حكومة بغداد آخر من يعلم بزيارة ترامب

ميليشيات عراقية تؤكد أنها لن تسمح بأن يصبح العراق قاعدة أميركية، مطالبة الحكومة بطرد القوات الأميركية من البلاد.
الخميس 2018/12/27
زيارة ترامب المفاجئة إلى العراق تأتي على خلفية غضب داخلي من قرار الانسحاب من سوريا

بغداد - أثارت زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المفاجئة إلى العراق وتصريحاته غضب العديد من الميليشيات المحسوبة على إيران، وكانت حركة "النجباء" أول المعلقين على هذه الزيارة معتبرة في بيان أنّه "أصبح واجبا على الحكومة الآن طرد القوات الأميركية، باعتبارها مساسا بسيادة البلاد"، مضيفة أن "الاستهانة بسيادة العراق من قبل ترامب، لن تمر دون عقاب. لن نسمح أن يكون العراق قاعدة لتهديد دول الجوار".

وبعيد ذلك، كتب زعيم فصائل "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي في تغريدة على حسابه على تويتر أن "زيارة ترامب لقاعدة عسكرية أميركية دون مراعاة الأعراف الدبلوماسية يكشف حقيقة المشروع الأميركي في العراق".

وأكد أن "رد العراقيين سيكون بقرار البرلمان إخراج قواتك العسكرية رغما عن أنفك"، مهددا "إذا لم تخرج، فلدينا الخبرة والقدرة لإخراجها بطريقة أخرى تعرفها قواتك التي أجبرت على الخروج ذليلة في 2011".

وسعت الحكومة العراقية إلى تبرير عدم عقد الرئيس الأميركي لأي لقاءات مع المسؤولين في بغداد بالحديث عن "تباين في وجهات النظر" مع الولايات المتحدة بشأن عقد هذا اللقاء.

وقال المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء عادل عبدالمهدي إن التباين في وجهات النظر بشأن عقد اللقاء تم الاستعاضة عنه بمكالمة هاتفية" بين ترامب وعبدالمهدي.

وقال مكتب عبدالمهدي إن السلطات الأميركية أبلغت القيادة العراقية بزيارة الرئيس قبل موعدها.

وقال نواب عراقيون إن رئيس الوزراء رفض طلب ترامب الاجتماع معه في القاعدة العسكرية.

وتأتي زيارة ترامب على خلفية تصاعد التوتر بين واشنطن وطهران، مع سعي الولايات المتحدة لمواجهة نفوذ إيران في الشرق الأوسط. وتعثر تشكيل حكومة العراق أيضا في ظل تصاعد الخلاف بين كتلتي الإصلاح والبناء.

وقد دارت إن أسئلة كثيرة تدور حول زيارة ترامب المفاجئة إلى العراق، وكذلك انتقادات مفادها: ماذا لم يلتق رئيس الوزراء؟

وكان هناك استغراب شديد لبيان الحكومة العراقية التي بررت عدم عقد لقاء بين رئيس الوزراء عادل عبد المهدي والرئيس الأميركي بـ"تباين في وجهات النظر لتنظيم اللقاء"، واقتصر الأمر على محادثة هاتفية.

ويقول الخبير في الشأن العراقي الباحث في معهد الشرق الأوسط بجامعة سنغافورة فنر حداد في تصريحات صحافية إن "القصة الأولى التي كان من المفترض نشرها لحفظ ماء وجه الحكومة، هي أن ترامب رفض مقابلة رئيس الوزراء في بغداد مصرا على عقد الاجتماع في قاعدة عين الأسد".

وبالفعل، سرت شائعات في وسائل إعلام محلية عراقية مفادها أن ترامب دعا عبدالمهدي إلى لقائه في القاعدة العسكرية، وأن الأخير رفض.

ويضيف حداد أن "العراقيين كانوا سينظرون إلى ذلك كدليل إضافي على احتقار ترامب للعراق. لكن العذر الثاني (في بيان رئاسة الوزراء) كان أسوأ".

وزار ترامب قاعدة عسكرية أميركية في الأنبار لتفقد قوات بلاده المنتشرة في العراق منذ غزوه عام 2003.

وأعلن الرئيس الأميركي من قاعدة الأسد الجوية في محافظة الأنبار"لا تستطيع الولايات المتحدة أن تبقى شرطي العالم. إنه أمر غير عادل عندما يقع العبء علينا، على الولايات المتحدة".

ولا تثق الولايات المتحدة بالإجراءات الأمنية المتبعة في العراق الأمر الذي ترجمه حديث ترامب عن "مخاوف أمنية كبيرة" رافقته في زيارته المفاجئة للعراق، معربا عن "حزنه الشديد" لحاجته إلى كل هذه السرية للقاء الجنود الأميركيين هناك.

وأشار ترامب الذي ترك واشنطن ليلا في طائرة مطفأة الأضواء إلى أن "زيارتين" ألغيتا سابقا بعد تسرب أنباء عنهما.

وقال "من المحزن جدا عندما تنفق 7 تريليونات دولار في الشرق الأوسط أن يتطلب الذهاب إلى هناك كل هذه السرية الهائلة والطائرات حولك، وأعظم المعدات في العالم، وأن تفعل كل شيء كي تدخل سالما".

وأتت رحلة ترامب بعد قراره المفاجىء سحب جميع الجنود الأميركيين من سوريا بحجة أن تنظيم داعش قد هزم وان الولايات المتحدة تنفق الكثير على التدخلات الخارجية.

وأمضى ترامب أكثر بقليل من ثلاث ساعات في العراق. وفي طريق عودته إلى الولايات المتحدة، توقف الرئيس الأميركي لنحو ساعة ونصف في قاعدة رامشتاين الجوية في ألمانيا حيث صافح ووقف لالتقاط صور مع البعض من بين مئات الجنود الذين اصطفوا داخل حظيرة للطائرات. وتوجه ترامب بعد ذلك عائدا إلى واشنطن.

ورغم عدم وقوع أعمال عنف على مستوى كبير في العراق منذ أن تكبد تنظيم داعش سلسلة من الهزائم العام الماضي، تقوم القوات الأميركية بتدريب القوات العراقية وتقديم المشورة لها فيما لا تزال تشن حملة ضد التنظيم المتشدد.

ويتطلع ترامب لأنباء إيجابية عنه في الصحف بعد أيام من الاضطرابات بسبب قراراته سحب كل القوات الأميركية من سوريا وسحب نحو نصف القوة الأميركية في أفغانستان وقوامها 14 ألف جندي وإجبار وزير الدفاع جيم ماتيس على الرحيل قبل شهرين من الموعد المقرر.

وفي زيارته للعراق دافع ترامب عن قراره سحب ألفي جندي أميركي من سوريا وقال إن ذلك بات ممكنا بعد هزيمة داعش.

لكن بالنسبة إلى العراق فهي حالة خاصة، بحسب المحلل السياسي العراقي هشام الهاشمي حيث يوضح أن "العراق مهم بموقعه الإستراتيجي. وبالتالي وجود قوات أميركية فيه تطمئن كلا من الأردن والسعودية، وتحدث توازنا بين الأكراد وتركيا والمثلث التركي الإيراني العراقي".

ويضيف أن "التواجد في العراق يحقق مسعى إسرائيل أيضا لقطع طريق طهران-بيروت".

ومن المعروف أن العلاقات العراقية الأميركية شهدت تقلبات كبيرة منذ غزو العام 2003 وإسقاط نظام الرئيس الراحل صدام حسين.

ولم يكن تواجد القوات الأميركية في قواعد عسكرية في العراق، أمرا مرحبا به لسنوات طويلة، إلى أن أصبحت واشنطن شريكا في قتال تنظيم داعش من خلال قيادتها لتحالف دولي ساهمت ضرباته بشكل كبير في دعم القوات العراقية لتحقيق "النصر" على الجهاديين في ديسمبر 2017.

رغم ذلك، فإن النفوذ الإيراني في العراق، له انعكاس كبير على طبيعة هذه العلاقة، من خلال الأحزاب الكبيرة الموالية لطهران، والتي أصبحت اليوم كتلة كبيرة تسيطر على البرلمان العراقي.

يذكر أن زيارة ترامب للعراق تصرف الانتباه عن المشاكل السياسية الداخلية المتفاقمة التي يواجهها، ولا سيما إغلاق الحكومة الفدرالية بسبب خلافه مع الكونغرس حول تمويل الجدار الحدودي مع المكسيك، والتحقيقات بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية والشبهات حول تواطؤ فريق حملته مع موسكو.

ترامب لا ينوي سحب القوات الأميركية من العراق
ترامب لا ينوي سحب القوات الأميركية من العراق

للمزيد: