حكام تيغراي لآبي: أرضنا مقبرة لجنودك وشعبنا لن يركع

أديس أبابا - توقعت إثيوبيا تحقيق انتصار سريع في صراعها الدائر حاليا مع حكام إقليم تيغراي لكن المتمردين الشماليين الذين أعلنوا التحدي توعدوا الأربعاء "بالجحيم" في الحرب المستمرة منذ أسبوعين والتي تهدد وحدة البلاد وزعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.
وأودى الصراع بحياة المئات ودفع نحو 30 ألفا إلى الفرار إلى السودان وأثار الشكوك حول ما إذا كان رئيس الوزراء آبي أحمد، أصغر زعماء أفريقيا سنا والحائز على جائزة نوبل للسلام عام 2019، يمكن أن يوحد الجماعات العرقية المنقسمة وكثيرة العدد في بلاده.
وفي تجاهل للنداءات الدولية بإجراء محادثات مع قادة الإقليم، أعلنت الحكومة الإثيوبية أن قواتها تتقدم صوب ميكيلي عاصمة تيغراي وستعلن النصر قريبا على الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي التي يتهمها آبي بالتمرد.
وذكر تلفزيون فانا التابع للدولة في إثيوبيا الأربعاء أن السلطات أصدرت مذكرات اعتقال بحق 76 ضابطا في الجيش بتهمة الخيانة لصلتهم بقادة إقليم تيغراي المتمرد.
وأكد المتمردون أنهم استولوا على دبابات ومدفعية خلال سلسلة انتصارات على الرغم من التفوق العددي للقوات الإثيوبية. وقالوا في بيان "تيغراي هي الآن جحيم لأعدائها.. شعب تيغراي لن يركع أبدا".
ولفتت الجبهة إلى أن آبي الذي كان قائدا عسكريا سابقا بالإقليم وشريكا سياسيا يضطهد جماعتهم العرقية ويعزل المسؤولين الذين ينتمون إليها من المناصب الأمنية والحكومية البارزة منذ توليه السلطة في 2018 ويريد الآن السيطرة عليهم بالكامل.
وقامت حكومة آبي بمحاكمة مسؤولين سابقين الكثير منهم من تيغراي على جرائم مثل التعذيب والقتل والفساد لكنها تنفي أي محاولة للهيمنة العرقية.
وأكدت لجنة الطوارئ الحكومية المشكلة للتعامل مع الأزمة في بيان الأربعاء "الحكومة الاتحادية... تشجب بأقوى العبارات التوصيف الخاطئ لهذه العملية بأن لها أي انحياز عرقي أو أي انحياز آخر".
وقال دبرصيون جبراميكائيل، الرئيس المنتخب لتيغراي في انتخابات لا تعترف بها الحكومة، في رسالة نصية إن قواته تراجعت لكنه نفى تدمير جسور أو طرق مؤدية إلى العاصمة. وأضاف "غيرنا خط دفاعنا ونتيجة لذلك فهم يدخلون بعض بلدات جنوب تيغراي".
واتهم زعماء تيغراي في بيان مطول القوات الحكومية باستهداف مدنيين وكنائس ومنازل. وتقول الحكومة إنها لا تستهدف سوى الأهداف التابعة للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي وتتهم قوات تيغراي باستخدام المدنيين دروعا بشرية.
أصبح إقليم تيغراي الشمالي معزولا بدرجة كبيرة عن بقية العالم مع حظر الإعلام وانقطاع الاتصالات وسحب عمال الإغاثة، كما تم اقتلاع مئات الألوف من منازلهم بينما تم وقف خدمات الإنترنت والكهرباء والبنوك.
وأضاف بيان حكام تيغراي "محاولة حكم شعب تيغراي بالقوة أشبه بالسير على الجمر ... تيغراي ستكون مقبرة المعتدين وليست ساحتهم".
وقال لاجئون إن ميليشيات من إقليم أمهرة المجاور هاجمتهم لاعتبارات عرقية وإن الغارات الجوية الحكومية تقتل مدنيين. ووردت تقارير كذلك عن فقد أبناء الإقليم لوظائفهم وتعرضهم للتمييز في مختلف أرجاء إثيوبيا.
واستخدم حكام تيغراي تعبير "إبادة جماعية". لكن حكومة آبي نفت مرارا أي نوايا عرقية خفية قائلة إن كل ما تقوم به هو استعادة حكم القانون وملاحقة المجرمين وضمان وحدة البلاد.
وأصول آبي مختلطة فهو ولد لأبوين أحدهما من عرقية أورومو والآخر من أمهرا وهما أكبر وثاني أكبر عرقيتين في البلاد.
يمثل سكان تيغراي خمسة في المئة من إجمالي سكان إثيوبيا. وهيمنت جماعتهم العرقية على القيادة السياسية في البلاد منذ 1991 حتى 2018 قبل أن يتولى آبي أحمد رئاسة الوزراء ويبدأ في فتح الاقتصاد والتعامل مع نظام سياسي قمعي قاد إلى سجن عشرات الألوف من السجناء السياسيين.
وفي تعليق نادر على أنشطة أحد الفائزين السابقين بجائزة نوبل، عبرت لجنة نوبل في أوسلو عن قلقها العميق هذا الأسبوع ودعت إلى حل سلمي للصراع.
وأطلقت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي صواريخ على إريتريا المجاورة مما أدى إلى تصعيد الحرب خارج الحدود. وللجبهة الشعبية عداء طويل الأمد مع حكومة الرئيس الإريتري أسياس أفورقي الذي أبرم معه آبي اتفاقية سلام فاز بفضلها بجائزة نوبل في عام 2019.
وجيش إثيوبيا من أقوى الجيوش في أفريقيا لكن العديد من كبار الضباط من تيغراي، وينشر الكثير من أسلحته الثقيلة في الإقليم الذي كان على خط المواجهة في صراع استمر نحو 20 عاما مع إريتريا بعد حرب دارت رحاها بين 1998 و2000.
وتتمتع قوات تيغراي أيضا بالصلابة القتالية ولها خبرة في القتال ضد إريتريا ولعبت دورا بارزا في الإطاحة بالدكتاتورية الماركسية عام 1991.
وأكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن منشآت الرعاية الصحية في تيغراي وأمهرة تعاني من نقص الإمدادات والمساعدات للعديد من الجرحى. وقالت رئيسة اللجنة كاتيا سورين "نشهد أزمة إنسانية مدمرة ليس فقط داخل إثيوبيا ولكن عبر حدوها".