حكومة السوداني تعكس الهجوم على المالكي: لا انتخابات مبكرة

مناورة رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي الهادفة إلى خلخلة استقرار الحكومة الحالية بقيادة محمّد شياع السوداني بدأت تؤتي نتائج عكسية بسبب ما تحظى به الحكومة من دعم سياسي واسع يساعدها على الصمود، وقد يفتح الطريق أمام رئيسها للفوز بولاية جديدة على رأس الحكومة القادمة ما يعني وضح حدّ لطموحات المالكي وانحسار نفوذه.
بغداد- تهدّد متانة الدعم السياسي الذي تحظى به حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني سواء من قبل أحزاب وفصائل شيعية، أو من قبل قوى سُنية وكردية مكانة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وتكاد تحوّل دعوته لانتخابات برلمانية مبكرة من وسيلة لاستعادة هيمنته على السلطة التنفيذية إلى سبب لعزلته ووضع نهاية لطموحاته لترؤس الحكومة مجدّدا.
ونفت حكومة السوداني وجود مساندة داخل الإطار التنسيقي الشيعي لدعوة المالكي بينما جدّدت أطراف فاعلة في الإطار تمسّكها باستكمال الحكومة لولايتها معبرة عن رضاها عن عملها وإنجازاتها.
وقال فادي الشمّري المستشار السياسي لرئيس الوزراء إنّ “التصريحات التي جرى تداولها في الآونة الأخيرة من القوى السياسية حول الانتخابات المبكّرة طرحت في الإعلام ولم تناقش في مطابخ القرار السياسي أو في اجتماعات الإطار التنسيقي أو ائتلاف إدارة الدولة”.
وطالب المالكي قبل أيام بتقديم موعد الانتخابات البرلمانية المقررة في العراق لسنة 2025 إلى نهاية العام الحالي 2024.
واستند زعيم حزب الدعوة الإسلامية الذي يقود ائتلافا برلمانيا تحت مسمّى دولة القانون في مطالبته إلى كون إجراء انتخابات مبكرة بند مثبت في البرنامج الحكومي، لكن مصادر سياسية عراقية رأت أن الهدف الأصلي من الدعوة هو قطع مسار الصعود السياسي اللاّفت للسوداني والذي يجعل منه مرشّحا فوق العادة لترؤس الحكومة القادمة، ما يعني قطع آمال المالكي في الهيمنة مجدّدا على مقاليد السلطة التنفيذية سواء بالعودة إلى رئاسة الحكومة أو باختيار أحد مقربيه لترؤسها.
وأضاف الشمري في تصريحات نقلتها الأربعاء وسائل إعلام محلية أن “الخلافات في الرأي بين القوى السياسية طبيعية لأن القوى من مشارب وأمزجة متعددة وليست حالة واحدة بما فيها قوى الإطار”، مشيرا إلى أن “عددا من القوى السياسية عند تشكيل الحكومة كان همها الأساس نقل البلد إلى الاستقرار”.
وتابع أنه “لم تكن هناك نية لإجراء انتخابات مبكرة لدى عدد من قوى الإطار التنسيقي عند تشكيل الحكومة”، وأنّها “رأت عند تشكيل الحكومة ضرورة إعادة الاستقرار وثقة الناس بالنظام”.
ولفت إلى أن “تحديد موعد الانتخابات لا يتم بمبادرة حكومية بل من خلال القوى السياسية وبواسطة البرلمان”، وموضحا أنّ “المفوضية تحتاج إلى تسعة أشهر كإجراء عملي لإنجاز أيّ استحقاق انتخابي سواء كانت مبكرة أو عادية”.
وبيّن مستشار السوداني أن “اللجوء لتعديل قانون الانتخابات قد يستغرق من أربعة إلى ستة أشهر”، مشددا على أنّ “تيار الحكمة وأطراف أخرى في الإطار التنسيقي لا تدعم إجراء الانتخابات المبكرة، وهي تذهب باتجاه إجراء الانتخابات في وقتها سنة 2025”.
ويرأس تيار الحكمة السياسي الشيعي عمار الحكيم وهو أحد الداعمين لحكومة السوداني إلى جانب قوى وشخصيات أخرى من بينها الزعيم الميليشياوي النافذ قيس الخزعلي قائد ميليشيا عصائب أهل الحق الممثلة في البرلمان العراقي بكتلة “صادقون”.
وقال الحكيم في كلمة له بمناسبة عيد الأضحى “نشعر بارتیاح تجاه حركة الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية في التطور العمراني والمسار الإصلاحي وفي مجالات عدیدة”. وأثنى على جهود رئيس الوزراء وفريقه الحكومي و”مساعيهم المشهودة “.
وعبّر زعيم تيار الحكمة عن دعمه لاستمرار الحكومة في عملها قائلا “نرى في جهودها تمثيلا لبرامجنا ومشاريعنا التنموية في جعل العراق ورشة عمل كبرى على مدار الساعة. ونعتقد أن الاستمرار بهذا النهج هو الحل، وأن الحكومة في حاجة إلى المزيد من الدعم المجتمعي والسياسي فكلنا في مركب واحد ومصير واحد”.
وعلّق السياسي الشيعي رحيم العبودي من جهته على دعوة المالكي متسائلا عبر منصة إكس “الانتخابات المبكرة رغبة حقيقية لبعض القوى السياسية أم هي قرار نرجسي لدى البعض”، ومضيفا “بنظري أن هناك من يحاول أن يعيد صياغة المشهد السياسي بطريقته ووفق أفكاره، فقلب الطاولة كفيل بالتعجيل بالانتخابات ولو كان ذلك على حساب الاستقرار”.
وكان ائتلاف النصر بقيادة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي من بين القوى الداعمة لاستمرار الحكومة إلى نهاية ولايتها والرافضة لفكرة الانتخابات المبكرة.
وقال الائتلاف في بيان أصدره إنّ “هناك أولويات وطنية أهم من الانتخابات المبكرة”، مؤكّدا “عدم وجود اتفاق وطني على إجراء الانتخابات بشكل مبكر”.
ومن خارج العائلة السياسية الشيعية اعتبر النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني ماجد شنكالي أن الحديث عن إجراء انتخابات مجرد مناورة. وقال عبر منصة إكس “بلغة المنطق والحسابات على أرض الواقع لن تكون هناك أيّ انتخابات مبكرة في العراق، وكل حديث عنها لا يتعدى أن يكون ضغطا ومناورة لتحقيق أهداف ومآرب أخرى”.
ولعب الإطار التنسيقي دورا مفصليا في تشكيل حكومة السوداني بعد صراع شديد دار إثر الانتخابات البرلمانية السابقة على الأحقية بتشكيلها بين التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر وباقي الأحزاب والفصائل الشيعية.
◄ الإطار التنسيقي تحول إلى منصة لصعود جهات منافسة للمالكي ما جعله يسعى لتفكيكه وحل الحكومة المستندة إليه
وواصل الإطار الذي تنسب مصادر عراقية فكرة تشكيله إلى نوري المالكي نفسه، بعد ذلك، القيام بدور المظلّة السياسية للحكومة، لكنه تحوّل لاحقا إلى منصة لصعود جهات منافسة للمالكي على السلطة والنفوذ، ما جعل الأخير يسعى لتفكيكه وحلّ الحكومة المستندة إليه قبل انتهاء مدّتها القانونية.
وكشفت تفاصيل مقترح المالكي بشأن الانتخابات المبكرة بوضوح نيته تفكيك دوائر النفوذ المنافسة له والتي نشأت في ظل حكومة السوداني، ومنع شخصيات بعينها من ضمنها السوداني نفسه من تركيز أقدامها في السلطة.
وظهر ذلك خصوصا في مطالبته باستقالة جميع أعضاء الحكومة قبل موعد الانتخابات بستة أشهر، قائلا إنّ “عددا من الدول تعمل وفق ما نطرحه، أي أن التنفيذي يستقيل قبل ستة أشهر من إجراء الانتخابات.. فإذا أراد التنفيذي أن يرشح للانتخابات فيجب عليه الاستقالة حفاظا على إرادة العملية الانتخابية، وهي ضرورية جدا إذا ما أردنا أن نحمي كرامة وحرمة تلك العملية”.