حكومة السوداني تضغط على الميليشيات لإبعاد الحرب عن العراق

الحكومة العراقية في موقف محرج، فهي لا تريد أن تقف في وجه إيران، وفي الوقت نفسه تريد المحافظة على الدعم الأميركي.
الجمعة 2024/10/18
العراق بين نارين

بغداد – تعمل الحكومة العراقية على تقييد إطلاق الصواريخ والمسيرات الذي تقوم به الميليشيات باتجاه إسرائيل ضمن مشاركتها في دعم حزب الله وحركة حماس، في موقف يهدف بالأساس إلى إبعاد العراق عن أن يكون جزءا من الحرب الإقليمية.

وقال سبهان ملا جياد، المستشار السياسي لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، إن حكومة بلاده لا تريد أن تكون جزءا من الحرب بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، ولهذا عملت على إقناع الميليشيات بذلك.

ولم يخف ملا جياد تأكيده على أن هذه الخطوة تلتقي مع سياسة إيران، التي لا تريد أن تقع في فخ استدراج إسرائيل إلى توسيع دائرة الحرب.

لئن كانت واشنطن لينة حيال استهداف الميليشيات، فإن إسرائيل لا تقيم وزنا لتوازنات أي جهة؛ عراقية أو إقليمية

ويعتقد مراقبون أن كلام مستشار السوداني يظهر حجم الحرج الذي تجد الحكومة العراقية نفسها فيه، فهي لا تريد أن تقف في وجه إيران، خاصة أنها تشكلت بفضل دعم الميليشيات، وفي الوقت نفسه تريد المحافظة على الدعم الأميركي.

ولئن كانت الولايات المتحدة تتعامل مع استهداف الميليشيات بنوع من الليونة مع الحفاظ على علاقتها بحكومة السوداني، فإن الأمر مع إسرائيل مختلف، فهي لا تقيم وزنا للتوازنات الخاصة بأي جهة، سواء أكانت عراقية أم إقليمية، وإذا ردت فإن ردها سيكون شاملا وقويا، ولا شيء يمنعها من أن تعتبر العراق هدفا لضرباتها.

ويعرف السوداني أن إسرائيل تعمل على تفكيك المجموعات المسلحة المعادية لها، وكما فعلت مع حماس وحزب الله ستوسع نشاطها إلى ضرب الحوثيين بتكثيف أكبر وأكثر فاعلية بهدف تصفية القادة العسكريين والسياسيين، ثم إلى العراق لملاحقة زعماء الميليشيات ومواقع نفوذها وشبكات تهريب الأسلحة عبر سوريا إلى حزب الله.

وسبق لرئيس الوزراء العراقي أن عبر، قبل أكثر من أسبوع، عن تخوفه من اتساع دائرة الحرب لتشمل العراق.

وحذر السوداني في بيان موجه إلى الرئيس الأميركي جو بايدن والقادة الأوروبيين من “أننا نقف على أعتاب منزلق خطير قد يجرّ المنطقة والعالم إلى حروب مستمرة، ويهزّ الاقتصاد العالمي”.

وفي بغداد كان يُعتقد أن الحرب ستظل محصورة في قطاع غزة، وأنه ليس من مصلحة إسرائيل توسيع دائرة الصراع، وقاد ذلك إلى ترك الحرية للميليشيات لتسجيل حضورها بإطلاق صواريخ ومسيرات محدودة التأثير في سياق الدعاية. وبعد انكشاف التوجه الإسرائيلي بتوسيع ضرباتها إلى مناطق مختلفة، تغير الموقف الحكومي في العراق.

وهدّدت إسرائيل بضرب أي طرف يشارك في قصف أراضيها مهما كان بعده الجغرافي عن مجالها. وتنفيذا لذلك الوعيد وجهت ضربات إلى مواقع ومنشآت في اليمن يستخدمها الحوثيون الذين أعلنوا انخراطهم في الحرب إلى جانب حركة حماس الفلسطينية من خلال استهدافهم سفنا في البحر الأحمر وباب المندب يقولون إنّ لها صلات ما بإسرائيل، وأيضا من خلال قصفهم بعض المواقع في الداخل الإسرائيلي بالمسيّرات والصواريخ طويلة المدى.

pop

وإلى حدّ الآن تعلن فصائل عراقية منتمية إلى ما يعرف بالمقاومة الإسلامية عن تنفيذ هجمات بطائرات مسيّرة على بعض الأهداف في الداخل الإسرائيلي لا تبدو مؤثّرة، وقد تكون مصممة بشكل مقصود لتكون كذلك تجنّبا للردّ الإسرائيلي عليها الذي لم يحدث إلى حدّ الآن، دون أن يعني ذلك عدم حدوثه في المستقبل.

وأوضح جياد أن الحكومة العراقية أرادت أن تظل الحرب محصورة بين إسرائيل وحركة حماس، وإيجاد حل.

وكان لافتا أن مستشار الحكومة العراقية لم يخف تحميل الميليشيات مسؤولية استدراج إسرائيل إلى توسيع الحرب، وعدم إلقاء المسؤولية على عاتق تل أبيب وحدها.

وقال “لكن للأسف، قدموا، خاصة من هم في محور المقاومة، مبررا لتوسع الحرب. وعندما أضعفت إسرائيل غزة، نقلت الحرب إلى جنوب لبنان”.

وأشار إلى أن إيران بعد أن رأت الدعم الأميركي والغربي لإسرائيل وجهت رسالة مفادها “لن نقع في الفخ”، مبينا أن على إيران بعد توجيهها هذه الرسالة ألا تقع في فخ الحرب بالإنابة. وأردف “إيران، التي لا تريد الحرب، ينبغي أن تؤيد الحل الدبلوماسي والسياسي”. وتابع “تمت ممارسة ضغوط على الفصائل العراقية وتفهموا الموقف، وكان الهجوم الذي شنته الفصائل ضد إسرائيل محدودا أيضا، وكان بمثابة رسالة تضامن إزاء سفك الدماء”.

1