حكاية من هونغ كونغ

بشغف كبير، يتابع المشاهدون العرب الحلقات الأخيرة من مسلسل "العميل" الذي يجمع بين عدد من النجوم من بينهم أيمن زيدان، وسامر إسماعيل، ووسام فارس، ويارا صبري، وطلال الجردي، وهند باز وأيمن رضا، والذي تبين أنه مأخوذ عن مسلسل تركي تمت دبلجته إلى اللغة العربية تحت اسم "الدخيل" وهو من إخراج آي يابيم، وبطولة شاتاي أولوسوي، وآراس بولوت إينيملي، وجتين تكيندور، وبينسو سورال، وداملا كولباي، ومصطفى أوغورلو وغيرهم، ولكن يبدو أن النسخة المدبلجة لم تحظ بانتشار واسع على الفضائيات والعربية عكس "العميل" الحامل للكثير من قوة الأداء ودفق العاطفة وحرارة التشويق.
القصة تتحدث عن شابين في مقتبل العمر.. الأول يدفعه عرابه، بياع الكباب، وهو أحد زعماء المافيا إلى الانضمام إلى جهاز الشرطة، ليكون عينه التي تنقل له أخبار تحركاتها بما يساعده على تأمين نفسه ومشاريعه الإجرامية، وفي نفس الوقت يبحث عن أسرته التي افتقدها وهو صغير، والثاني ضابط شرطة يعتمد خطة سرية يظهر من خلالها كخارج عن القانون، يقضي عاما خلف القضبان بتهمة محاولة الاعتداء على مديره، ثم يغادر السجن لينضم إلى شبكة بياع الكباب، ويصبح أحد أعوانه البارزين، وهو في الواقع يرمي إلى البحث عن أدلة تدينه، ويبحث عن شقيقه الذي تعرض للاختطاف عندما كان طفلا. لكن كلما اقترب الضابط المزروع في صفوف المافيا من تحقيق هدفه كان ناشط المافيا المغروس في جهاز الشرطة ينقل المعلومة إلى بياع الكباب. وكثيرا ما كانت تحدث مواجهات بينهما دون أن يعلم كل منهما الهوية الحقيقية للآخر، إلى أن يكتشفا في الأخير أنهما شقيقان بينما لا يجد بياع الكباب من حل أمامه سوى الانتحار.
اللافت في الموضوع أن النسخة التركية مأخوذة بدورها عن الفيلم الأميركي "المغادرون" الذي عرض في الصالات التجارية عام 2006 وهو من إخراج مارتن سكورسيزي وسيناريو وليام موناهان، ومن بطولة عدد من أبرز نجوم هوليوود أبرزهم ليوناردو دي كابريو ومات ديمون وجاك نيكلسون ومارك وولبيرغ، وقد حاز عدة جوائز، من ضمنها أربع جوائز أوسكار في مهرجان توزيع جوائز الأوسكار التاسع والسبعين، وهي: أفضل فيلم وأفضل مخرج (سكورسيزي) وأفضل سيناريو مقتبس وأفضل مونتاج.
الفيلم الأميركي ورغم نجاحه إلا أنه لم يكن في مستوى النسخة الكورية الجنوبية المأخوذة بدورها عن العمل الأصلي "شؤون جهنمية" وهو فيلم صيني من هونغ كونغ أنتج العام 2002 من إخراج ليو وي تشيانغ وماك سيو فاي، وتأليف ماك سيو فاي وتشوانغ وين تشيانغ، وبطولة آندي لاو، توني. ليونغ تشيو واي وأنتوني وونغ وإريك تسانغ، وتحول إلى حالة إبداعية لم تحدث سابقا وقد لا تتكرر لاحقا، فقد حقق إيرادات قياسية في شبابيك التذاكر إلى درجة أنه صنع نهضة حقيقية لفن السينما في هونغ كونغ، وفاز بالعديد من الجوائز بما في ذلك أفضل فيلم وأفضل ممثل وأفضل مخرج، وتحول إلى مصدر إلهام حيث اقتبست منه أعمال يابانية وكورية وأميركية وإندونيسية وتركية وعربية.. إلخ، وقد تكون هناك عشرات الأعمال الأخرى التي اشتغلت على فكرته في السينما أو المسرح أو التلفزيون.
الأفكار الفريدة والطازجة والمليئة بالحركة والأبعاد الإنسانية يمكن أن تطير عاليا وبعيدا دون أن تقف في وجهها أيّ حدود أو حواجز.