حكومة الشيخ أحمد النواف أمام تحدي تحويل رؤية الكويت 2035 إلى حقيقة ملموسة

تواجه الحكومة الكويتية بقيادة الشيخ أحمد نواف الأحمد الجابر الصباح اختبارا صعبا في تجسيد رؤية 2035 على أرض الواقع، بعد أن حالت التجاذبات السياسية خلال السنوات الماضية دون تنفيذ هذه الرؤية الطموحة.
الكويت - أعربت أوساط سياسية واقتصادية كويتية عن أملها في أن تسهم حالة التناغم القائمة بين مجلس الأمة وحكومة الشيخ أحمد نواف الأحمد الجابر الصباح في فسح المجال أمام انطلاقة فعلية لتنفيذ رؤية الكويت 2035، والتي لم يجر تحقيق أي تقدم فيها منذ الإعلان عنها قبل نحو سبع سنوات.
وقالت الأوساط إن الظروف الحالية مهيأة أكثر من أي وقت مضى لتصويب الوضع الاقتصادي للدولة العضو في منظمة أوبك، في ظل حرص السلطتين التنفيذية والتشريعية على الحفاظ على حالة السيولة الإيجابية الراهنة، فضلا عن التحسن المالي الذي تشهده البلاد بفعل ارتفاع أسعار النفط، وذلك بعد عشر سنوات من التذبذب تخللتها فضائح فساد مالي هزت صورة الدولة الخليجية.
وتضررت الكويت بشدة من التجاذبات بين الحكومات المتعاقبة ونواب المعارضة على مدار السنوات الماضية، حيث أدت حالة عدم الاستقرار السياسي إلى استقالات متكررة للحكومات وحل لمجلس الأمة، الأمر الذي أدى إلى تخلفها عن ركب محيطها الخليجي الذي حقق نقلة نوعية على الصعيد الاقتصادي خلال العقد الأخير، ولاسيما في علاقة بتنويع مصادر الدخل.
وكشف وزير المالية الكويتي سعد البراك في مداخلة له خلال جلسة لمجلس الأمة جرت الأسبوع الجاري أن الحكومات السابقة لم تقم بأيّ خطوات بشأن تنفيذ رؤية الكويت 2035.
وقال البراك بحسب ما نقلت عنه وسائل إعلام محلية “يؤسفني أن أقول إن رؤية الكويت 2035 لم ينفذ منها شيء، ولكن سنطور هذه الرؤية للعمل عليها خلال السنوات القادمة، وقد تمتد الرؤية إلى 2040”.
وكانت الحكومة الكويتية أعلنت في الثلاثين من يناير 2017 عن رؤية 2035، وهي منبثقة عن تصور لأمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.
وتستهدف الرؤية تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري وثقافي إقليمي جاذب للاستثمار وذلك بحلول عام 2035. وتحدد رؤية الكويت لعام 2035 الأولويات طويلة المدى للتنمية، وترتكز على خمسة محاور، أو نتائج مرجوة، وسبعة ركائز، وهي مجالات تركيز الخطة من أجل الاستثمار فيها وتطويرها.
وليس من الوضح بعد ما إذا كانت الحكومة الحالية ستدخل عناصر وآليات جديدة لتنفيذ هذه الرؤية، وسط تحذير مراقبين من غياب رؤية حكومية واضحة، ومنح المقود لنواب المعارضة في صياغة المشاريع الاقتصادية.
ويشير المراقبون إلى أن الحكومة الحالية بقيادة الشيخ أحمد النواف أظهرت تمشيا لمسايرة نواب المعارضة وهذا الأمر ذو حدين حيث أن هناك مخاوف من أن تترك وضع الخطوط العريضة للإصلاح الاقتصادي بأيدي هؤلاء.
وأقر مجلس الأمة الكويتي موازنة السنة المالية 2023 – 2024 متضمنة عجزاً متوقعا قدره 6.8 مليار دينار (22.13 مليار دولار).
وتحمل الموازنة، التي تبدأ عادة في أول أبريل من كل عام، إيرادات إجمالية متوقعة قدرها 19.5 مليار دينار (63.33 مليار دولار)، فيما بلغ إجمالي المصروفات المتوقعة 26.3 مليار دينار (85.42 مليار دولار).
واعتمدت الموازنة 70 دولاراً سعراً لبرميل النفط، وفي يناير الماضي، أعلنت وزارة المالية الكويتية عن موازنة السنة المالية 2023 – 2024، بإجمالي عجز يبلغ 6.8 مليار دينار (22.13 مليار دولار). وتستحوذ إيرادات النفط الخام والمشتقات على نحو 88 في المئة من إجمالي الدخل خلال السنة المالية القادمة، بحسب الوزارة، بقيمة 17.2 مليار دينار (56.86 مليار دولار).
وحذرت الجمعية الاقتصادية الكويتية الأسبوع الجاري من أنه رغم تحسن وضع المالي للدولة لكن نقاط الضعف الهيكلية لا تزال قائمة، بما في ذلك التنويع المحدود للإيرادات والموازنة التي تسيطر عليها بشكل كبير الأجور والإعانات (80 في المئة من إجمالي النفقات)، ويعني هذا أنه عندما ينطلق برنامج التنويع الاقتصادي الذي يعتمد بكثافة على الإنفاق الرأسمالي الحكومي فإن الإنفاق العام سيشهد مزيداً من الارتفاع.
الحكومة الكويتية كانت أعلنت في الثلاثين من يناير 2017 عن رؤية 2035، وهي منبثقة عن تصور لأمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح
وقالت الجمعية في بيان “ما شعرنا به هو أن الحكومة لم تدرج أولوياتها بشكل واضح في برنامج عملها وكأنها تركت قائمة البرامج في يد النواب وهذا المخيف”، مشيرة إلى أن “مجموعة كبيرة من النواب لا يعون خطورة رسم مستقبل البلد إذا وضع استحقاق حقيقي أمامهم وفي الكفة الأخرى استحقاق شخصي لفئة أو أفراد”.
وأضافت الجمعية من “الواضح بأن هناك حالة من اللامبالاة تسيطر على المشهد الاقتصادي وتدخله في دهاليز السياسة وهذا ما نشهده من سلوك أغلب النواب، لذلك ليس غريباً أن يصب الرأي العام غضبه على الحكومة ونواب المجلس من جراء التأخر وعدم الاكتراث في تطبيق تغييرات هيكلية اقتصادية”.
وأشارت إلى أن “برنامج عمل الحكومة الأخير قلّت عليه الصفة السياسية وهذا أمر محمود – بعكس ما يراه النواب – لأن برنامج عمل الفصل التشريعي 16 لسنة 2021 - 2022 كان يحمل طابعاً هلامياً لا يخلو من الكلام الموزون من غير رؤية واضحة في تحقيق أهدافها وغلبت عليها الصبغة السياسية، وهذا يعكس التخوف السابق للجمعية من خلوّ رؤية إصلاحية واضحة وعدم وجود الإرادة الصادقة في حل المشكلات، وهذا ما استحسنا رؤيته في البرنامج الأخير”.
ونوهت إلى أنه و”استمراراً للكلام الإنشائي الذي يصدر من مجلس الوزراء، وهو أمر لا بد منه في العقلية الحكومية المتجذرة، لذلك كان الأجدى أن يكون البرنامج يفترض أن يعيد في البداية صياغة رؤية الكويت 2035، لتتواكب مع متغيرات ومستجدات طرأت على الساحتين المحلية والإقليمية”.
وقالت الجمعية إنه من “المقلق بالنسبة إلينا هو التفات الحكومة عن المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي حلت بها عملية إبادة جماعية بمباركة حكومية سابقة. لذا لن يتغيّر الواقع المؤلم للمشاريع الصغيرة والمتوسطة ما لم يتغير النهج الاقتصادي المتبع في الدولة ولن تخرج المشاريع من القطاع الاستهلاكي إلى القيمة المضافة ما لم يتم توفير البيئة المناسبة لذلك، فالتحديات التي تواجه المشاريع الصغيرة ليست حكراً عليها بل هي تحديات القطاع الخاص بأكمله”.