حكومة الدبيبة تستعد لرفع الدعم عن الوقود

طرابلس - تتجه حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها في ليبيا نحو رفع الدعم عن المحروقات، بهدف الحدّ من أنشطة التهريب واستنزاف المالية العامة، التي عمقت مشاكل الليبيين في الحصول على الوقود.
في المقابل، يرى مراقبون أن القرار من شأنه أن يهدد بإشعال الاحتجاجات الشعبية في الشارع الليبي، الذي يعارض هذه الخطوة بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة، ويطالب بإيجاد خطط بديلة عن إلغاء الدعم.
وقال الناطق باسم حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة محمد حمودة إن رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة عازم على استبدال سياسة دعم المحروقات الحالية التي أسهمت في زيادة التهريب وتعذر حصول المواطنين على الوقود في عدة مناطق في ليبيا، مضيفا أن السياسة الجديدة تستهدف دعم المواطن مباشرة ومنع التهريب.
الحكومة الموازية في شرق ليبيا اعتبرت أن حكومة عبدالحميد الدبيبة أهدرت المليارات دون أن تشيد مرفقا حيويا واحدا
وأضاف في تصريح لوسائل إعلام محلية، الخميس، أن الموضوع قيد الدراسة منذ عدة أشهر، وظهرت الآن ملامح البدائل مع تحديد الأثر الاقتصادي على الاقتصاد الكلي وأسعار السلع، متابعا أنه “ستجرى استطلاعات رأي شعبية واسعة فور الانتهاء من الدراسات وقبل اتخاذ القرار النهائي”.
وأضاف حمودة أن اللجنة المعنية بدراسة هذا الملف تضم ممثلين عن عدة قطاعات ذات الاختصاص مثل شركة البريقة لتسويق النفط والشركة العامة للكهرباء ومصرف ليبيا المركزي ووزارتي المالية والاقتصاد وديوان المحاسبة، لافتا إلى أن هذه الجهات تمتلك الخبرات والبيانات التي تمكنها من دراسة السياسة الجديدة بشكل شامل.
كما نبه إلى “استمرار الحملة العسكرية لمكافحة المهربين ومكافحة المستودعات والزوارق” في منطقة الساحل الغربي، متابعا “وجدنا أن الحل الأمثل أن تخضع المحروقات لأسعار السوق مثل أي سلعة أخرى، مع دعم المواطنين والفئات الهشة ببرامج حماية اجتماعية وبشكل مباشر لتلافي وقوع أضرار لهم”.
وفي خطوة تصعيدية، أعلنت الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب، الخميس، رفضها لقرار حكومة الدبيبة رفع الدعم عن المحروقات، محذرة إياها من تبعات هذا القرار.
وقالت الحكومة في بيان رسمي لها إنها ستعمل على المضي قدما في تنفيذ الأحكام القضائية ذات الصلة بتعيين حراس قضائيين على أموال النفط الليبي، مؤكدة أن مثل هذه القرارات لا تصدر إلا عن طريق السلطة التشريعية المنتخبة، التي لا يمكن منازعتها حقها في تمثيل الشعب الليبي.
وتابعت أن حكومة الدبيبة أهدرت المليارات دون أن تشيد مرفقا حيويا واحدا يجعل ليبيا تستغني عن استيراد المحروقات.
وشددت الحكومة على أنه لا يمكن أن تمس الحقوق المكتسبة للشعب الليبي إلا بقوانين وتشريعات صادرة من السلطة التشريعية في البلاد، مستغربة من اختيار هذا التوقيت لإعلان هذا القرار من قبل حكومة استمرت لعامين مغتصبة للسلطة مهدرة للأموال محدثة عجزا غير مسبوق بحسب كل التقارير المحاسبية والرقابية والنقدية وأهدرت المئات من المليارات، مذكرة بأن البلاد الآن على عتبات شهر الخير والبركة ويتطلب الكثير من الاحتياجات الأساسية التي تستدعي التركيز والحرص على توفيرها وتخفيف العبء على المواطن وليس إصدار قرارات تفاقم معاناة المواطن.
والأربعاء، قال الدبيبة خلال اجتماع لجنة المحروقات، إنّ “قرار الحكومة رفع الدعم عن المحروقات اتخذ، ولا رجعة فيه”، لكنّه لم يوضح تاريخ بدء تنفيذ هذا القرار أو الإجراء البديل عن ذلك.
كما أشار إلى أن المؤسسات الدولية ومصرف ليبيا المركزي والأجهزة الرقابية حذرت من الاستمرار في الوضع الحالي، ملفتا إلى أن قيمة الدعم وصلت إلى 50 في المئة من دخل البلاد.
وتخسر ليبيا ما لا يقل عن 750 مليون دولار سنويا نتيجة أنشطة تهريب الوقود غير الشرعية، كما زادت مخصصات دعم الوقود في ليبيا لتتجاوز 12 مليار دولار في العام 2022، بزيادة قدرها 5 مليارات دولار مقارنة بالعام 2021.
ولا تزال مدن الجنوب الليبي تعاني شحّا في مادتي البنزين والغاز، رغم الكميات الكبيرة التي تخصصها الحكومة لتغطية استهلاك المنطقة، وذلك نتيجة عدم وصولها إلى مستحقيها وتهريبها إلى دول الجوار أو بيعها بالسوق السوداء بأسعار مضاعفة.