حكومة الخصاونة تهيئ الأردنيين للأسوأ

الأردن يعاني من تداعيات الحرب على غزة والأوضاع الملتهبة في البحر الأحمر.
الاثنين 2024/01/15
الوضع الإقليمي لا يخدم جهود إنعاش الاقتصاد الأردني

عمان - حمل اجتماع مجلس الوزراء الأردني الأحد رسائل غير مطمئنة للأردنيين، أهمها انتظار حصول قفزة في أسعار المواد الأساسية نتيجة التطورات الإقليمية المتمثلة في الحرب على غزة والأوضاع الملتهبة في البحر الأحمر.

ويرى مراقبون أن حكومة بشر الخصاونة تعمل على تهيئة الرأي العام الداخلي للمزيد من الضغوط الاقتصادية، في ظل مؤشرات على موجة تضخم كبيرة قد تصعب السيطرة عليها، وتضرر الحركة التجارية نتيجة الرسوم على الشحن التي تضاعفت بفعل تهديدات جماعة الحوثي.

ويعاني الأردنيون منذ سنوات من تداعيات أزمة اقتصادية خانقة أثرت على قدراتهم الشرائية، وقد قدمت الحكومة العديد من الوعود لتخفيف تلك الضغوط، لكن الظروف المحيطة لا تخدم جهودها.

ووجه رئيس الوزراء الأردني الوزارات والجهات المعنيّة إلى اتّخاذ جميع التّدابير والإجراءات اللازمة للتّعامل مع آثار تضخمية محتملة على السوق الأردنيّة، بسبب التطورات الإقليمية.

وقال الخصاونة خلال ترؤسه لجلسة مجلس الوزراء إن “15 في المئة من حجم التجارة الدولية تمر عبر مضيق باب المندب، وبحكم العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة جرت تطورات إقليمية أدت إلى ما تراه بعض شركات النّقل على أنه يشكل مخاطر على استمرار عبورها عبر المضيق”.

حكومة بشر الخصاونة قدمت العديد من الوعود للتخفيف من الضغوط الاقتصادية، لكن الظروف المحيطة لا تخدم جهودها

وأضاف الخصاونة أنه ووفق تقديرات دولية، بالإضافة إلى تقديرات وزارة النقل ووزارة الصناعة والتجارة والتموين، فإن كُلف شاحنات النَّقل ارتفعت ارتفاعا مطردا بواقع (160 – 170 في المئة) تقريبا للشّاحنات القادمة من جنوب شرق آسيا، وفي أحيان كثيرة من (60 – 100 في المئة) للشاحنات والكونتينرات الواردة من أميركا الشمالية وأوروبا، بالإضافة إلى رسوم تأمين البضائع المستوردة التي ارتفعت هي الأخرى.

ولفت إلى أن هذا الحال إن استمر، “ونأمل أن لا يستمرّ” سيُحدث أثرا تضخميا، لأن القطاعات التجارية والصناعية تعمل على قاعدة الربح المشروع، وبالتالي ستقوم بعكس الكُلف مع الهوامش الربحية، وعندما يكون هناك ارتفاع يُتوقَّع أن ينعكس ذلك على أسعار السلع والبضائع “لأن التاجر وبشكل محقّ لا يؤدي وظيفة اجتماعية بل يعمل على قاعدة الربح”.

وقال الخصاونة “واجبنا أن نحاول تخفيف بعض الجوانب التضخمية عبر إجراءات تؤدي إلى الحد منها في ما يتعلق بفروق السعر”، لافتا إلى أنه كلف نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية ووزيري المالية والنقل بتقديم مرئيات متعلقة بما نستطيع أن نقدمه “ليس في إطار نوافذ تمويلية لأننا لا نمتلك هذه النوافذ التمويلية في سياق التزاماتنا وقدراتنا المالية والسياسة العامة للدولة التي لا تقدم دعومات عامة، بل تقدم دعما باتجاه المواطن المحتاج وليس دعما للسلع منذ أن انتقلنا إلى تبني منهجية اقتصاد السوق والإصلاحات الهيكلية”.

وأضاف “ربما تكون لدينا وسائل للحد من هذا الأثر التضخمي عبر تبني إجراء شبيه بالإجراء الذي تبنيناه خلال جائحة كورونا في ما يتعلق بوضع سقف جمركي على قيمة الحاويات الواردة إلى سعرها وسقفها الذي كان قائما ما قبل تاريخ السابع من أكتوبر من العام الماضي”، لافتا إلى أنه وجه إلى اتخاذ هذا التدبير وهذا الإجراء.

ولفت رئيس الوزراء إلى أن القوات المسلحة الأردنيّة – الجيش العربي، كدأبها دائما التزمت بتوفير المواد الأساسية في أسواق المؤسسة الاستهلاكية العسكرية بأسعارها الحالية، لاسيما وأننا مقبولون على شهر رمضان المبارك بعد شهرين من الآن.

وكان البنك الدولي حذر، الشهر الجاري، من تأثير محتمل واسع النطاق للحرب الإسرائيلية في قطاع غزة على الاقتصاد الأردني، وشدد على أن استمرار الصراع سيتسبب في إحداث تأثيرات قد تكون جسيمة على الاقتصاد، خاصة في مجال السياحة وتأثيرها على إيراداتها.

ووجه رئيس الوزراء المؤسسة الاستهلاكية المدنية بتوفير مخزون وافر وكاف لكل المواد الأساسية، و”أن تحافظ على أسعار هذه المواد الأساسية حتى نهاية شهر رمضان المبارك، على الأقل، بصرف النظر عما قد نتحمله من كُلف مرتبطة بذلك، سواء في المؤسسة الاستهلاكية المدنية أو العسكرية”، لافتا إلى أن هذا الأمر بمثابة توجيه أساسي وقرار حكومي، آملا في أن “تنجلي هذه الغمامة قريبا وأن يتوقف العدوان على أهلنا في قطاع غزة”.

وطالب وزير الصناعة والتجارة والتموين بتشديد الأدوات الرقابية في الأسواق والتحوط والتثبت من الاستمرار في الحفاظ على مخزون إستراتيجي آمن من القمح والشعير وكل المواد الأساسية، مثلما هو الحال اليوم، قائلا “لا بد من تعزيز الأدوات الرقابية والردع الكامل لأي قلة أو فئة قليلة تبغي أن تضارب وتستغل الأوضاع الاستثنائية للتأثير على قوت المواطن وقدرته وتلبية احتياجاته المعيشية”.

وزير الصناعة والتجارة والتموين يطالب بتشديد الأدوات الرقابية في الأسواق والتحوط والتثبت من الاستمرار في الحفاظ على مخزون إستراتيجي آمن من القمح والشعير وكل المواد الأساسية

كما وجه وزيري الصناعة والتجارة والتموين والنقل إلى “ضرورة مراقبة أوضاع وانتظام حركة الشحن، مشيرا إلى أن انتظام حركة الشحن والبواخر باتجاه ميناء العقبة لم يتأثر جذريا، بمعنى أن انتظام الحركة الملاحية ما زال قائما، مع وجود تأخيرات بسبب لجوء الكثير من الشركات البحرية إلى عدم الولوج من مضيق باب المندب والذهاب باتجاه رأس الرجاء الصالح وهذا يترتب عليه تأخير في الشاحنات وليس توقفنا بشكل كامل”.

وأشار إلى العمل على إيجاد خيارات بديلة في إطار ما يُسمى بـ”خطوط تغذية” منوها في الوقت ذاته بأن الانتظام في وصول البضائع ما زال قائما، ولا توجد أيّ إعاقات، وهناك بعض الشركات التي توقفت بواخرها عن القيام بالإبحار عبر طريق باب المندب بدأت تراجع هذا القرار قبل أيام، لكن “ما نتحدث عنه هو الأثر التضخمي المحتمل أن يصيبنا بسبب الارتفاعات الكبيرة في كلف الشحن والتأمين، والتي يعكسها عادة التجار في إطار مشروع على أسعار البضائع”.

ووافق صندوق النقد الدولي، مع اقتراب انتهاء أجل برنامج سابق في مارس، على آخر جديد للأردن بقيمة 1.2 مليار دولار لمدة أربع سنوات، وذلك دعما للإصلاحات الاقتصادية.

وأوضح الصندوق أن القرار يتيح للأردن إمكانية الحصول بشكل فوري على دفعة أولية بحوالي 190 مليون دولار، على أن يتم توزيع المبلغ المتبقي على مراحل خلال البرنامج رهنا بإجراء مراجعات.

2