حكومة الدبيبة تبحث في الجزائر وتونس ملف الهجرة من السودان

وزيرة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية الليبية ناقشت مع نظيرها الجزائري التطورات في السودان وإجراءات عودة الطيران بين البلدين.
الخميس 2023/05/04
أزمة السودان على رأس المباحثات

الجزائر - يعقد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون اليوم الخميس لقاء مع وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية الليبية المنتهية الولاية نجلاء المنقوش، لمناقشة تطورات الأزمة الليبية، ومساعي إنهاء الترتيبات المتعلقة بإجراء الانتخابات المقبلة، وكيفية مساهمة بلاده في هذا الإطار، إلى جانب ملف المهاجرين من السودان، وسط مخاوف أن يضاعف لجوء مئات الآلاف من اللاجئين متاعبها الاقتصادية.

ويعد ملف الهجرة أهم ملف ثنائي ستطرحه المنقوش مع الرئيس الجزائري، فالسودان يعيش اليوم وضعاً متفجراً، وتصريح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين حول إمكانية تجاوز عدد اللاجئين السودانيين 800 ألف، وقد يصل نصيب ليبيا منهم إلى نحو 50 بالمائة.

وقبل لقائها المرتقب بالرئيس الجزائري، بحثت المنقوش التي وصلت رفقة وزير المواصلات بحكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها محمد الشهوبي إلى الجزائر، مساء الأربعاء، في زيارة تستمر يومين حيث بحثت فور وصولها مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف العلاقات الثنائية وذات الاهتمام المشترك. وفق بيان لوزارة الخارجية الجزائرية.

وحسب البيان، تندرج الزيارة "في إطار تعزيز علاقات الأخوة والتعاون الجزائرية الليبية، وتكثيف التشاور والتنسيق السياسي بين البلدين الشقيقين حول القضايا ذات الاهتمام المشترك".

وأضاف أن المنقوش "أجرت فور وصولها مباحثات ثنائية مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، على أن تعقد غداً جلسة مشاورات موسعة بمشاركة وفدي البلدين".

وكتبت المنقوش عبر حسابها على توتير اليوم الخميس قائلة "عقدت خلال زيارتي رفقة وزير المواصلات والوفد الحكومي المرافق، اجتماعا مثمراً مع معالي وزير الشؤون الخارجية أحمد عطاف، ناقشنا التطورات في السودان، وإجراءات عودة الطيران بين البلدين، واستعراض الآلية المشتركة حول التعاون في ملف المياه التي ستعقُد اجتماعها الأول في طرابلس.

وتبحث المنقوش عن مزيد من توفير الدعم العربي والإقليمي لخطوات إنجاز الانتخابات، خاصة خلال القمة العربية المقررة بالعاصمة السعودية الرياض في 19 ماي الجاري.

وتدعم الجزائر حكومة الوحدة المنتهية الولاية التي يقودها عبدالحميد الدبيبة، وترفض الاعتراف بحكومة فتحي باشاغا المعينة من البرلمان في مارس 2022، وتتمسك بخيار إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في ليبيا.

وسبق أن أكد تبون، في حوار تلفزيوني، الشهر الماضي، أنّ الحل في ليبيا يتمثل بتنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية تفرز مؤسسات شرعية تعيد بناء الدولة في ليبيا.

وتأتي زيارة الوفد الليبي إلى الجزائر بعد زيارة عمل إلى تونس، أجرت المنقوش والشهوبي خلالها محادثات مع نظرائهما التونسيين، والرئيس قيس سعيد، حول عدد من الملفات السياسية والاقتصادية والخدمية والأمنية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك.

واستقبل الرئيس التونسي ظهر الأربعاء، المنقوش بقصر قرطاج، عقب مشاركتهما في جلسة مباحثات أجراها الوفد الليبي مع وزير الخارجية نبيل عمار وعدد من المسؤولين التونسيين.

وقالت الرئاسة التونسية، في بيان، إن لقاء الرئيس قيس سعيد مع الوفد الليبي مثل مناسبة جدد خلالها رئيس الجمهورية التأكيد على موقف تونس الثابت الداعي إلى حلّ الأزمة في ليبيا وفق مقاربة تقوم على وحدة هذا البلد الشقيق ورفض التدخلات الخارجية في شؤونه الداخلية".

وبحسب البيان، فقد شدّد سعيد "على أهمية مواصلة تعزيز سنّة التشاور والتنسيق بين البلدين في كلّ المجالات، لا سيّما منها قطاعات الاقتصاد والاستثمار والطاقة والأمن".

كما أكّد سعيد على ضرورة "تكثيف الجهود لتحقيق تطلعات الشعبين في ليبيا وتونس نحو المزيد من التكامل عبر تذليل كل الصعوبات التي تحول دون ذلك وتجاوز بعض الإشكاليات المفتعلة التي تهدف إلى التشويش على علاقات الأخوة".

ودعا سعيد كذلك إلى "التعاون بين تونس وليبيا، ورفع التحديات الراهنة وتعزيز نسق الاجتماعات على كل المستويات وتطبيق الاتفاقيات الثنائية وتنويعها، وذلك انطلاقاً من الإرادة الثابتة والنوايا الصادقة للبلدين وإيمانهما الراسخ بالمستقبل المشترك وبوحدة المصير".

وأضافت الرئاسة التونسية أن لقاء الرئيس قيس سعيد مع الوفد الليبي مثّل أيضاً مناسبة للتطرق إلى عدّة ملفات ثنائية وقضايا إقليمية ودولية ذات اهتمام مشترك.

من جهتها، قالت وزارة الخارجية الليبية إن لقاء المنقوش والشهوبي مع الرئيس التونسي جاء في إطار الزيارة الرسمية للوفد الحكومي الليبي إلى تونس.

وكتبت المنقوش في تغريدة على تويتر "التقيت (الأربعاء) بالعاصمة التونسية رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد"، مشيرة إلى أن "اللقاء ناقش تطورات الأوضاع في السودان"، مؤكدة "موقف بلدينا الموحد الداعم لوقف إطلاق النار".

وأضافت "ناقشنا تواصل حكومتي ليبيا وتونس تطوير التعاون بينهما في شتى المجالات التي تعود بالخير على كافة أبناء البلدين".

ووفق المنقوش، فإن مباحثات الوفد الليبي مع المسؤولين التونسيين تركزت حول ملف الهجرة من السودان، حيث يرجح البعض أن تكون وجهة اللاجئين السودانيين من ليبيا إلى تونس للهجرة عبر البحر إلى أوروبا.

ويعتقد أن تكون المباحثات اللبيبة –التونسية قد تطرقت إلى التنسيق نحو توحيد المواقف في مسألة الهجرة، باعتبار أن القانون الدولي ينص على أن أي شخص فار من الحرب يصبح لاجئا يتمتع بكل الحقوق في حين أن الوضعين الداخلي التونسي والليبي مترديان.

وتستعد مراكز استقبال النازحين في أماكن قريبة من الحدود الليبية-السوداني إلى استقبال آلاف اللاجئين السودانيين، بعدما طالب المفوض الأممي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي الأربعاء الماضي الدول المجاورة للسودان بما فيها ليبيا، "إبقاء حدودها مفتوحة أمام اللاجئين”، مؤكداً أن "الأمم المتحدة ستزيد دعمها لحكومات الدول المجاورة للسودان مع استعدادها لاستقبال أعداد أكبر من الوافدين".

ولم يصدر حتى اللحظة أي تعليق من حكومة الدبيبة لجهة استعدادها لاستقبال اللاجئين السودانيين من عدمه، إذ يقول مستشار المنظمة الليبية لحقوق الإنسان جابر أبوعجيلة إنهم كمنظمات ونشطاء حقوقيين تواصلوا مع جميع مكونات السلطات الليبية في الشرق والغرب لتحديد خطة تتحرك على ضوئها الدولة في حال فر عدد من النازحين السودانيين تجاه الجنوب الليبي، "ولكن لم يصدر أي تفاعل رسمي حتى الآن وكأن السودان في قارة أخرى".

ولتفادي أي تأثيرات سلبية للمعارك السودانية في الجنوب الليبي، يطالب أبوعجيلة بـ"ضرورة الاتفاق على خطة طوارئ معلنة تشارك فيها كل الجهات المعنية الإنسانية والطبية لتتحرك في ما بعد على ضوئها".

من جهتها أكدت حكومة فتحي باشاغا أنها مستعدة لاستقبال اللاجئين المدنيين الفارين من الصراع الدائر في السودان، وفق تصريح المتحدث الرسمي باسم وزارة داخلية باشاغا الرائد محمد لاموشة الذي قال "هناك خطة أمنية جاهزة في حال فرار عدد من اللاجئين السودانيين تجاه الجنوب الليبي الذي تؤمن حدوده حالياً القوات المسلحة في الشرق بالتعاون مع وزارة داخلية حكومة باشاغا".

وأضاف لاموشة أن "الحكومة الليبية لن تجد أي صعوبة في استقبال النازحين واللاجئين من السودان، باعتبار أن الدولة الليبية أصبحت لديها تجربة في التعامل مع مثل هذه الأزمات، إذ سبق واستقبلت عدداً كبيراً من اللاجئين السوريين وأيضاً اللاجئين الليبيين الذين اضطروا إلى النزوح من مدنهم الأصلية إلى مدن أخرى بسبب المعارك المسلحة داخل مناطقهم".

وأوضح لاموشة أن "أماكن استقبال اللاجئين جاهزة ومتوافرة بطبيعتها منذ مدة تحسباً لأي طوارئ قد تعصف بالدولة الليبية بغض النظر عن الحرب السودانية، باعتبار أن ليبيا سبق ومرت بأزمات عدة"، مؤكداً أنه لن تكون هناك مخيمات بل مقار للاجئين السودانيين أو غيرهم، فليبيا لم يسبق لها أن استقبلت اللاجئين داخل مخيمات".

وقال إنه "لا يتوقع قدوم عدد كبير من اللاجئين إلى ليبيا، نظراً إلى أن المعارك تدور في العاصمة الخرطوم التي تبعد 2500 كلم عن أقرب نقطة حدودية مشتركة مع بلادنا".

أشار عضو البرلمان جبريل وحيدة إلى أنه "لا يتوقع قدوم لاجئين سودانيين إلى ليبيا بفعل بعد المسافة الفاصلة بين مركز الصراع في العاصمة الخرطوم ودارفور التي تعد المدينة السودانية الأقرب لمدينة الكفرة الليبية، حيث تقدر المسافة بينهما بأكثر من 1500 كلم".

وتابع أن "المسافة الحدودية بين البلدين هي عبارة عن صحراء قاحلة لا حياة فيها، مما سيعرض حياة اللاجئين السودانيين لخطر الموت من التعب أو العطش أو الضياع"، ولفت إلى أنه "سبق وحصلت نزاعات قبلية دموية في السودان ولم يتجه السودانيون نحو ليبيا"، مرجحاً أن تكون موجات النزوح "تجاه مصر أكثر لأنها دولة مستقرة".

وحذر وحيدة من "الخطر المحدق بليبيا التي ستتحول إلى ملاذ للعناصر المسلحة الفارة من الاشتباكات التي ستنقسم إلى مجموعات نهب وتهريب للبشر والوقود والجريمة المنظمة".