حكومة شرق ليبيا تلوّح بمنع تدفق النفط والغاز

الحكومة المكلفة من البرلمان تطالب بتعيين حارس قضائي على أموال عائدات النفط المحجوزة وتتهم حكومة عبدالحميد الدبيبة بإهدار مليارات الدولارات.
السبت 2023/06/24
النفط الليبي في قلب الصراع السياسي مجددا

بنغازي (ليبيا) - هددت الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان شرق البلاد اليوم السبت بفرض حصار على صادرات النفط والغاز بسبب استخدام حكومة طرابلس لعوائد الطاقة، متهمة إياها بإهدار مليارات الدولارات دون تقديم خدمات حقيقية، في خطوة من شأنها أن تجّدد الصراع السياسي حول النفط، مصدر الدخل الرئيسي للبلد.

وليبيا في خضم أزمة سياسية منذ العام الماضي عندما رفض البرلمان في شرق ليبيا تفويض حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس برئاسة عبدالحميد الدبيبة، وكلف حكومة جديدة لم تتمكن من تولي زمام الأمور في العاصمة.

وقالت الحكومة التي كلفها البرلمان في 16 مايو الماضي في بيان نشرته عبر صفحتها على فيسبوك إنها "ستتخذ الإجراءات القانونية باللجوء للقضاء الليبي لتعيين حارسا قضائيا على الأموال المحجوزة وإذا استدعى الأمر فإنها سترفع الراية الحمراء وتمنع تدفق النفط والغاز ووقف تصديرهما".

وأضاف البيان أن الحكومة ومنذ نيلها الثقة من مجلس النواب الليبي باشرت أعمال التنمية والإعمار بشكل صادق ومباشر في إعادة إعمار المدن المتضررة وحل المختنقات التي يعاني منها المواطن الليبي في كل المدن عن طريق الوزارات المختصة ولجنه إعادة الإعمار.

وتابع البيان "تم شق الطرق الجديدة وصيانة الأخرى المتهالكة وإنشاء الكباري ومحطات الكهرباء وتوصيل مياه الشرب لبعض المناطق المحرومة منها وصيانة البنية التحتية في كافة المجالات وكل هذا تم بمبالغ بسيطة لا تتعدى القيمة الحقيقية لأي مشروع تم تنفيذه وبمصادر تمويل محدودة ولا يخفى على المواطنين ما تم ويتم إنجازه حاليا في كل المدن الواقعة تحت السيطرة الإدارية للحكومة الليبية شرقا وجنوبا ودون استثناء".

وأشار البيان إلى أنه من هذا المنطلق "تابعت الحكومة وفقاً المعلومات الرقابية والمحاسبية التعدي السافر على أموال الشعب الليبي من قبل الحكومة منتهية الولاية وصرف المليارات بشكل مبالغ فيه وفي غير أوجه الصرف الضرورية والتي تتطلبها الظروف التي تمر بها البلاد، بل استفحل الاعتداء على أموال الشعب الليبي ليطال حتى الإيرادات النفطية والتي تتكفل المؤسسة الوطنية للنفط بجبايتها وإيداعها بمصرف ليبيا الخارجي".

واستنكر البيان قيام "المؤسسة بتمكين الحكومة المنتهية الولاية من الاستحواذ على ما قيمته ستة عشر مليار دولار ليضاف إلى ما أهدرته من أموال ومليارات بدون وجه حق، خلافا للقانون واللوائح المعمول بها في ليبيا، ومن هنا كان لزاما علينا كحكومة شرعية أن نتخذ الإجراءات التي يفرض القانون علينا اتخاذها للحفاظ على المال العام وصيانته من العبث والفساد".

وشدد البيان على أنه "في يناير الماضي ووفقا للقانون رقم 152 لسنة 1970، واعتمادا على المادة الثامنة من الإعلان الدستوري، تم إعلان الحجز الإداري من قبل وزارة التخطيط والمالية بالحكومة الليبية على إيرادات النفط الليبي لعام 2022 وما بعده.

وأكدت الحكومة الليبية أن الحجز الإداري سيطول الأموال المتعلقة بباب التنمية فقط دون المساس ببند المرتبات والتي تصرف من الباب الأول في الميزانية العامة، وبعد أن تمت إجراءات الحجز الإداري وفقا للقانون فإن الحكومة ستتخذ الإجراءات القانونية باللجوء للقضاء الليبي لتعيين حارس قضائي على الأموال المحجوزة.

<

وأّيدت محكمة الاستئناف بمدينة بنغازي، الخميس، إجراءات رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان أسامة حماد بالحجز الإداري على أموال النفط المودعة بحسابات مؤسسة النفط والمصرف المركزي والمصرف الليبي الخارجي.

واعتبرت الحكومة في بيان لها أن هذا الحكم القضائي يمكّن الحكومة ممثلة في وزير التخطيط والمالية من "إيقاف استنزاف المال العام بشكل غير مبرر الذي تمارسه حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها".

وأشارت إلى أنه "الملاذ الأخير لحماية الوطن والمواطن من الفساد المالي والإداري الذي تمارسه الحكومة المنتهية ولايتها، ولا يمكن أن يشرعن أعمالها المستمرة في نهب أموال الشعب اللبيبي".

وأوضح رئيس الحكومة أسامة حّماد، أن الحكومة ستشرع فورا في تعيين حارس قضائي على الأموال حتى "تحمي المال العام من النهب الممنهج والمستمر"، و"ستتخذ الإجراءات التي تضمن ممارسة الأجهزة الرقابية والقضائية لعملها في محاسبة كل من اعتدى على المال العام أو قصر في حفظه وصيانته أو سهل الاعتداء السافر على أرزاق الشعب الليبي ووفقا للقانون".

وتتهم الحكومة المدعومة من البرلمان حكومة الدبيبة بإهدار المال العام وباستغلال عائدات النفط في شراء اللواءات بالداخل والخارج من أجل البقاء في السلطة.

ويستبعد المراقبون قدرة الحكومة على تنفيذ قرار حجز إيرادات النفط بسبب وجود أغلب المؤسسات المالية في العاصمة طرابلس وولائها وتعاملها مع حكومة الدبيبة وعلى رأسها المصرف المركزي، لكن يعتقدون أّنها تمتلك ورقة إيقاف تّدفق وتصدير النفط.

وفي وقت سابق، صادق البرلمان الليبي، على تشكيل لجنة رفيعة المستوى لوضع مقترح بشأن توزيع عائدات النفط والغاز بنسب معينة بين المصرف المركزي طرابلس ومركزي بنغازي.

وتعد مسألة التوزيع العادل لإيرادات النفط وطريقة إنفاقها، أحد أهم أسباب الصراع في ليبيا وأبرز دوافع استمرار أزمة البلد، حيث تتنازع الأطراف السياسية فيما بينها على السيطرة على أموال النفط، ولم تتفق إلى حّد الآن على آليات توزيعها

ويشيع فرض الحصار على النفط في ليبيا منذ انتفاضة 2011 التي دعمها حلف شمال الأطلسي، والتي أدت إلى سنوات من الحرب والفوضى، إذ يقطع كل من الجماعات المحلية والفصائل الرئيسية الإمدادات في إطار التكتيكات السياسية.

وأنهي آخر حصار كبير في العام الماضي عندما عينت حكومة طرابلس رئيسا جديدا للمؤسسة الوطنية للنفط قيل إنه مقرب من قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر.

وتركز الجهود الدبلوماسية الرامية إلى حل دائم للصراع في ليبيا على التحرك نحو انتخابات وطنية، وهو هدف تعلن جميع الأطراف تبنيه، لكنه تعرض لإحباطات متكررة بسبب خلافات حول قواعد الانتخابات والسيطرة المؤقتة على الحكومة.

وقال حفتر في 17 يونيو إنه يؤيد خطوة من جانب برلمان الشرق وهيئة تشريعية أخرى لتعيين إدارة مؤقتة جديدة في تحد واضح للحكومة الحالية في طرابلس.

وركزت نوبات الصراع السابقة في ليبيا والمناورات السياسية على السيطرة على عائدات الطاقة الكبيرة للبلد العضو في أوبك، إذ إنها المصدر الرئيسي لدخل الدولة.

وبموجب الاتفاقيات المعترف بها دوليا، فإن المؤسسة الوطنية للنفط هي المنتج والمصدر الشرعي الوحيد للنفط الليبي، ويجب أن تكون المبيعات من خلال مصرف ليبيا المركزي، الذي شأنه شأن المؤسسة يتمركز في طرابلس.

وطوال فترة الصراع في ليبيا، تعمل المؤسسة في جميع أنحاء البلاد بغض النظر عن خطوط المواجهة ويواصل البنك المركزي دفع الرواتب، بما في ذلك رواتب العديد من مقاتلين الطرفين المتنافسين في جميع أنحاء البلاد.