمة.
وتراجع العمل الميداني لأعضاء الحكومة ولرئيس الوزراء في السنوات الأخيرة، واقتصر على الأداء الإداري والحضور البروتوكولي في العاصمة أو المدن الكبرى، حيث لم يظهر ابن عبدالرحمن وقبله عبدالعزيز جراد ووزراؤهم إلا نادرا في الميدان.