حكومة باشاغا تلمح إلى ضوء أخضر تركي قبل دخولها طرابلس

المتحدث باسم الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب يؤكد أن دخول العاصمة لم يكن متسرعا وجرى بالتنسيق مع الكيانات والبلديات.
الخميس 2022/05/19
ميليشيات الدبيبة في مواجهة باشاغا

طرابلس - نفى عثمان عبدالجليل، المتحدث باسم الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب، الأربعاء أن يكون قرار دخول حكومة باشاغا إلى العاصمة طرابلس متسرعا، مشيرا إلى أنه جرى التنسيق مع الكيانات والبلديات، ملمحا في ذات الوقت إلى ضوء أخضر تركي.

وتوجد في ليبيا حكومتان منذ مارس عندما عيّن البرلمان الليبي فتحي باشاغا رئيسا للوزراء، لكن رئيس حكومة الوحدة المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة رفض التنحي، قائلا إنها خطوة غير شرعية.

وقال عبدالجليل في تصريحات لتلفزيون "الحدث" مساء الأربعاء إن "الحكومة ذهبت إلى طرابلس برّا من سرت‏‎ في سيارات مدنية، ولم تكن تحمل أي قطعة سلاح".

وأضاف أن "الحكومة ستواصل عملها من سرت"، مضيفا أن "قرار الانسحاب من طرابلس جاء بعد بداية إطلاق الرصاص من قبل الميليشيات". 

ونوه المتحدث باسم الحكومة الليبية بأن "الميليشيات في طرابلس ترفض قيام دولة‏‎ وقررت إراقة الدماء في طرابلس"‏‎، مشددا على أن "الميليشيات ستختفي بعد قيام الدولة‏‎ الليبية".

وتابع "نحن من يسرنا لقاءات النواب والأعلى للدولة في القاهرة لأجل الاتفاق على قاعدة دستورية للانتخابات".

وشدد على أن "الحكومة ستلتزم بأي تاريخ للانتخابات تحدده المفوضية‏‎ الوطنية العليا للانتخابات وتدعمها"، رافضا تصريحات خالد المشري رئيس المجلس الاستشاري الذي اتهم الحكومة بـ"رفض الانتخابات".

وكشف أن "رئيس الحكومة فتحي باشاغا في تواصل مستمر مع الجانب التركي".

وأضاف أن "تركيا ليست مؤيدة لرئيس الحكومة السابق عبدالحميد الدبيبة، وتدرك أن صلاحيته انتهت،‏ بل تؤيد حكومة باشاغا". 

وكان باشاغا قد أعلن فجر الثلاثاء عن دخول طرابلس. واستعان في ذلك ببعض الكتائب المسلحة، على رأسها كتيبة "النواصي"، الأمر الذي رفضته كتائب أخرى، وقامت بمحاصرة مقر كتيبة النواصي بطريق الشط وسط طرابلس.

وبعد اشتباكات مسلحة تسبّبت في وقوع قتيل وخمسة جرحى، بالإضافة إلى أضرار مادية كبيرة، قام آمر اللواء 444 محمود حمزة بالتوسط بين الفريقين، وتوصل إلى اتفاق يقضي بخروج باشاغا والقوات التابعة له من المدينة.

وأعلن باشاغا في خطاب مسجل مساء الثلاثاء أن الحكومة المكلفة ستباشر عملها من مدينة سرت اعتبارا من الأربعاء. وهاجم باشاغا حكومة الدبيبة، وقال إنها استخدمت "خطاب الكراهية والتخوين والسب، واستخدام الأجهزة الأمنية في إرهاب الناس وتهديدهم والقبض عليهم".

في المقابل، اعتبر الدبيبة محاولة باشاغا دخول طرابلس "انتحارا سياسيا ومحاولة لإثارة الفتنة، وتسللا جبانا إلى المدينة في الليل والناس نيام من أجل إحداث الفوضى في طرابلس من قبل مجموعة لا تعيش إلا في كنف الحرب والفتنة، مدعومة من حزب شيطاني يتلقى تمويله من الخارج"، في إشارة إلى الحزب الديمقراطي المنشق عن حزب العدالة والبناء التابع لجماعة الإخوان المسلمين.

وفي محاولة لتوظيف الصراع السياسي بشأن الشرعية في ليبيا دينيا، خرج المفتي المعزول الصادق الغرياني بفتوى جديدة حرّم فيها على الليبيين التعاون مع حكومة باشاغا المكلفة من البرلمان، لأنّ ذلك سيغضب الله.

وحذّر الغرياني الذي عاد مؤخرا إلى ليبيا وأعلن انحيازه ودعمه لحكومة الدبيبة، بعد سنوات من إقامته في تركيا، في بيان نشرته دار الإفتاء عبر صفحتها على فيسبوك، الليبيين من التعاون بأيّ وجه من الوجوه مع "المعتدين"، في إشارة إلى حكومة باشاغا، معتبرا أن ذلك "سيغضب الله"، مستخدما جزءا من الآية 2 من سورة المائدة "ولا تعاونوا على الإثم والعدوان".

وأدان الغرياني ما وصفه بـ"المحاولة الانقلابية الفاشلة لحكومة باشاغا"، مستغربا مساواة البعثة الأممية والسفارة الأميركية بين حكومة الدبيبة التي وصفها بـ"الشرعية المعترف بها دوليا" وحكومة "الانقلاب"، وذلك في تعليق على الاشتباكات المسلحة التي تفجّرت بين مجموعات مسلّحة عقب دخول باشاغا إلى العاصمة طرابلس.

وأشاد الغرياني بموقف قادة المجموعات المسلحة، قائلا "نشيد بالكتائب الأمنية التي تنادت في وقت قصير وأخرجت الانقلابيين من طرابلس"، ولاسيما رئيس جهاز دعم الاستقرار غنيوة الككلي، وآمر سرية الإسناد التابعة للبحث الجنائي الزاوية محمد بحرون الملقب بـ"الفار".

واعتبر أنّ الحل لأزمة ليبيا يتمثل في حلّ البرلمان والمجلس الأعلى للدولة وإجراء انتخابات برلمانية فقط، وهي الخطّة نفسها التي يتبنّاها ويروّج لها الدبيبة.

وأضاف أن الحكومة المرتقبة برئاسة باشاغا تم تمريرها بالتزوير، مردفا "حكومة البرلمان روعت الآمنين وعطلت الدراسة وتجب محاسبة كل المتورطين في دخولها".

ولفت إلى الاستغراب من مساواة البعثة والسفارة الأميركية بين حكومة الدبيبة وحكومة باشاغا، معتبرا أن الأولى هي الشرعية المعترف بها دوليا، بينما الثانية حكومة الانقلاب.

ومنذ عودته إلى ليبيا، أصبح الغرياني أحد أبواق حكومة الدبيبة وتحوّلت فتاواه إلى سلاح في النزاع السياسي الحالي في ليبيا، حيث دعا في أكثر من مرة إلى بقائها في السلطة، كما طالب المؤسسة الوطنية للنفط، ومصرف ليبيا المركزي بالتعاون مع حكومة الدبيبة فقط، والتخلص مما وصفه بـ"الهيمنة الأجنبية والمحلية".

وسبق أن التقى الدبيبة مع الغرياني في اجتماع أثار جدلا واسعا في ليبيا، واعتبره مراقبون بمثابة تحالف بين الرجلين يهدف إلى حصول الدبيبة على دعم الغرياني الذي يمتلك نفوذا واسعا على تنظيم الإخوان والجماعات المتطرفة، من أجل البقاء في السلطة.

ويلعب الغرياني منذ 2012 دور الذراع الدينية للجماعات المتطرفة في ليبيا، عبر إصدار فتاوى تتوافق مع مصالحها وأهدافها وأجندتها، فارتكبت عدّة جرائم عنف استنادا إلى فتاواه، التي طالب خلالها الجماعات الإرهابية برفع السلاح ومحاربة قوّات الجيش الليبي، حتى أصبح أحد أبرز المساهمين في انتشار الفوضى وتعزيز الانقسام في ليبيا.