حكومة الدبيبة تحبط مساعي يونانية لمد أنبوب غاز من ليبيا

بن قدارة يتبع رسميا لحكومة الوحدة الوطنية، وتصريحاته بشأن دراسة إنجاز أنبوبين للغاز نحو اليونان ومصر لا تتوافق مع روح الاتفاقية التي وقعتها حكومته مؤخرا مع تركيا.
الأربعاء 2022/11/16
لا يمكن فصل السياسي عن الاقتصادي

طرابلس - شككت حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها في ليبيا مؤخرا في جدوى دراسة إنجاز مشروع أنبوب غاز نحو اليونان، في موقف لا يخلو، وفق متابعين، من حسابات سياسية في علاقة بالحليفة تركيا.

وكان رئيس مؤسسة النفط الليبية فرحات بن قدارة قد تحدث في وقت سابق عن دراسة فكرة مشروع إنجاز أنبوبي غاز نحو كل من اليونان ومصر، جاء ذلك بعد توقيع حكومة الدبيبة مع تركيا اتفاقية تعاون في مجال النفط والغاز.

وعارضت كل من اليونان ومصر الاتفاقية التركية – الليبية، والتي تم توقيعها مطلع أكتوبر الماضي ضمن روح مذكرة التفاهم التي جرى إبرامها في العام 2019 في عهد حكومة فايز السراج حول ترسيم الحدود البحرية.

محمد عون: لا جدوى من إنشاء خط الغاز من ليبيا إلى اليونان
محمد عون: لا جدوى من إنشاء خط الغاز من ليبيا إلى اليونان

ومطلع نوفمبر الجاري، وعلى هامش مؤتمر أبوظبي الدولي للنفط “أديبك”، صرح بن قدارة بأنه “جاري دراسة فكرة مشروع خط أنابيب للربط مع اليونان، وخط آخر لمدينة دمياط المصرية (شمال) وذلك بجانب الخط الراهن الذي يربط ليبيا بإيطاليا”.

واحتفت الصحافة اليونانية بهذا التصريح، خاصة وأنه لقي تزكية من الولايات المتحدة، رغم أن أثينا والقاهرة لم تعلقا عليه رسميا.

ونقلت صحيفة “غريك سيتي تايمز” اليونانية عن متحدث وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس قوله إن واشنطن “منفتحة على إمكانية ربط الطاقة بين اليونان وليبيا”.

وأشار المتحدث الأميركي إلى أن بلاده تواصل “دعم المشاريع التي تعزز ربط الطاقة بين شرق البحر الأبيض المتوسط وشمال أفريقيا مع أوروبا”.

والمفارقة في هذا الملف أن رئيس مؤسسة النفط الليبية يتبع رسميا لحكومة الوحدة الوطنية، وتصريحاته بشأن دراسة إنجاز أنبوبين للغاز نحو اليونان ومصر لا تتوافق مع روح الاتفاقية التي وقعتها حكومته مؤخرا مع تركيا.

أي أن بن قدارة، الذي عينه عبدالحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة المنتهية ولايتها، في يوليو الماضي على رأس مؤسسة النفط خلفا لمصطفى صنع الله يعمل عكس التيار الذي تسير عليه حكومته في طرابلس.

وبن قدارة، محسوب على معسكر المشير خليفة حفتر قائد الجيش الليبي، وحليفه السياسي عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب في طبرق، وتولى قبل سقوط نظام معمر القذافي منصب محافظ البنك المركزي.

وجاء تعيين بن قدارة بعد اتفاق غير معلن بين حفتر والدبيبة أنهى بموجبه الأول غلق الحقول والموانئ النفطية.

ولم تنتظر حكومة الدبيبة طويلا للرد على تصريحات بن قدارة، وجاء الرد على لسان وزارة النفط التي تتبع لها مؤسسة النفط من الناحية الرسمية.

إيطاليا لا يمكنها أن توافق على أن تنافسها اليونان في نقل وتوزيع الغاز الليبي بأوروبا

وأصدر وزير النفط محمد عون بيانا تداولته وسائل الإعلام المحلية في التاسع من نوفمبر، فند فيه إمكانية إنجاز خط أنابيب لنقل الغاز نحو اليونان.

وأوضح الوزير الليبي أنه “لا جدوى (اقتصادية) من إنشاء خط الغاز من ليبيا إلى اليونان لأنه تمّ إنشاء خط مليتة (غرب ليبيا) – صقلية (جزيرة إيطالية) وبدأ العمل به في سبتمبر 2004، والشبكة الأوروبية (للغاز) تعتبر شبكة واحدة وتشمل اليونان أيضا”.

وبذلك يكون عون قد قضى على آمال اليونان في أن تكون مركزا لتوزيع الغاز في أوروبا بدلا من تركيا.

فإيطاليا، التي تعتبر أكبر مستثمر في قطاع الغاز الليبي بفضل شركتها “إيني”، لا يمكنها أن توافق على أن تنافسها اليونان في نقل وتوزيع الغاز الليبي بأوروبا.

فضلا عن أن الغاز الليبي المنتج في المنطقة الشرقية متواضع ويوجه كله إلى الاستهلاك المحلي، أما الغاز المنتج من حقل الوفاء (جنوب غرب) ومن الحقول البحرية قبالة السواحل الغربية، فيُصدر جزء منه نحو إيطاليا عبر أنبوب “السيل الأخضر”، ويستهلك الباقي محليا.

ورغم امتلاك ليبيا احتياطات ضخمة من الغاز تصل إلى 80 تريليون قدم مكعبة، بحسب ما أعلنه بن قدارة مؤخرا، فإن إنتاجها حاليا متواضع ويستهلك معظمه محليا، باستثناء كميات محدودة تصدر إلى الخارج، لكنها تخطط لاستثمار مليارات الدولارات مع شركائها الأجانب لزيادة إنتاج الغاز.

رغم امتلاك ليبيا احتياطات ضخمة من الغاز تصل إلى 80 تريليون قدم مكعبة، فإن إنتاجها حاليا متواضع ويستهلك معظمه محليا

وفيما يتعلق بخط غاز ليبيا دمياط فقد أوضح عون أنه كان هناك مشروع لإنشاء مصنع لتسييل الغاز في المدينة المصرية الواقعة بدلتا النيل، والمطلة على البحر الأبيض المتوسط.

وأشار إلى أن مشروع معمل تسييل الغاز بدمياط “بدأ بتوقيع مذكرة تفاهم بين المؤسسة الليبية للنفط وشركة إيني الإيطالية، في أكتوبر 2007″، في عهد القذافي.

واستدرك الوزير الليبي بالقول إنه “تم تعديل هذه المذكرة في يونيو 2008، ونصّت كل من المذكرتين على إجراء دراسة هندسية مبدئية لإنشاء معمل لتسييل الغاز، ودفع منحة توقيع قيمتها 500 مليون دولار عند الاتفاق على هذا المشروع”.

ولم يوضح عون، لماذا تأخر إنجاز مصنع تسييل الغاز الليبي في مصر طوال 15 عاما، وما إذا تم الاستغناء عنه، خاصة وأنه يتطلب بالضرورة إنشاء خط أنابيب لنقل الغاز من شرق ليبيا إلى دمياط، قبل إعادة تسييله ونقله في سفن خاصة إلى الأسواق الأوروبية والآسيوية.

ولا تصدر ليبيا الغاز مسالا لنقص الإنتاج وعدم امتلاكها بنية تحتية كافية تؤهلها لتسييل الغاز وتصديره عبر موانئ وسفن خاصة.

من جانبها، تسعى مصر لتكون هي الأخرى مركزا لتوزيع الغاز في شرق المتوسط، من خلال سعيها لإعادة تصدير الغاز الإسرائيلي والليبي بفضل امتلاكها مصنعين لتسييل الغاز، وموقعها الإستراتيجي على البحرين الأحمر والمتوسط وامتلاكها لقناة السويس التي تربط البحرين، وتمثل قناة وصل بين الأسواق الأوروبية والآسيوية.

لكن عدم اعتراف مصر بحكومة الدبيبة في ليبيا من شأنه إعاقة إنجاز مثل هذه المشاريع الإستراتيجية التي تحتاج إلى توافق سياسي لتجسيدها.

 

• اقرأ أيضا:

     عندما تكشّر حكومة الدبيبة عن أنيابها

4