حكومة طرابلس تتمسك بشروط غير واقعية لوقف القتال

تونس – تتمسك حكومة الوفاق الليبية بشروط لوقف إطلاق النار توصف بغير الواقعية، وهو ما يعكس غياب الإرادة الحقيقة والجدية في وقف القتال وإنهاء الحرب.
وأبلغ رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا غسان سلامة شروط استئناف العملية السياسية في البلاد.
وقال بيان صادر عن حكومة الوفاق إن السراج استقبل بمقر إقامته بالعاصمة التونسية السبت غسان سلامه؛ حيث تناول الاجتماع الذي عقد على هامش مشاركته في تشييع جنازة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي “جهود البعثة الأممية لوقف العدوان على طرابلس واستئناف العملية السياسية”.
وجدد السراج خلال الاجتماع تأكيده على أن استئناف العملية السياسية في ليبيا “مرهون بانسحاب القوات المعتدية وعودتها من حيث أتت” في إشارة إلى قوات الجيش الوطني، مجددا التأكيد على “ضرورة وجود قواعد جديدة لهذه العملية تأخذ في الاعتبار المعطيات التي أفرزها العدوان” على طرابلس، دون تقديم توضيحات بهذا الصدد.
ويقول مراقبون إن السراج ومن خلفه تيار الإسلام السياسي يرفضان من خلال وضع هذه الشروط منح الجيش فرصة التفاوض من موقع قوة بعد أن نجح في السيطرة على عدة مواقع جنوب طرابلس وبات قريبا من قلب العاصمة.
وقبل ذلك التقى السراج الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي حضر بدوره في تشييع جنازة الرئيس التونسي. وذكر بيان نشرته صفحة حكومة الوفاق على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أن “ماكرون جدد رفضه الكامل مهاجمة العاصمة وتهديد حياة المدنيين”، مؤكدا على ضرورة وقف القتال والعودة إلى المسار السياسي.
العملية العسكرية التي أطلقها الجيش تراوح مكانها منذ نحو أربعة أشهر، لكن مؤشرات تعكس قرب حسم المعركة وتحرير العاصمة من الميليشيات
من جانبه قال السراج “إن الحديث عن وقف القتال يجب أن يوجه للمعتدي، وإن قواته تمارس حقها المشروع في الدفاع عن النفس وعن مدنية الدولة”.
وأشار السراج في حديثه إلى “المبادرة التي طرحها في يونيو الماضي للعودة إلى المسار السياسي الذي يقود إلى انتخابات عامة”.
وكان السراج أعلن في مايو الماضي مبادرة لوقف القتال وصفت بالغموض وعدم الجدية. وتقترح المبادرة عقد ملتقى وطني وإجراء انتخابات عامة قبل نهاية السنة. ولم يتطرق السراج خلال مبادرته لمصير الميليشيات التي وصفها بـ”الثوار” و”الجيش الليبي”، كما أنه لم يحدد الأطراف التي ستشارك في الملتقى ومعايير التمثيل والمشاركة في ظل الواقع الذي أنتجته الحرب الدائرة منذ أكثر من شهرين في العاصمة. وبدا حينئذ أن السراج يتعمد تجاهل الثقل الذي بات عليه الجيش ويصرّ على استئناف المسار السياسي، وفقا لمعطيات ما قبل 4 أبريل حيث كان للجيش حضور ضعيف في المنطقة الغربية ولم يكن له أي وجود في طرابلس.
ويسيطر الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر اليوم على عدة مواقع جنوب العاصمة وفي مقدمتها مطار طرابلس.
وتراوح العملية العسكرية التي أطلقها الجيش مكانها منذ نحو أربعة أشهر، لكن مؤشرات تعكس قرب حسم المعركة وتحرير العاصمة من الميليشيات. واستهدف طيران الجيش الليبي فجر السبت، مواقع تابعة لحكومة الوفاق في سرت ومصراتة للمرة الأولى.
واعتبر مراقبون قصف أهداف في مصراتة تحولا جديدا في مسار العمليات العسكرية، يشي بتوسيع رقعة المعارك الدائرة في ليبيا، بإستراتيجية عسكرية مُغايرة، لاسيما وأن هذا القصف جاء بعد إعلان اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش، عن مفاجآت مُرتقبة على مستوى العمليات العسكرية.
وأكد آمر اللواء 73 مشاة اللواء علي القطعاني استعداد قوات الجيش لدخول قلب طرابلس، وذلك بعد نجاح الوحدات العسكرية في استنزاف الميليشيات المسلحة بضواحي العاصمة.
وأشار إلى أن تركيا وقطر دعمت الميليشيات التابعة لجماعة الإخوان بإرهابيين تم نقلهم من مدينة إدلب السورية. ويشكك مراقبون في جدية مساعي المجتمع الدولي لوقف القتال في ظل استمرار تدفق الدعم العسكري التركي والقطري للميليشيات الإرهابية، رغم حظر التسليح المفروض على ليبيا من قبل مجلس الأمن.
ويرى هؤلاء أن الميليشيات ومن خلفها تيار الإسلام السياسي من المستحيل أن تقبل بوقف إطلاق النار والعودة إلى العملية السياسية التي من المتوقع أن تأتي بمخرجات لا ترضيها مع تبدل المعطيات على الأرض، في ظل استمرار إمدادها بالدعم التركي الذي يمنحها الأمل بالانتصار أو على الأقل إدامة الوضع الحالي.